هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    تراجع سعر الذهب في المعاملات الفورية مع ارتفاع الدولار    رئيس الوزراء يلتقي رئيس وكالة اليابان للتعاون الدولي "الجايكا"    كشف المسكوت عنه بضياع تريليونات الجنيهات على مصر، خبير يضع حلًا لتعافي الاقتصاد المصري    يتسحاق بريك: خطة احتلال مدينة غزة ستعود بكارثة على إسرائيل    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي للتطرف والإرهاب    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    جلسة الحسم.. وفد الزمالك يجتمع بوزير الإسكان بمستندات جديدة    الرياضية: اتحاد جدة يستهدف لاعب زينيت    كلاب "بيانكي" تُثير الذعر في الإسكندرية.. 21 مصابًا في 48 ساعة    انتهاء امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة الدور الثاني 2025    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    في القصاص حياة.. تنفيذ حكم الإعدام في سفاح الإسماعيلية.. الجاني ذبح مواطنًا وفصل رأسه وسار بها أمام المارة في الشارع.. والمخدرات السبب الرئيسي في الجريمة البشعة    86 قطعة أثرية.. افتتاح معرض "أسرار المدينة الغارقة" بمتحف الإسكندرية القومي    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    عميد "قصر العيني" يتفقد المستشفيات ويوجه بدعم الفرق الطبية وتوفير أفضل رعاية للمرضى    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    المصرية للاتصالات : الانتهاء من ربط مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة "كورال بريدج"    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    رئيس الوزراء يلتقي محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي لبحث تعزيز الاستثمارات    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    غدا.. ويجز يشعل مسرح «يو ارينا» بمهرجان العلمين    "في كيميا بينا".. أحمد سعد يعلق على ظهوره مع ياسمين عبدالعزيز    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى حجازي: النخبة السياسية خانت الشعب
نشر في التغيير يوم 06 - 06 - 2012

«فلان يغرد خارج السرب» .. مقولة اعتدنا ذكرها للإشارة إلى كل من يقوده نبوغه إلى حالة من التفرد عن رفقائه وأقرانه، يحلل الدكتور مصطفى حجازى، الخبير فى مجال التطوير المؤسسي و«صناعة الفكر» واقع نتائج انتخابات الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ودلالتها فيما يخص قدرة الشعب على تجاوز «الماضى» والعبور إلى مستقبل تتغير فيه ملامح المشهد السياسى بالكلية، متوقعًا تفكك «تنظيم» الإخوان الذى «ينتحر سياسيا وإنسانيا»، واختفاء «النخبة السياسية» التى قال عنها إنها «خانت الشعب» - حسب قوله.
كما يبرز حجازى- صاحب مبادرة إحياء «التيار الرئيسى المصرى»- الفوارق بين نظام مبارك «الفاسد»- على حد قوله- والذى يمثله فى جولة الإعادة أحمد شفيق، وبين تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذى يمثله محمد مرسى، مشيرا إلى أن «النظام» أقل خطورة من «التنظيم» وإن كان كلاهما لن يستطيع مجابهة التيار الوطنى الجامع الآخذ فى التشكل حاليا،
هذه الأفكار المطروحة هنا هي محاولة للتفكير خارج الصندوق أو خارج الإطار التقليدي بصوت عال، وليست بالضرورة نظريات نهائية مبرهنة أو خططا جاهزة لوضعها موضع التنفيذ. باختصار هي محاولة للاجتهاد واستفزاز الطاقة العقلية. وإلى نص الحوار..
ما أسباب ضعف الإقبال على التصويت فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟
السبب حالة الحيرة التى انتابت المواطنين قبل الانتخابات، وهى مبررة، لسببين، الأول: أن الانتخابات الرئاسية تشهد اختيارا حقيقيا لأول مرة فى حياة المصريين، والمرات السابقة سواء فى الاستفتاء أو انتخابات مجلس الشعب كانت بمثابة التدريب.. المواطن المصرى لم يعتد الاختيار على قاعدة بها بدائل كثيرة، هو فى هذه الانتخابات كان يقوم ب«صناعة اختياره» وهذا السبب الأول فى زيادة الحيرة وضعف الإقبال، أما السبب الثانى، فهو أنه يختار بين اختيارات ليست فيها أفضليات، ويوازن بين خطر وخطر أقل منه، وكان فى بعض الأوقات يصل إلى قناعة أن الاختيار يكون بين سيئ وأقل سوءًا، لأن كل المرشحين، مع احترامنا لهم، لم يجد فيهم المواطن من يمثل بالنسبة له ملامح العبور للمستقبل المرجو، لذلك انتهى الأمر إلى حالة من العزوف النسبى، أثرت سلبيًا على النتائج، لأن عدد المشاركين لو زاد مثلاً إلى 35 مليون مواطن كنا سنضمن تواجد مرشح ثورى فى جولة الإعادة.
ما دلالة اختيار أكثر من 5 ملايين ناخب لمرشح النظام السابق أحمد شفيق؟
لا يمكن أن ننظر إلى هذا العدد بمعزل عن الكتلة التصويتية الشعبية الواسعة.. هناك 50 مليون مواطن لهم حق التصويت، حين يمنح 5 ملايين أصواتهم لأحمد شفيق، فهذا يعنى أن نسبة %10 فقط من المصريين صوتوا للنظام السابق، وأرى أن هذه النسبة منطقية إذا ما نظرنا إلى أن الثورة قامت للإطاحة بنظام متشعب عمره 40 عامًا وليس 30 عامًا.. حين يتواجد لديك %10 من أبناء الشعب مدلس عليهم أو مالوا لحالة من الاستكانة والاستعباد وبحثوا عن هذا النوع من الأمان الأقرب إلى أمان السجين داخل سجنه فهذه نسبة قليلة، والأزمة من وجهة نظرى ليست فى هذا العدد ولكن فى التيار الثورى الوطنى.
وما أزمة هذا التيار الثورى الوطنى؟
هناك أزمتان رئيسيتان لهذا التيار، الأولى، هى أن المصريين لم يعتادوا المشاركة فى العمل السياسى واكتفوا طوال الستين سنة الماضية بالمشاهدة، وحين تحولوا للمشاركة وجدوا حالة من الاستقطاب السياسى الحاد ومحاولات لضمهم للعمل تحت رايات مختلفة، وهذا أمر شديد القسوة أدى إلى تفتيت الأصوات وتشتيت الجهد، والأزمة الثانية، تتمثل فى أن كل شخص يحاول الالتحاق بالتيار الوطنى الرئيسى يقوم بخطأ واضح، وهو محاولة نسب هذا التيار إليه بدلاً من أن يعلن انتسابه لهذا التيار، وبصورة أبسط كان يجب على عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى ألا يقولا إن التنوع الذى يتواجد لديهما يمثل التيار المصرى الرئيسى، وأن يقولا إن ما لديهما من تنوع ينتمى للتيار المصرى، لأن القول بأن هذا التيار ينتمى لشخص، فهذا معناه أننا منحنا هذا التيار لونًا، وهذا التيار بلا لون.
هل حرمت تلك الأخطاء الثورة من وصول أحد ممثليها لجولة الإعادة رغم تصويت قرابة %65 لمرشحين ثوريين؟
بالتأكيد، ويجب أن نشير هنا إلى دلالة تصويت هذه النسبة للمرشحين الثوريين «أبوالفتوح وصباحى ومرسى» فهى تؤكد أن كل المحاولات التى يبذلها النظام السابق، - وأطلق عليه الماضى - لإضعاف المستقبل باءت بالفشل، وهُزم الماضى يوم 11 فبراير وإن كان إجرائيا أكثر تنظيما، وذلك لأنه ابن عصر قوته فى تنظيمه ونمطيته، أما المستقبل الذى منحه قرابة %70 من المصريين أصواتهم فهو يمثل عصرا جديدا، عصر الحكمة، الذى لا يعترف بالتنظيم فى شكله التقليدى، ولكن سمته الأساسية هى التنغيم.
ماذا تقصد بالتنظيم والتنغيم وما الفارق بينهما؟
التنظيم هدفه الأساسى البقاء وهذا مثلاً نراه فى جماعة الإخوان المسلمين، حين تريد فى التنظيم توجيه مجموعة من الأفراد إلى جهة ما، تقول لهم قفوا فى صفوف، واسمعوا ونفذوا الأوامر قبل أن تعرفوا المطلوب، وآخر شىء يعرفه أفراد التنظيم هو الهدف من الأفعال التى يقومون بها، أما التنغيم فهو العكس، لأنه يبدأ من تحديد الهدف الذى تريده ثم الإلحاح على توضيح الهدف لخلق حالة من المواءمة بين الهدف وأهداف الناس، مثلما حدث فى الثورة، حيث كان الجميع فى حالة تناغم وليس تنظيما من أجل هدف واحد.
على ذكر الإخوان، ما الحل من وجهة نظرك لخلق حالة من الاصطفاف الوطنى خلف مرشحهم فى الإعادة؟
الإخوان أصروا على أن «يغرسوا» باختيارهم فى «الرمال الناعمة» على مدار العام والنصف الماضى، فى كل مرة كانوا يزيدون الحمل على أنفسهم، هم الآن أمام أزمة لأنهم فى حاجة لإحداث تغييرات جذرية لتجاوز هذه المرحلة.
وما هى هذه التغييرات الجذرية التى يحتاجون إليها؟
الضمانة الوحيدة لدى مجتمع حرقت جسور الثقة بينه والإخوان أن تقدم الجماعة على ما لا تستطيع الإقدام عليه، مثل التنازل عن فكرة الترشح أساساً وهذا أمر مستحيل، وأريد هنا أن أنبه إلى أن هناك مقولة خاطئة، وهى أن يعطى الإخوان ضمانات فيقوم الشعب بدعمهم، لأن الشعوب الحرة لا تدعم ولا تبايع على ضمانات.. الشعوب الحرة تحيى بشروطها هى، ويلحق بها من يلتحق فتقبل به على أمل ألا تلفظه، مع الأسف الصورة معكوسة تمامًا، فالجماعة تتصور أنها ستتفضل على الشعب بضمانات فيدعمها ويهرول إليها، هذا غير صحيح تمامًا، الشعب يحيى بشروطه ولن يقبلك أو يقبل غيرك إلا على خلفية ألا تستبد بالأمر، فإذا أنت التحقت بالصف الوطنى قبلك الشعب، وهذه معضلة فكرية لدى الإخوان وغيرهم، والأزمة الآن، أن فكرة الخروج من السباق الرئاسى أصبحت مستحيلة، وهنا يحاول البعض التلويح بضمانات جذرية، قد تصل إلى حل التنظيم، وهذا أمر طالبتُ به أكثر من مرة وبأكثر من وسيلة، عليهم أن يخرجوا من شرنقة التنظيم، أيًا كان المسمى، الفصل بين العمل الدعوى والسياسى أو العودة بالجماعة إلى أن تكون دعوية أهلية.
لماذا ناديت بهذا أكثر من مرة وما الداعى لحل التنظيم فى المرحلة الحالية؟
ناديت بهذا لأن كل الكيانات المنظمة التقليدية، مآلها إلى زوال لا محالة، كل الكيانات التى تعتمد على التنظيم فقط ستزول، ومن ينظر لحال جماعة الإخوان قبل 15 عامًا يدرك صحة ذلك، أقول إن الإخوان ثلاثة أمور «فكرة وجماعة وتنظيم»، ومنذ فترة بدأ التمايز بين أهل الفكرة وبين أهل الجماعة وبين أهل التنظيم، والتنظيمات فى العالم أجمع بدأت تتحلل، وانتهت بشكل قسرى مثل الفاشية والنازية وغيرهما، هذه التنظيمات ومعها تنظيم الإخوان كلها ابنة عصر الصناعة، ما وجد عام 1928 يمثل أفكار أبناء هذا الجيل، والعصر الجديد لا يقبل بالاستقطاب يقبل فقط بالتعددية، وبوجود أطراف كثيرة وليس طرفين فقط، يحدث بينهما صراع مثلما كان الحال فى عصر الصناعة.
إذا كانت هذه التنظيمات انتهت إلى زوال فهل يمكن لتنظيم الجماعة أن يواجه نفس المصير؟
الإخوان فى معركتهم الأخيرة، ومن الأفضل أن يعيدوا علاقتهم بالفكرة أكثر من التنظيم، لأن التنظيم إلى زوال لا محالة، فهو إما أن ينتحر سياسيًا وإنسانيًا، بالجفوة بينه وبين المجتمع التى تصل إلى حالة من النفور العام، أو يسلك المسلك الآخر، الذى تدفع فيه سيكولوجية التنظيم إلى اعتبار كل من بخارجه عدوا، وأود هنا أن أشير إلى فارق دقيق بين «التنظيم الفاسد» و«النظام الفاسد».
ما الفارق بينهما؟
النظام إذا فسد يكون عدوه شعبه، أمّا التنظيمات إذا فسدت يكون عدوها شعبها ومؤسسات الدولة، على سبيل المثال هناك حزب الله فى لبنان وهو تنظيم يقوم على فكرة سامية جدًا تتمثل فى الانتصار لحق المقاومة وحماية الأراضى اللبنانية، هذا التنظيم الآن وضعه مختلف، ولا ينكر أحد أن حزب الله يهتم بأن يكون سلاحه أقوى من سلاح الجيش اللبنانى، وأن سلاح الجيش اللبنانى يعد خطرًا على الحزب، إذن التنظيمات حين تفسد يحدث تضاد بين مصالحها ومصلحة الدولة، وهنا أزمة كبرى لأن التنظيم إذا حاول أن يخرج من الحالة التى وصل إليها ستكون النتيجة المنطقية حل التنظيم، أنت هنا تطلب منه إما أن يبقى بشروط بقاء التنظيم أو يفنى بشروط اختفاء التنظيم، هذه هى الحالة العبثية التى يصل إليها أى تنظيم ومن بينها الإخوان.
وما النتائج التى تترتب على هذه الحالة؟
تترتب حالة من حالات العمى والخديعة التنظيمية، كل تنظيم يحاول فى البداية تنقية الأفكار فى «شرنقة تنظيمية» وهو هنا يخدم المجتمع بدون شك، لكن المرحلة التالية يتغير فيها الوضع حيث يعتبر التنظيم كل ما بخارجه عدوا، فيصطدم أولاً بطوائف شعبه وهذا حدث وما زال فى لبنان، فحزب الله يعتبر كل الطوائف اللبنانية الأخرى فى مصاف عدوه، وإذ وصل الأمر بالتنظيم إلى حالة تضاد مع الشعب ومع الدولة، تبدأ المرحلة التالية، يحاول تقوية صفوفه فيغرق فى الرمال الناعمة ويختفى تمامًا، أقول إنه إذا كانت حالة فك التنظيم والانفتاح على المجتمع فى نظر الإخوان وسائر التنظيمات التقليدية أمرا بالغ الخطورة، فواقعيًا هى الأقل خطرًا، وكل ما يبدو لهم سُمّا يتجرعونه الآن اختياريًا سيتحول فى حق التنظيم إلى حالة من حالات الحرق بلا رحمة من مجتمعاتهم التى لن تبكى عليهم.
هل تتوقع أن يستوعب الإخوان هذا التحدى ويلجأون إلى تغيير سياساتهم؟
لا، سيستمر نفس التفكير القديم، الخديعة التنظيمية التى تقول إن «كل من بخارج أسوارك هو عدوك» ستتجلى، وبعدها ستبدأ الجماعة فى التركيز على حسابات ومنطلقات تختلف تمامًا عن حقيقة الأمر، وسينتهى الأمر إما إلى اتخاذ مواقف عدائية جدًا تجاه المجتمع والدولة، أو التنكيل بالمجتمع والدولة، وأقصد هنا تنكيلا فعليًا، وينتهى الأمر إلى صدام محسوم.. وأعتقد أنه لا يوجد عاقل يقول إن مؤسسات الدولة، على تحللها، أضعف من أبنائها، هذه حقيقة شئنا أم أبينا، والمشكلة الأخرى أن العداء التاريخى للتنظيم الإخوانى هو عداء مع مؤسسات الأمن، والعقيدة المتبادلة بينهما هى العداوة، كنت أتمنى أن تكون العداوة الإخوانية مع مؤسسات فكرية فنقابل الفكر بالفكر فتحدث مراجعات، المشكلة أنها مع مؤسسات غاشمة جدا لا تفهم إلا صراع القوة، والمشكلة الكبرى أن الإخوان يحيلون هذا الصراع إلى صدام قوة أمام قوة.
هل لذلك يلجأ الإخوان لمحاولة استصدار تشريعات ضد هذه المؤسسات؟
التنظيم عقيدته أن شعبه عدوه ومؤسسات دولته عدوه، أمّا النظام الفاسد شعبه هو عدوه، فيعمل على إنهاك شعبه، مثلما كان يفعل مبارك، لذلك يخوض الإخوان الآن صراعات مع مؤسسات الدولة، ونسمع عن رغبة فى وجود «كوتة إخوانية» فى الشرطة ما يعنى وجود ميليشيات إخوانية، ثم تتحدث الجماعة عن القضاء وتقول إن هناك قضاء عرفيا، ما يمهد لإنشاء دولة موازية لسحب كل صلاحيات الدولة الأصيلة، وينتهى الأمر فى نهاية المطاف إلى إضعاف مؤسسات الدولة الأم، ومع الأسف الجماعة لم تبق ولم تذر، فهى تتحدث عن كل المؤسسات دون استثناء.. المحكمة الدستورية العليا والأزهر والجيش والشرطة، إضافة إلى ذلك فإنها تتحدث وتعلن أنها تمتلك جهاز مخابرات يرصد ويتابع وهذا أمر فى غاية الخطورة، ثم حين يتم إعلانه من شخص بوزن خيرت الشاطر وبصورة غير عفوية، فهذا إعلان أننى موجود الآن بحالة دولة تنظيمية داخل إطار الدولة، ولدى القوة أن أعلن عن ذلك دون أن يحاسبنى أحد، وأؤكد أن الشاطر كان يجب أن يُسأل عما قاله ويحاسب من أجهزة الدولة.
وجود مخابرات إخوانية وأجهزة مختلفة تابعة للتنظيم كما ذكرت ما دلالته خلال المرحلة الحالية؟
دلالته، أن الحالة السيكولوجية التنظيمية للإخوان، أصبحت تؤكد أن هناك دولة داخل الدولة، وأن الجماعة لا تستطيع أن تحيى بصورة طبيعية فى الدولة، بدليل أن التنظيم يجد أن عداواته فى محيطه تلزمه بأن تكون لديه نفس مؤسسات الدولة، لقد وصل لحالة من حالات اليقين أنه لا يستطيع أن يحيى كجزء من هذه الدولة، قرر أن يضع لنفسه كل الأدوات والمؤسسات التى تناوئ مؤسسات الدولة، وهذا دفعهم لملاحقة كل المؤسسات التى أصبحت فى مرمى نيران الجماعة، ومع الأسف لن تقوى على ذلك، لأن التنظيمات لا تستطيع أن تبتلع دولاً لذلك تسعى لإضعاف الدولة أمام التنظيم، «الإخوان» دخلت فى حالة من المقامرة السياسية تلتها حالة انتحار سياسى ثم أخيرًا انتحار إنسانى.
بإسقاط هذا الكلام على الوضع الحالى هل النظام الفاسد أقل خطرًا من التنظيم الفاسد أو بمعنى آخر هل شفيق أفضل من مرسى؟
النظام الفاسد، أقل خطرًا من التنظيم الفاسد، شفيق ولو كان امتدادا لنظام فاسد، وهو كذلك، فهو فى عقيدته أننا كلنا كشعب عدوه، لكن من ضمن عقيدته أيضًا أن يقوى مؤسسات الدولة لصالحه، والنتيجة أن لدينا مؤسسات قوية لكن تستخدم فى غير موضعها، ولكن الطرف الآخر، يدخل فى عداء مع الشعب ومع المؤسسات بدون قصد ويدخل فى الخديعة التنظيمية، كما أن فكرة التنظيم تتجاوز فكرة الدولة والأخوة والدم وكل شىء، وذلك لأنها أمام خيارين إما الاستمرار أو الانتحار، أو الحال الثالث أن تكسر الحواجز التنظيمية وتذوب فى المجتمع تذوب بالفكرة وتوجد لها مناطق أخرى.
في حال نجاح المرشح الإخوانى.. هل يقوى التنظيم أم يضعف؟
إذا غابت الدولة بالكلية وغاب الشعب بأكمله فإن التنظيم سيقوى ويتحول لحالة إقطاعية واسعة جدًا، لكن مع وجود حد أدنى لشعب واع وفى وجود جهاز دولة قوى لن يكون الأمر بهذه السهولة، الأزمة أن المؤسسات التى يصطدم معها هذا التنظيم، مؤسسات قوية، لو حاولنا التحدث عن محاولات استشراف مستقبل فإن الغلبة فى النهاية للدولة والشعب وهذا أمر مقطوع به بإذن الله ولن تكون لأى تنظيم غلبة فى دولة مثل مصر، لذلك ندعو كل صاحب تنظيم، ندعوه من أجل سلامته أن يخرج للمجتمع، من أجل سلامة فكرتك، اخرج للمجتمع.. وإذا لم يحدث هذا، والله غالب على أمره، فستجد أن الدولة والمجتمع أعداء لك، ولن يكون هناك «بواكى» على هذا التنظيم، بالعكس فى حال حدوث صدام بين المؤسسات والتنظيم ستكون هناك مباركة مجتمعية للتنكيل بالتنظيم، لأن الجفوة بينك وبين المجتمع ستؤدى إلى نفور ثم عداء والخاسر الوحيد فى تلك الحالة هو التنظيم مهما كبر، خاصة أن الحالة الإخوانية عندنا ليست 5 ملايين كما يروج لها، هى 250 ألف عضو ومثلهم من المحبين، أما ال 4.5 مليون الآخرين فأيدوا الإخوان سواءً تحت تأثير اللحظة أو لقناعتهم أنها أفضل، وهذا العدد إن ابتعد عن الجماعة فستكون الخسارة فادحة لها.
هل تستطيع النخبة السياسية إحداث أى تغيير فى هذا المشهد أو فى الشارع المصرى عمومًا؟
النخبة السياسية «خانت» الشعب، وهذه الخيانة ليست مقصودة كخيانة طبع، لكن الإصرار على الوجود فى أماكن هى غير مؤهلة لها هو نوع من الخيانة.. النخبة تصر على ألا تفارق أماكن القيادة وهى مع الأسف غير مؤهلة لتلك المواقع، هى الآن مصابة ب«عمى الذاتية» تحاول فقط إنكار المسؤولية وإثبات الذات، رغم أننا فى حاجة شديدة لعدم رفع أى راية من الرايات الحزبية فى الفترة الحالية، هذه النخبة فشلت بالإجماع والشارع من صنع الثورة والنخبة تلته فى ذلك، وكان لزامًا عليها أن ترى ملامح الشارع، وتتعلم منه، بدلاً من أن تتحدث باسمه، وهى لم تقده ولن تقوده فى المستقبل، كل ما قامت به خلال الفترة الماضية منذ قيام الثورة هو الفصل بين المجلس العسكرى والشعب، وهى إلى زوال ولن تستمر كثيرًا فى تصدر المشهد، لكن تحديد وقت زوالها يرتبط بقدرة التيار الرئيسى الوطنى على تولى دفة الأمور.
ومتى يفرز هذا التيار قياداته؟
أزمة هذا التيار أنه بين الحين والآخر يظهر من يحاول أن «يتفزلك» عليه، فيطالبه بعدم ممارسة السياسة إلا من خلال الحياة الحزبية، وبعد دخول الشباب الأحزاب لا يجدون فيها ما يريدونه، لذلك أقول إن حركة الأحزاب يجب أن تكون نابعة من حركة الشارع وليس العكس، لأن المشهد السياسى فى المرحلة المقبلة سيبنى على أساس، هو التيار المصرى الوطنى الجامح الذى سيتكون من مجموعة من الجمعيات والفعاليات يقوم بها أناس غير مسيسين بالمفهوم التقليدى للتسييس، سيكون هذا التيار بمثابة القلب وعلى جانبيه طرفان، يختارون لأنفسهم الأسماء التى يريدونها، طرف إسلامى وآخر مدنى أو غير ذلك، وسيكون القلب هو المحرك لهذا الجسد بأكمله، وسيتراجع حجم القوى التقليدية مثل القوى الإسلامية إلى نسبة مشابهة للنسبة التى حصل عليها الإخوان فى انتخابات الرئاسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.