كتبت ذات مرة أن الحركة الاسلامية بأطيافها المتنوعة تحتاج تجديدا فكريا وأنها تفتقد لقيادات فكرية. فهاجمني حينها الشباب والكبار، كان هذا منذ ست سنوات— واليوم أرى أن الأزمة ما زالت مستمرة— القيادات دعوية كانت أو سياسية، لكن هناك غياب للفقه الاستراتيجي الذي يستشرف الآفاق، ويدرك خريطة العالم، ويتعرف على التجارب بالسير في الأرض والنظر لا بالسماع، ويقدم رؤية إسلامية ليس لتغيير مصر فحسب بل ولمحيطها والبشرية أيضا، وينشر فكره المتميز بقوة الحق لا بمنطق الهيمنة والغلبة واحتكار الصواب، ولا بالاحتلال والحرب كما تفعل الامبراطورية الجديدة. مصر جديرة بأن تُخرج هذه العقول النيرة التي تجدد أمر الدين والدنيا. لكن آفتنا الرغبة في الاستقرار والاستمرار، وهي ثقافة ورثناها من عهود الاستعمار الذي ألجأتنا للدفاع والتمسك بما لدينا فحُرمنا— وحرمنا أنفسنا أيضا— من فرص التجديد والتنمية ووصل ما انقطع مع حضارتنا ودورها في مسيرة الإنسانية. تحرير العقل من الانكسار ليقوم بدوره في حفظ الدين بتجديد أمره هو الفريضة الغائبة الآن. وإذا كنا نسير على درب مهده السلف فعلينا مواصلة تمهيده لأنفسنا وغيرنا في لحظتنا التاريخية الراهنة، ولمن يأتي بعدنا. فهذا هو واجب العصر ومنطلق النهضة.