أظهرت الصحافة الصهيونية قدرًا كبيرًا من الصدمة في أوساط الكيان من حقيقة أن رئيس مصر القادم هو محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين، الجماعة التي تناصب تل أبيب العداء السافر، والأب الروحي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وذراعها العسكرية المعروفة باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام. تجلت تلك الصدمة في المقالات التي سوَّدت الصحف الصهيونية حيث أجمعت على أن فوز مرسي ينذر بحقبة صعبة من العلاقات مع الدولة العربية الوحيدة التي ترتبط معها بمعاهدة سلام رسمية (كامب ديفيد). وكتبت صحيفة هآرتس في عدد الثلاثاء أن المجلس العسكري في مصر سيتخذ الخطوات (الدستورية) كي يبقي في يده السلطة للدفاع عن مصر الحديثة في وجه التدهور أو الغرق نحو دولة الشريعة الإسلامية برئاسة رجال الإخوان المسلمين. وختمت الصحيفة العبرية بالقول بأن حل مجلس الشعب وما سبقها من قانون الضبطية القضائية هي مجرد "رصاصات البداية فقط في معركة متعددة المراحل ستكافح فيها المؤسسة العسكرية ضد التغيير المحتمل". وذكرت أن الخطوات التالية ستكون، أغلب الظن، خطوات مناورة جافة، وفي أعقابها، إذا دعت الحاجة خطوات أكثر شدة، ثم "خطوات ناعمة". وكتب المعلق أليكس فيشمان في صحيفة يديعوت أحرونوت تحت عنوان "مصر جديدة كلياً" أن "مصر لم تعد مصر نفسها، ولم تعد الحدود ذات الحدود، ومعاهدة السلام تحتضر، والأفضل لنا أن نشرع في تغيير نمط تفكيرنا". وقال إن "الجمهورية المصرية الثانية تحت حكم رئيس إسلامي ستقود التوترات القائمة بين مصر وإسرائيل نحو صراع ديني بدلا من خلاف سياسي وحدودي". ونصح فيشمان الصهاينة بأن "يوطنوا أنفسهم على حقيقة أن تخوم إسرائيل الجنوبية كلها تُعد حدودا عدائية، ومنطقة مواجهة". وأضاف أن نظاما مصريا تحت قياد إسلامية لن يوافق على الغارات الجوية التي تشنها تل أبيب على غزة، وأن اليوم الذي سيمسك فيه مرسي بزمام السلطة في ظل استمرار تلك الهجمات على القطاع سيكون هو اليوم الذي سيمثل إيذانا بانتهاء العلاقات الرسمية مع مصر. وتساءلت يديعوت أحرونوت في مقال لمجموعة من كتابها قائلة: إلى أي مدى سيكون الرئيس الجديد مصمما على فرض القانون والنظام على شبه جزيرة سيناء ولا سيما على الحدود. وأتبعت ذلك بالقول إن لهذا التصميم أو غيابه تأثيرا حاسما على مستقبل العلاقات بين البلدين. وذكرت صحيفة معاريف في تعليقها أن المداولات التي شهدها جهاز الأمن الصهيوني مؤخرا خلصت إلى التكهن بأن السيطرة المتوقعة للإخوان المسلمين في مصر ستفاقم فقط التوتر على الحدود "ذلك أن الحكم الجديد لن يسارع إلى معالجة الوهن الأميركي في سيناء وسيفضل الانشغال في بالمواضيع الداخلية ولن يطع إمرة الأمريكيين". أما الخبيرة بالشؤون العربية سمدار بيري فكتبت تقول إن قادة المجلس العسكري الأعلى في مصر حاولوا بإصدارهم الإعلان الدستوري المؤقت "تهدئة الروع". وتابعت بنبرة لا تخلو من سخرية واستخفاف متسائلة: ما هو المسموح للرئيس مرسي؟ ثم تجيب هي نفسها "أن يُعنى بالأزمة الاقتصادية، وأن يحاول تنفيذ الوعود التي نثرها في الحملة الانتخابية في القضايا الملتهبة كالفقر، والبطالة والعمل للأكاديميين، وتشجيع السياحة وملاحقة المستثمرين الأجانب الذين اختفوا من الساحة إثر سقوط مبارك. وما إن يحاول استعراض العضلات، سيطل عليه ضابط عسكري ليبلغه: هذا ليس من صلاحياتك". وخلص داني آشر -وهو عميد احتياط ومؤرخ مختص بتاريخ الجيوش العربية- في مقال منشور بصحيفة معاريف إلى أن المجلس العسكري الحاكم في مصر سيتخذ "كل الخطوات الدستورية كي يبقي في أيديه المكانة والمواقف التي يستطيع بواسطتها الدفاع عن مصر الحديثة في وجه التدهور أو الغرق نحو دولة الشريعة الإسلامية برئاسة رجال الإخوان المسلمين". وفي صحيفة إسرائيل اليوم، توقع الكاتب ليعاد بؤرات أن تسوء الأمور كثيرا في مصر. وقال: "من المحتمل جدا أن تشتعل مصر من جديد وبخاصة إذا وجد الإخوان المسلمون أن المجلس العسكري الأعلى يعوق مسارهم ويشوش عليهم". وفي صحيفة يديعوت أحرونوت كتب ايتمار آيخنر وآخرون أن سيناء ستصبح مثل أفغانستان وستهدد أمن الكيان كما أعربت قيادات جيش الاحتلال عن قلقها من نتيجة الانتخابات المصرية وما أسفرت عنه من تقدم للمرشح محمد مرسي، معتبرين النتيجة تصعيد خطيرًا،وشبهت القيادات العسكرية الصهيونية شبه جزيرة سيناء بأنها ستصبح مثل جنوب لبنان.