في ظل انتخابات وشيكة .. وجمهورية ثانية على بعد خطوات .. وسباق رئاسي يبدو في الأمتار الأخيرة .. تظل حالة التخبط والتشتت تسيطر على الأوضاع السياسية في مصر . الصمت الانتخابي أطبق أحكامه انتظارا لرئيس قادم يحكم مصر دون تحديد صلاحيات ولا اختصاصات وهو ما فتح بابا جديدا لجدل دستوري قد لا ينغلق بسهولة ، وبدت مصر وكأنها في سباق محموم مع الزمن لوضع صلاحيات جديدة للرئيس المجهول . ففي الوقت الذي تناثرت فيه التوقعات والتأكيدات بأن المجلس العسكري بالتشاور مع البرلمان سيصدر - خلال ساعات قليلة قبل بدء عملية التصويت لاختيار الرئيس - إعلانا دستوريا مكملا يحدد صلاحيات الرئيس ، جاءت ردود الأفعال متباينة ما بين مؤيد للإعلان الدستوري الجديد ، وما بين طالب "مشاركة" في وضع صلاحيات وتحديد الاختصاصات ، وبين رافض للأمر في مجمله . تيارات سياسية.. نعم.. لا من جانبها ، أعلنت الجماعة الإسلامية أنها تعكف على دراسة وتحديد موقفها إزاء إمكانية صدور إعلان دستوري مكمل، حتى وضع دستور دائم للبلاد، رغم ما قد يسببه من "إشكاليات". وأضافت الجماعة في بيان أصدرته ، السبت ، أنها ترى في ذلك "أقل الحلول المتاحة سوءا"، حيث لا يمكن العودة لدستور 1971 في ظل الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية على حساب السلطات الأخرى، كما لا يمكن إتمام الدستور الجديد والاستفتاء عليه قبل جولة الإعادة بين مرشحي الرئاسة. أما حزب البناء والتنمية - الجناح السياسي للجماعة الإسلامية - وعلى لسان علاء أبو النصر الأمين العام فقد ذهب إلى مطالبة المجلس العسكري بالمشاركة في وضع الإعلان الدستوري المكمل . من جهته ، فقد قال حزب النور السلفي على لسان المتحدث الرسمي باسمه يسري حماد٬ إن الغرض من الإعلان الدستوري المكمل هو تحديد صلاحيات الرئيس المقبل "منعا لإطلاق صلاحياته المنصوص عليها في دستور 1971" الذي عطل العمل به بعد الثورة . وفي المقابل٬ فإن حزب المصريين الأحرار أكد ، كما قال أحمد خيري المتحدث الرسمي باسمه٬ ضرورة العودة إلى دستور 1971 لأن الإعلان الدستوري الذي جرى الاستفتاء على تسع مواد منه فقط لا يختلف عن الدستور السابق في صيغته المعدلة. في حين كان رأي النائب البرلماني عمر حمزاوي - أحد ممثلي التيار الليبرالي تحت القبة البيضاء - أن الإعلان الدستوري المكمل سيتناول صلاحيات الرئيس المنتخب " في إطار ضيق لا يتعارض مع الإعلان الدستوري الذي تم الاستفتاء الشعبي عليه"٬ موضحا أن النص الجديد سيوضح صلاحيات الرئيس في الاعتراض على القوانين التي تصدر من مجلس الشعب وكذلك علاقة الحاكم المدني المنتخب بالمؤسسة العسكرية. مرشحو الرئاسة.. رفض مطلق وعن مرشحي الرئاسة ، فقد أبدى الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، المرشح لرئاسة الجمهورية ، انزعاجه الشديد لما تم تناوله عن إصدار إعلان دستوري مكمل في وقت قريب، مؤكدا أن إقرار المواد الدستورية شأن خاص بالشعب وحده، ولا يحق لأي جهة إصدار أو تغيير أي مواد دون الرجوع للشعب باعتباره صاحب الحق الأوحد في إقرار دستوره ومواده. وأوضح أبو الفتوح، في بيان صحفي عصر اليوم، أن المرحلة الانتقالية الآن تتم إدارتها وفق إعلان دستوري تم إعلانه بعد إستفتاء وافقت عليه الأغلبية بعد ثورة 25 يناير في شهر مارس 2011 خلال المرحلة الانتقالية فقط وحتى يقر الشعب دستوره الجديد، ويحدد هذا الإعلان الدستوري صلاحيات الرئيس في المرحلة الانتقالية، وهي "ذاتها الصلاحيات التي اعتمد عليها المجلس الأعلي للقوات المسلحة في ممارسة مهام رئيس الجمهورية لأكثر من عام مضى". بينما أكد عمرو موسى، مرشح رئاسة الجمهورية، أننا لسنا فى حاجة إلى إعلان دستورى مكمل فى الوقت الراهن مشيرًا إلى أن الاعلان الدستورى الحالى كافِ لهذه المرحلة. وأضاف موسى خلال مؤتمر صحفى عقد اليوم الأحد، بمقر حملته الانتخابية بالدقى، أن الأخبار التى تعلق بالإعلان الدستورى المكمل، لم تسفر عن طرح واضح حتى الآن حتى يستطيع أن يوافق عليه أو رفضه. خارج السرب بدا الدكتور محمد البرادعي أنه يغرد خارج السرب ، حيث عبر عن تخوفه من أن يجعل الإعلان الدستوري المكمل الجيش "دولة فوق الدولة". وقال البرادعي عبر حسابه الشخص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إنه يخشى من أن يتضمن الإعلان الدستوري المكمل المنتظر إصداره من قبل المجلس العسكري منح الجيش صلاحيات الموافقة علي القوانين الخاصة به وحق إعلان الحرب وتفويضه في صفقات السلاح مؤكداً أن تلك الصلاحيات ستجعل من الجيش "دولة فوق الدولة". وأشار البرادعي إلى أنه بدون دستور جديد ستستمر الأمور في التدهور مؤكداً أن المخرج من الأزمة هو إعطاء الرئيس المنتخب في الإعلان الدستوري صلاحية تشكيل لجنة توافقية لوضع دستور لكل المصريين. العسكري .. لا مشاركة وما بين الموافقة والممانعة ومطلب المشاركة ، خرجت مصادر عن المجلس العسكري تؤكد أنه من حق العسكري دستوريًا أن يصدر أي تعديلات أو إضافة على الإعلان الدستوري "بدون استفتاء" ، حتى الإعلان الرسمى عن تسليم السلطة لرئيس منتخب، بعد الإعلان النهائى لنتيجة الانتخابات، سواء تم حسمها من الجولة الأولى، أو من الجولة الثانية. ورفض المصدر الحديث عن موعد الإعلان عن المواد الدستورية المضافة "الإعلان الدستورى المكمل"، وهل سيكون ذلك قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أو بعدها، معتبرًا أن الأهم أن يكون هناك فصل بين السلطات الرئاسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية، حتى لا يحدث تصادم، إذا لم يحدد دستور البلاد الفصل بين السلطات، وخصوصًا مع تعنت بعض القوى الحزبية ومحاولات الانفراد أو الهيمنة.