من الظلم الشديد مؤاخذة عموم الإخوان بجريرة أشخاص يعدون على أصابع اليد حتى ولو تسموا بأسماء القيادة، ففي هذا التعميم قصور واختزال وظلم وفساد منهجي لا يأخذ في الاعتبار أن الإخوان ليسوا شيئاً واحداً وأن إصدار حكم على جماعة بهذا التاريخ والعمق والامتداد الشعبي والجغرافي يلزمه عودة للأدبيات التأسيسية النظرية من ناحية ، ول رأي السواد الأعظم -كما يسميه أهل السياسة الشرعية- من ناحية أخرى .. ورأي القيادة إن وافق الأدبيات النظرية وما اجتمع عليه السواد الأعظم يعتبر وينظر له باعتباره منتوجا حقيقيا، وإلا فلا قيمة له ولا يعتبر ولا ينظر إليه! كتبت ذات مرة أقول أن العلمانية دوماً مستبدة، ونسيت أن أقول أن العلمانية مرض يتسلل للجميع على السواء بما فيهم بعض "الإسلاميين" .. والاستبداد بالرأي والقرار لا يختص بمؤسسة الدولة، وإنما يمكن أن يوجد كامناً أو ظاهراً في أي بنية مؤسسية حتى ولو كانت تعتبر "إسلامية" والأساس النظري له واحد أيضاً وهو الإنفصال عن العمق الشعبي والقطيعة معه، مما يعمق عدم الشرعية والمشروعية، فيلزم الاستبداد، ويتوجب القمع والإقصاء .. وفي هذا مخالفة قيمية ومعرفية للنموذج الإسلامي ومرحلة متطورة جداً من "العلمنة الإسلامية"! ببساطة .. من امتنع عن نصرة المظلومين في أحداث محمد محمود بدعوى المؤامرة ولحماية مكتسبات سياسية، لم يعرف حقاً في أي يوم حسن البنا وسيد قطب ولا يمت لأدبيات الإخوان وتاريخهم وفكرهم بأي صلة، ومن الظلم اعتبارهم إخواناً بل وإسلاميين!! وإنما هي محض براجماتية عملية علمانية كامنة متطرفة تستمد قيمها وأحكامها ورؤيتها وقراراتها من الواقع والمصحلة، بلا مثل قيمية أو مبادئ فكرية حاكمة أو منظومة معرفية إسلامية ضابطة.. والله أعلم.