يوم 16 يونيو تمر الذكرى الخامسة لصدور العدد الأول من "نشرة" حركة كفاية والتى كانت تعبر عن أهداف الحركة من خلال أخبار وتحقيقات صحفية تؤكد بحق على شعار "عيش - حرية - عدالة اجتماعية"،وهو الشعار الذى تردد فى ثورة يناير. وإذا كانت "كفاية" تأسست قبل هذا التاريخ، فقد واكب ذلك الوقت اجتماع اللجنة التنسيقية لطلاب مصر - 6 ابريل وكذلك صدور البيان التأسيسى الأول ل "مصريون ضد التعذيب "وقبلها بسنوات تأسست حركة سجناء الرأى.. الى آخر الحركات التى ناهضت النظام وتحدت الديكتاتورية. وإذا رجع أى شخص إلى مؤسسى هذه الحركات الثائرة، وإلى الناشطين الذين شاركوا فى فاعلياتها من ندوات ومظاهرات واعتصامات وغيرها يجدهم من كل الاتجاهات السياسية الوطنية الحقيقية، ودون أن يتنبه أحد وقتها الى الاتجاه السياسى لآى مشارك، فتجد من الإسلاميين محمد عبد القدوس ومجدى حسين ومجدى قرقر وأبو العلا ماضى وأبو الفتوح وغيرهم بجانب الناصريين واليساريين والوطنيين وفى مقدمتهم حمدين صباحى وكمال أبوعيطة وجورج اسحاق وامين اسكندر وعبد الغفار شكر وغيرهم، وتجد وفديين ونشطاء لاينتمون لأحزاب أو جماعات. لم يتنبه أحد وقتذاك إلى الاتجاه السياسى للمفكر الكبير المرحوم عبد الوهاب المسيرى عندما تم الاعتداء عليه، ولم يفكر أحد فى الصحف التى تنتمى اليها الصحفيات اللاتى تعرضن لاعتداءات الأمن البشعة، ولم يهتم أحد بأن محمد عبد القدوس المشارك فى كل فاعليات كفاية وغيرها ينتمى للإخوان، كما لم يعبأ أحد بأن المناضل مجدى حسين أمين حزب العمل الاسلامى، ولم يتراجع الاسلاميين عن الاجتماعات المتتالية باستضافة حمدين صباحى فى مقر بمنطقة المنيرة بالقرب من شارع أمين سامى أو مقر جريدة الكرامة بشارع عماد الدين أو الاجتماع بنقابة الصحفيين. كان الكل يذوب فى العمل الجماعى ويشجع الشباب لإنقاذ مصر من كبوة الفساد وخطر التوريث الداهم وكلاهما يرجع بالبلد للخلف لاكثر من 500 سنة والعدد الأول من نشرة "كفاية" كان من بين كتابه المرحوم الحسينى ابو ضيف، ونذكر أن "كفاية" عكفت على عمل رائع قبيل ثورة يناير وهو التأريخ للفساد فى عهد مبارك، وكانت روعته فى إصداره وقت الديكتاتور وزبانيته، وقد شرفت فى ان اكون بين مؤسسى لجنة سجناء الرأى والتى كانت فى طليعة مصريون ضد التعذيب، كما شرفت بالمشاركة فى كفاية ومعظم الفاعليات، وساهمت فى اصدرات تأريخ الفساد فى عهد مبارك خاصة فى مجالات الاثار والثقافة وبيع القطاع العام وغيرها. اهمية التذكير بالحركات الثائرة فى عهد المخلوع هو ايضاح الايثار والذوبان فى الوطنية والارتفاع على المهاترات والتخوين والاقصاء والتى أصبحت اليوم ظاهرة محبطة عادت بأبشع الآثار المحبطة لكل مواطن وسحبت الفرحة بالثورة الى ترديد عبارات يروجها ويأملها الفلول بالاشادة بعهد المخلوع وكأنه لم يعذب ولم يفسد. عدنا للجهاد الأكبر فانهزمنا فيه بجدارة إذ يبدو أننا ظننا أن خروج المخلوع نهاية المطاف دون أن ندرى أن الفساد مثل أسطورة التنين الذى له ألف رأس اذا حطمت واحدة خرجت اثنتان. ترى هل للنخبة ان تتوقف ولو لحظات عن التخوين والاقصاء وتعود لنفس الخندق القديم؟ وهل للنخبة أن تلفظ المندسين والذين كانوا أقرب للاحذية فى عهد مبارك فاذ هم يسيطروا على الاعلام ويتحدثون بلا خجل ويصورون انفسهم بأنهم صناع الثورة وكأننا أمة مصابة بالزهايمر ؟ إن الخطر لم يعد قاصرا على الداخل وأمامنا المحمكة الدستورية التى أدخلتنا على أبواب حرب أهلية بمشاركة الجيش والشرطة فى الانتخابات، وليصير - وفقا لهذا - أسماء كل كتيبة متاحة للعامة وتعلق على ابوابها، وهنيئا للصهاينة والذين لن يحتاجوا للتجسس ثانية. وأمامنا جل الخطر فيما يحدث فى أثيوبيا وأعلى النيل شريان الحياة فى مصر بينما البعض يردد ماتنشره حركات يهود الفلاشا الأثيوبية الصهيونية تحت عنوان "كسرنا إرادة المصريين" وكأنه انجاز أو سبق صحفى ودون أى تعليق على البيان الذى ينقله وهذه الكارثة لمجرد أنها حدثت فى وقت زيارة الرئيس مرسى لاثيوبيا، رغم أن الأمر اكبر من هذا التصور المريض ومن تصفية الحسابات الف مرة ومرة، خاصة أن الكارثة ليست وليدة اليوم ولا هذا العهد وانه مهما كانت الاختلافات فان هناك خطوط وفواصل واحترام للذات وللوطن وكلها تستوجب الارتفاع عن المهاترات. مرة أخرى نذكر أن الجميع كانوا يتشاركون المعركة فى خندق واحد فأصبح الآن كل منهم يحفر الخندق للآخر ويتربص به ،وها هى الخنادق تتشابك لتتحول الى خندق كبير، وحفرة عميقة ومتسعة تهدد كل مصر.. فهل يفيق الفرقاء؟