استضاف مجلس تحرير صحيفة «التغيير» الإليكترونية أمس الثلاثاء ( 8 مايو 2012) الدكتور محمد هشام راغب عضو مجلس أمناء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وأحد قادة جماعة التبليغ والدعوة، ورئيس تحرير جريدة" الوسط" الإليكترونية. «مجلس التحرير» الذي تعقده هيئة تحرير صحيفة «التغيير» أسبوعيا ناقش مع د.راغب تجربته الشخصية في العمل الدعوي والسياسي، ورؤيته للحالة الإسلامية في مصر، وتطور حركتها بعد الثورة، وآفاق تطور عمل واهتمامات جماعة التبليغ والدعوة، وإمكانية أن تحذوا حذو السلفيين في دخول معترك العمل السياسي، وتأثير ذلك على العمل الدعوي والاجتماعي. كما تناول «مجلس التحرير» مع د. هشام مدى إمكانية تحقق تحول ديموقراطي على الساحة المصرية بعد الفترة الانتقالية، ورؤيته للسباق الرئاسي، وتقييمه للتجربة البرلمانية بعد الثورة. في البداية أكد دكتور هشام راغب وردا على سؤال حول دعم الهيئة الشرعية للدكتور محمد مرسي كرئيس للجمهورية، والشبهات التي تثار حول حول سيطرة الإخوان على الهيئة—خصوصا وأن المهندس خيرت الشاطر عضو أمانتها—قال د. راغب بأن هذه شبهات إعلامية يتم تداولها لضرب مصداقية الهيئة، وأن الجمعية العمومية يتواجد بها 103 عضو ليس فيهم إلا ثلاثة فقط من الإخوان، وبقية الأعضاء من التيار السلفي والأزهري والإسلاميين المستقلين، وأن الاختيار جاء بناء على تصويت حر من الجمعية العمومية للهيئة، وبناء على مقابلات عديدة لأغلب مرشحي الرئاسة، الهيئة عقدت جلسات مع مرشحي الرئاسة بغرض اختيار أحدهم لدعمه تجاوزت إجمالي مدتها 80 ساعة، مشيراً إلى أن الجلسات مع بعض المرشحين تجاوزت 8 ساعات لكل منهم. وتم التقييم بناء على معايير واضحة تم وضعها، ما بين الكفاءة والقدرة على الإدارة والبرنامج وفريق العمل والملف الاقتصادي وملف العلاقات الخارجية وغيرها، ومن ثم جاءت النتيجة لصالح الدكتور محمد مرسي في النهاية، وأن المقابلات تم فيها :" عصر المرشحين" كما قال راغب، ثم فجرَّ الدكتور راغب مفاجأة حينما قال بأن الهيئة كانت في طريقها لدعم أبو الفتوح قبل أن تقوم جماعة الإخوان بالنزول بمرشحها مما جعلها تعيد تقييم المرشحين مرة أخرى. أداء البرلمان أكد راغب على أن أداء البرلمان جيد للغاية، لكنه دوره الرقابي مقيد، وتقييده هذا راجع كما يقول لعدم تعاون السلطة التنفيذية معه، ودلل راغب على كلامه بعدم إقالة المجلس العسكري لحكومة الجنزوري، وعدم تفعيل قانون "عزل الفلول"، فضلاً عن محاولة تشويه دور البرلمان من قبل المجلس العسكري والحكومة والإعلام الفلولي، وأكد راغب على أن الشارع لم يتأثر بالحملات الإعلامية التي يتم شنها ضد التيار الإسلامي، وأنه وإن وجد احتقان فهو على مستوى النخبة والإعلام، وليس على مستوى القواعد في الشارع، وأن المجلس العسكري والحكومة والفلول من مصلحتهم إظهار التيار الإسلامي عاجز وضعيف، وغير قادر على ممارسة العمل السياسي أو إدارة البرلمان. الدكتور هشام راغب خاض تجربة العمل السياسي والدعوي مبكرا حيث ينتمي لدكتور هشام راغب لجيل السبعينات –الجيل الأشهر سياسياً في مصر—وانضم مبكرا للعمل الإسلامي في الجامعة، وفي تأسيس المجموعات الإسلامية في الجامعة، في وقت كانت الشباب الإسلامي حينها يعيش حيرة شديدة نتيجة المراهقة الفكرية التي كانت سمة للشباب الإسلامي حينها، وعدم وجود جماعة إسلامية حقيقية على الساحة تستوعبهم في هذا الوقت. راغب والعمل الإسلامي سافر د. هشام راغب بعد تخرجه مباشرة لاستكمال الدراسات العليا ببريطانيا، وهناك انخرط في العمل الطلابي بالجامعة، وهناك سمع عن جماعة"التبليغ والدعوة" لأول مرة في بريطانيا، ثم رجع لمصر لينخرط في صفوفها في منتصف الثمانينات، ثم يسافر إلى السعودية ليتحصل على عدة علوم شرعية مثل اللغة والفقه والتفسير وعلوم القرآن. وعند سؤاله عن إشكاليات تعاطي المدرسة السلفية السعودية مع السياسة، قال بإن الخلفية الشرعية لأغلب الحركات الإسلامية جعلت تعاطيها مع المسائل السياسية ضبابياً نتيجة لعدم وجود مشروع سياسي حقيقي وواضح لدى التيار الإسلامي، وأن الحركة الإسلامية في أغلبها تحتاج لجهد غير بسيط فلسفي وتنظيري في مساحة التأسيس والتأصيل لمشروع سياسي إسلامي يمكنه التعاطي بشكل جيد مع الواقع والظرف المجتمعي السياسي الراهن. مشيرا إلى أن الحركة الإسلامية لا يوجد لديها مشروع سياسي إسلامي يمكن تقديمه للناس بعد الثورة. التقارب بين المشروع الإسلامي رأي د. هشام راغب أن التيارات الإسلامية كانت تعاني انغلاقاً على نفسها، ومن ثم تباعدت المسافات بين كل جماعة أو حركة وأخرى، وساهم في هذا الاستبداد والقمع السياسي. ورغم كل هذه الظروف السيئة التي عانتها الحركة الإسلامية قبل الثورة ما بين تضييق سياسي، وتشويه إعلامي؛ إلا أن راغب يرى أن الحركة قد استطاعت أن تبني لها جماهيرية واسعة، وعملا دعويا واجتماعيا كبيراً أهلها لتصدر العمل السياسي بعد الثورة. واستطرد راغب في أن الثورة مكنت بشكل كبير التقارب بين الحركات الإسلامية وبعضها، وعزز ذلك نزول أغلبية الحركات الإسلامية للعمل السياسي الذي أدى تحالفات واقتراب الأفكار وتجاوز النظري التجريدي للعملي الواقعي الذي حسّن من الرؤى والأفكار. التبليغ والدعوة والسياسة عن تأثر عمل جماعة التبليغ والدعوة التي يعد د.هشام راغب أحد قادتها بعد الثورة، وعن إمكانية دخولها العمل السياسي جنبا إلى جنب مع الإخوان والسلفيين والحركات الإسلامية الأخرى، وعن مشاركة الجماعة في الثورة؛ أشار راغب بأن الجماعة شاركت في الثورة، بل وكانت جنبا إلى جنب مع ثوار محمد محمود، وجاء هذا من اهتمامها بالشأن الوطني، لكنه أكد على أن الجماعة لن تنخرط في العمل السياسي؛ ليس لإنها تحتقر العمل السياسي ولا رفضا له، بل لإنها ترى العمل الدعوي والتربوي أهمية واولوية كبرى؛ كما أكد راغب على أن الجماعة لن تدعم مرشحا بعينه في انتخابات الرئاسة، وهذا يصب في سياستها، وهي في ذات الوقت تسمح لأفرادها بالاختيار وفقا لحريتهم ورؤاهم الشخصية. ثم ضرب راغب مثالا برجل أكاديمي انضم لجماعات التبليغ والدعوة في الهند يوما ما، ثم رآه الناس بعدها كأول رئيس مسلم لجمهورية الهند، وهو الرئيس ذاكر حسين. السياسة وأثرها على العمل الدعوي أكد هشام راغب في حديثه أن الجماعات والحركات الإسلامية مثل الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية تأثر نشاطهم الدعوي نتيجة لانغماسهم في العمل السياسي، لكنه قال بأن السبب كان واجب الوقت الذي حتم عليهم وبقوة المشاركة في العمل السياسي، لكنهم مع الوقت سيتداركون هذا الأمر خصوصاً أن كل جماعة أسست لها ذراعا سياسيا معبراً عنها يخوض العمل السياسي، فيما تختص هي بالعمل الدعوي والتربوي والاجتماعي. وفي رأيه أن التيار الإسلامي مهم أن يفصل بين العمل الحزبي والعمل الدعوي، وعليه أن ينتج فقهاً للدولة، وفقها للدعوة، وأن تتعلم الحركات والجماعات الإسلامية في مصر من التجارب الأخرى في مسألة العمل السياسي وتأثيره على العمل الدعوي والتربوي في المغرب والأردن وتركيا والجزائر وأندونيسيا وماليزيا وغيرها. آفاق المرحلة الانتقالية في سؤال للدكتور راغب حول رؤيته لما تبقى من الفترة الانتقالية، وهل يتوقع وجود رئيس في يونيو القادم، أكد راغب على أنه يتوقع بالطبع أن تنتهي الفترة الانتقالية الحالية برئيس جديد للبلاد، وأن وقوف أي قوى ضد هذا الأمر سواء كان المجلس العسكري أو الحكومة سيكون انتحار سياسي لهما، وأن الشعب المصري سيكون أكبر ضمانة لنزاهة الانتخابات الرئاسية، وأنه لن يسمح بتزويرها. لكن راغب يرى أن انتقال السلطة لن يكون سهلاً، خصوصا مع ملفات كثيرة سيعاد هيكلتها مثل ملف الأمن الداخلي والملف الاقتصادي للمؤسسة العسكرية وغيرها من الملفات الهامة.