الغرفة المركزية للجبهة الوطنية تتابع جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025 بالمرحلة الثانية    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتيجة انتخابات ال30 دائرة الملغاة بأحكام "الإدارية العليا"    وفد جامعة بني سويف فى زيارة ميدانية ل"العربية العالمية للبصريات"    لحظة وصول رئيس مجلس السيادة السوداني القاهرة للقاء السيسي (صور)    تعادل سلبي يحسم الشوط الأول بين السعودية والإمارات في مباراة تحديد برونزية العرب    مصر والأردن يوقعان عقد تبادل الطاقة الكهربائية لعام 2026    رشا عبد العال: توجيهات وزير المالية أحمد كجوك لتوسيع الحوار المجتمعي لتطوير الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية    الأمن يضبط عدة أشخاص بمحافظات مصر لتوزيع أموال وبطاقات على الناخبين خلال الانتخابات    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    برشلونة يبدأ عملية مفاوضات تجديد عقد فليك حتى 2028    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    توروب يشرح خطة الأهلي لعبور سيراميكا في كأس عاصمة مصر    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    المشدد 15 سنة ل4 أشخاص و7 سنوات لآخر بتهمة الشروع فى القتل بسوهاج    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    ضبط شخص ظهر في فيديو داخل أحد السرادقات بالمعصرة وبحوزته جهاز لاب توب وسط حشود من المواطنين.    ضبط 5 قضايا تهريب و3699 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    التعليم تسند إدارة المدارس الحكومية الدولية لشركة خاصة | مستند    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    مع تراجع التضخم محليا.. محللون يرجحون خفض الفائدة 1% في آخر اجتماعات العام    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    «صوت هند رجب وفلسطين 36» ضمن القائمة القصيرة للأوسكار ال 98    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة العناوين
نشر في التغيير يوم 15 - 03 - 2012

لا يستطيع أحد أن ينكر حالة الاحتقان والاستقطاب المشوب بسوء الظن والتربص والتخوين التي باتت تسيطر على الحياة السياسية والفكرية بمصر في الأيام الأخيرة
هذه الحالة عانى منها وتجرع مرارتها عدد لا بأس به من الرموز والشخصيات العامة من مختلف التيارات والأيديولجيات. والحقيقة أن الدور الأكبر في الوصول لتلك الحالة الحرجة لعبته العناوين.
نعم.. العناوين البراقة الصادمة المثيرة التي تخطف العين وتحرك بواعث الفضول في نفس المتلقى.
و المؤسف أن الأمر لم يعد قاصرا على مقطع مبتور عن سياقه أو خبر كاذب أو محرف في جريدة صفراء – رغم ما تمثله تلك الأمور من خطورة – وإنما تفاقم الأمر حتى صار التشويه وتكوين الأحكام الاستباقية بمجرد عنوان لن يقرأ الأكثرون ما تحته من تفاصيل ولن يجدوا الوقت ولا الرغبة التي تدفعهم لمشاهدة المقطع المعنون له.
لقد صارت عناوين مقاطع اليوتيوب التي يضعها أشخاص لا شأن لهم بأبطال المقطع ولا تعبر في الغالب عما في المقطع ولا تمثل إلا رأي كاتب العنوان، والمستتر خلف اسم مستعار، تتحكم اليوم في جزء كبير من الرأي العام، وتشكل وعيا جمعيا لقطاع عريض من المصريين.
و كم من فرقعات سببتها مقاطع مبتورة زاد من تشوهها عنوان كاذب أو مبالغ فيه وضعه شخص مجهول. و كم من فتن وآلام سببتها تلك المقاطع والعناوين المدلسة. لقد أصررت قبل كتابة هذا المقال على دراسة هذه الظاهرة ومحاولة ربط عناوين المقاطع بمحتواها فوجدت النتيجة مؤسفة. هناك انفصال واضح واختلاف ظاهر بين محتويات تلك المقاطع وعناوينها.
هذا الانفصال قد يرجع، إن أحسنا الظن بواضع المقطع (المجهول)، إلى فهمه القاصر للمحتوى. هذا الفهم الذى فرضه دون أن يشعر على آلاف البشر الذين كونوا فكرة مسبقة عما في المقطع من خلال عنوانه. هذا إن شاهدوه أساسا!
إن جزءا كبيرا من المطالعين سيكسلون عن مشاهدة المقطع أو حتى إكماله، وسيكتفون بقراءة العنوان عبر صفحاتهم على "الفيس بوك" أو على أي موقع إخبارى يتصفحونه عبر هواتفهم الجوالة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وتكلفة المشاهدة، وهذا أمر معلوم لكل من له علاقة بشبكة الإنترنت.
أما إن أسأنا الظن، فسنجد كثيرا من المبررات والدوافع لدى كاتب العنوان المدلس دفعته لكتابة العنوان بهذه الطريقة التدليسية المضللة. بعض تلك الدوافع أيديولوجي تحكمه الكراهية والتعصب لتمحو أي أثر للأمانة والإنصاف فيما يكتبه. و بعضها سياسى تحركه المنافسة والخصومة السياسية. وبعض تلك الدوافع لا يستبعد أن يكون أمنيا أو استخباراتيا: داخليا أو خارجيا، القصد منه صناعة وتوجيه الرأى العام. وهذا كما هو معلوم أسلوب متبع في العالم أجمع، ويلفت النظر إليه، ويثير الشكوك حوله أسلوب صناعة بعض هذه المقاطع والوصول إليها وطريقة وتوقيت نشرها.
الحقيقة أن المرء يحزن وهو يكتب هذه الكلمات نظرا للتدني الذى آلت إليه مصادر التلقي في مجتمعنا والانحدار الذى صارت إليه معايير تشكيل الوعي الجمعي لدى القطاع الذى يعد الأهم في قطاعات المجتمع المصري: قطاع الشباب المتعلم الذين يشكلون الجزء الأكبر من رواد الإنترنت.
هذه المشكلة ليست قاصرة على الفضاء الإليكتروني فحسب، إنما هي تمتد لتشمل القطاع الأكبر من المصريين، ليس فقط بسبب الانتشار التدريجي الذى تحظى به الشبكة العنبكوتية، ولكن لأن محتوى هذه الشبكة من تلك العناوين المثيرة والفضائح الجذابة قد صار معينا رئيسا لبرامج "التوك شو" ذات نسب المشاهدة الأعلى بين البرامج، وهي معين رئيس كذلك لكثير من الصحف، وأيضا تعد مدادا لا ينقطع لأقلام الكتاب والصحفيين من محبي الإثارة أو المتأثرين بها.
والمراقب لتلك الوسائل الإعلامية يدرك جيدا أن ساحات الصراع على "تويتر" و"فيس بوك" تنتقل تدريجيا لتصير حاضرة بقوة في الإعلام المرئي والمقروء، وهو الذي يشكل الوعي العام للأغلبية العظمى من سكان مصر. ولا يتبقى لتشكيل هذا الوعي إلا معين واحد وهو المعين الدينى الذى له مصدران رئيسيان عند عموم المصريين: خطبة الجمعة والقنوات الدينية.
أما الأولى فملقوها بشر وهم على علمهم المفترض وإطلاعهم الشرعي إلا أن كثيرا منهم يجري عليهم أيضا ما يجرى على باقي المجتمع، فيتأثرون بما يدور حولهم وبما يطالعوه عبر تلك الوسائل المرئية والمقروءة، وبالتالي فهم محل للتفاعل معها: سلبا أو إيجابا.
أما الثانية، وهي القنوات الدينية، فمن الملاحظ أيضا أنها بدأت تستعين بذات المعين وتعرض في بعض برامجها مقاطع من اليوتيوب وتعلق على ما يثار عبر تلك الوسائل، لكن طبعا مع الحفاظ قدر الوسع على ضوابطها ورؤاها.
إذاً فقد خلصنا مما سبق إلى أن تأثير تلك المقاطع وعناوينها متسع بشكل لا يمكن الإستهانة به أو التقليل من شأنه، ولذلك ينبغي أن تكون هناك وقفة مع هذه القضية التي أعدها في غاية الخطورة. وكيف لا تكون كذلك، وهي قضية متعلقة بتشكيل وعي أمة كثير من بنيها يحركهم ويبني حكمهم على الأشياء مقطع مبتور وعنوان لا يدرون شيئا عمن كتبه ولا يدرون من بتره، ولا من بحث عنه، ولا لماذا نقب وتكلف حتى وصل إليه.
بيد أن السؤال الذى يجول بخاطرى وأنا أعاين تلك المشكلة في مصادر تلقى الأمة: هل هو تربص وامتداد لحالة الاستقطاب وحالة التخوين العامة التي نعانيها؟ أم هو فراغ وضعف فكري يجعلنا عالة على تلك المصادر العوراء؟ أم هو انحدار تربوي جعلنا نهوى الفضائح والإثارة لدرجة جعلت بعضنا ينسى أننا أمة " فتبينوا"؟!
أرى أنه لا بد من بذل الوسع لإيجاد وسيلة مناسبة لرأب هذا الصدع وضبط ذلك السيل الذي لا يتوقف من العناوين والمقاطع.
لكن إلى ذلك الحين، وحتى نجد وسيلة لضبط هذا الأمر، أرى من الضرورى التذكير دوما بالمنهج القرآنى المبهر الذى قامت عليه قواعد علم من أعظم علوم المسلمين وهو علم الحديث وأسانيده.
إنه منهج التبين والتثبت في قول الله تعالى: "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" بل أرى أنه صار ضروريا أن يبدأ كل منا بنفسه مرددا قول الله جل وعلا " لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.