أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    الرئاسة: السيسي يلتقي في بروكسل كبار مسئولي الاتحاد الأوروبي وملك بلجيكا    الهلال الأحمر المصري يرسل 240 ألف سلة غذائية ضمن قوافل زاد العزة لدعم أهالي غزة    متحدث الرئاسة يستعرض أهداف زيارة السيسي إلى بلجيكا    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    هجوم بطائرة مسيرة في محيط مطار الخرطوم الدولي    إسرائيل: هوية الجثة المعادة من غزة الإثنين للضابط تال حاييمى    مباريات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    بدء التسجيل فى الجمعية العمومية لنادى الزمالك    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة بشمال سيناء    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في العياط    محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية قصر النيل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    مقتنيات الفرعون الذهبي ومركبا خوفو.. آثار لن تراها إلا في المتحف المصري الكبير    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    وزير الصحة يستقبل سفير فرنسا بمصر للاتفاق على تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    أحمد أبومسلم يكشف كواليس جديدة في أزمة مباراة الأهلي وبيراميدز مواليد 2007    موعد مباراة برشلونة وأولمبياكوس بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    «الإسكان» تتوسع في منظومة التمويل العقاري الحر بالتعاون مع البنوك والشركات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 في الأسواق    حريق هائل في مصنع مواد غذائية بمدينة السادات والدفع ب11 سيارة إطفاء للسيطرة عليه    في محاولة لسرقته| نفق سري من داخل مسجد إلى مكتب بريد العوايد بالإسكندرية    إخلاء سبيل التيك توكر هدير عبد الرازق بكفالة 20 ألف جنيه في قضية غسيل الأموال    سفارة الصين بواشنطن ترد على تصريحات ترامب عن الصفقة العادلة    ريهام عبد الحكيم ومحمد الحلو يلتقيان الليلة بمهرجان الموسيقى العربية    هنا الزاهد: لا وقت للحب والزواج.. وتركيزي الآن على شغلي    لن تصدق أجر الفنانة يسرا في فيلم الإرهاب والكباب.. الرقم صادم    أشرف عبد الباقي: "السادة الأفاضل" ليس فيلمًا عاديًا    كيف شكل يوسف شاهين بداية أمينة خليل؟    القائد العام للقوات المسلحة يستقبل اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للتهنئة بذكرى انتصارات أكتوبر    السر المُذاع في المغرب    قائد القوات البحرية: قواتنا قادرة على مواجهة التحديات لحماية الوطن    ياسين منصور يكشف إمكانية طرح شركة الأهلي في البورصة    الباشا والزعيم    تعرف على برجك اليوم 2025/10/21.. «الحمل»: حوّل تركيزك لاتخاذ خطوات جريئة.. و«الجدي»: لا تنسى من يحبك    ضبط 14 سائق حافلات مدرسية بتهمة تعاطي المخدرات    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    لم ينجح أحد    في نص ساعة جاهز للأكل.. طريقة تجهيز الخيار المخلل السريع    لا مزيد من الروائح الكريهة.. تنظيف الميكروويف ب 3 مكونات في المنزل    جامعة قناة السويس تواصل فعاليات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    القبض على زوج ألقى بزوجته من شرفة المنزل في بورسعيد    تامر عاشور وآدم يجتمعان في حفل غنائي ضخم بالكويت    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    خناقة اتحاد تنس الطاولة    محمد الدماطي: ترشحت لخدمة الأهلي.. ونهائي القرن أغلى بطولاتي    مصطفى هريدي يكشف ل واحد من الناس علاقته بالزعيم عادل إمام وأول أدواره    السلع نصف المصنعة تقود صادرات مصر لتجاوز حاجز ال3 مليارات دولار فى يوليو    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    كيف نحب آل البيت؟.. أمين الفتوى يجيب    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة العناوين
نشر في التغيير يوم 15 - 03 - 2012

لا يستطيع أحد أن ينكر حالة الاحتقان والاستقطاب المشوب بسوء الظن والتربص والتخوين التي باتت تسيطر على الحياة السياسية والفكرية بمصر في الأيام الأخيرة
هذه الحالة عانى منها وتجرع مرارتها عدد لا بأس به من الرموز والشخصيات العامة من مختلف التيارات والأيديولجيات. والحقيقة أن الدور الأكبر في الوصول لتلك الحالة الحرجة لعبته العناوين.
نعم.. العناوين البراقة الصادمة المثيرة التي تخطف العين وتحرك بواعث الفضول في نفس المتلقى.
و المؤسف أن الأمر لم يعد قاصرا على مقطع مبتور عن سياقه أو خبر كاذب أو محرف في جريدة صفراء – رغم ما تمثله تلك الأمور من خطورة – وإنما تفاقم الأمر حتى صار التشويه وتكوين الأحكام الاستباقية بمجرد عنوان لن يقرأ الأكثرون ما تحته من تفاصيل ولن يجدوا الوقت ولا الرغبة التي تدفعهم لمشاهدة المقطع المعنون له.
لقد صارت عناوين مقاطع اليوتيوب التي يضعها أشخاص لا شأن لهم بأبطال المقطع ولا تعبر في الغالب عما في المقطع ولا تمثل إلا رأي كاتب العنوان، والمستتر خلف اسم مستعار، تتحكم اليوم في جزء كبير من الرأي العام، وتشكل وعيا جمعيا لقطاع عريض من المصريين.
و كم من فرقعات سببتها مقاطع مبتورة زاد من تشوهها عنوان كاذب أو مبالغ فيه وضعه شخص مجهول. و كم من فتن وآلام سببتها تلك المقاطع والعناوين المدلسة. لقد أصررت قبل كتابة هذا المقال على دراسة هذه الظاهرة ومحاولة ربط عناوين المقاطع بمحتواها فوجدت النتيجة مؤسفة. هناك انفصال واضح واختلاف ظاهر بين محتويات تلك المقاطع وعناوينها.
هذا الانفصال قد يرجع، إن أحسنا الظن بواضع المقطع (المجهول)، إلى فهمه القاصر للمحتوى. هذا الفهم الذى فرضه دون أن يشعر على آلاف البشر الذين كونوا فكرة مسبقة عما في المقطع من خلال عنوانه. هذا إن شاهدوه أساسا!
إن جزءا كبيرا من المطالعين سيكسلون عن مشاهدة المقطع أو حتى إكماله، وسيكتفون بقراءة العنوان عبر صفحاتهم على "الفيس بوك" أو على أي موقع إخبارى يتصفحونه عبر هواتفهم الجوالة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وتكلفة المشاهدة، وهذا أمر معلوم لكل من له علاقة بشبكة الإنترنت.
أما إن أسأنا الظن، فسنجد كثيرا من المبررات والدوافع لدى كاتب العنوان المدلس دفعته لكتابة العنوان بهذه الطريقة التدليسية المضللة. بعض تلك الدوافع أيديولوجي تحكمه الكراهية والتعصب لتمحو أي أثر للأمانة والإنصاف فيما يكتبه. و بعضها سياسى تحركه المنافسة والخصومة السياسية. وبعض تلك الدوافع لا يستبعد أن يكون أمنيا أو استخباراتيا: داخليا أو خارجيا، القصد منه صناعة وتوجيه الرأى العام. وهذا كما هو معلوم أسلوب متبع في العالم أجمع، ويلفت النظر إليه، ويثير الشكوك حوله أسلوب صناعة بعض هذه المقاطع والوصول إليها وطريقة وتوقيت نشرها.
الحقيقة أن المرء يحزن وهو يكتب هذه الكلمات نظرا للتدني الذى آلت إليه مصادر التلقي في مجتمعنا والانحدار الذى صارت إليه معايير تشكيل الوعي الجمعي لدى القطاع الذى يعد الأهم في قطاعات المجتمع المصري: قطاع الشباب المتعلم الذين يشكلون الجزء الأكبر من رواد الإنترنت.
هذه المشكلة ليست قاصرة على الفضاء الإليكتروني فحسب، إنما هي تمتد لتشمل القطاع الأكبر من المصريين، ليس فقط بسبب الانتشار التدريجي الذى تحظى به الشبكة العنبكوتية، ولكن لأن محتوى هذه الشبكة من تلك العناوين المثيرة والفضائح الجذابة قد صار معينا رئيسا لبرامج "التوك شو" ذات نسب المشاهدة الأعلى بين البرامج، وهي معين رئيس كذلك لكثير من الصحف، وأيضا تعد مدادا لا ينقطع لأقلام الكتاب والصحفيين من محبي الإثارة أو المتأثرين بها.
والمراقب لتلك الوسائل الإعلامية يدرك جيدا أن ساحات الصراع على "تويتر" و"فيس بوك" تنتقل تدريجيا لتصير حاضرة بقوة في الإعلام المرئي والمقروء، وهو الذي يشكل الوعي العام للأغلبية العظمى من سكان مصر. ولا يتبقى لتشكيل هذا الوعي إلا معين واحد وهو المعين الدينى الذى له مصدران رئيسيان عند عموم المصريين: خطبة الجمعة والقنوات الدينية.
أما الأولى فملقوها بشر وهم على علمهم المفترض وإطلاعهم الشرعي إلا أن كثيرا منهم يجري عليهم أيضا ما يجرى على باقي المجتمع، فيتأثرون بما يدور حولهم وبما يطالعوه عبر تلك الوسائل المرئية والمقروءة، وبالتالي فهم محل للتفاعل معها: سلبا أو إيجابا.
أما الثانية، وهي القنوات الدينية، فمن الملاحظ أيضا أنها بدأت تستعين بذات المعين وتعرض في بعض برامجها مقاطع من اليوتيوب وتعلق على ما يثار عبر تلك الوسائل، لكن طبعا مع الحفاظ قدر الوسع على ضوابطها ورؤاها.
إذاً فقد خلصنا مما سبق إلى أن تأثير تلك المقاطع وعناوينها متسع بشكل لا يمكن الإستهانة به أو التقليل من شأنه، ولذلك ينبغي أن تكون هناك وقفة مع هذه القضية التي أعدها في غاية الخطورة. وكيف لا تكون كذلك، وهي قضية متعلقة بتشكيل وعي أمة كثير من بنيها يحركهم ويبني حكمهم على الأشياء مقطع مبتور وعنوان لا يدرون شيئا عمن كتبه ولا يدرون من بتره، ولا من بحث عنه، ولا لماذا نقب وتكلف حتى وصل إليه.
بيد أن السؤال الذى يجول بخاطرى وأنا أعاين تلك المشكلة في مصادر تلقى الأمة: هل هو تربص وامتداد لحالة الاستقطاب وحالة التخوين العامة التي نعانيها؟ أم هو فراغ وضعف فكري يجعلنا عالة على تلك المصادر العوراء؟ أم هو انحدار تربوي جعلنا نهوى الفضائح والإثارة لدرجة جعلت بعضنا ينسى أننا أمة " فتبينوا"؟!
أرى أنه لا بد من بذل الوسع لإيجاد وسيلة مناسبة لرأب هذا الصدع وضبط ذلك السيل الذي لا يتوقف من العناوين والمقاطع.
لكن إلى ذلك الحين، وحتى نجد وسيلة لضبط هذا الأمر، أرى من الضرورى التذكير دوما بالمنهج القرآنى المبهر الذى قامت عليه قواعد علم من أعظم علوم المسلمين وهو علم الحديث وأسانيده.
إنه منهج التبين والتثبت في قول الله تعالى: "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" بل أرى أنه صار ضروريا أن يبدأ كل منا بنفسه مرددا قول الله جل وعلا " لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.