5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البدانة ... وباء القرن الحادي والعشرين
نشر في التغيير يوم 15 - 03 - 2012

تقدر منظمة الصحة العالمية البدناء وزائدي الوزن عالمياً بنحو 1.6 مليار شخص، منهم 400 مليون بديناً. وأصبحت البدانة تصيب السكان مبكراً، كالأطفال دون الخامسة. وأعلن العام الماضي أن بريطانيا "رجل أوروبا البدين"، إذ تم تصنيف ربع السكان الراشدين، و14 بالمائة من الأطفال تحت سن 16 عاماً كبدناء.
وقدرت شبكة البدانة الكندية مؤخراً الكنديين زائدي الوزن ب11 مليوناً، منهم نصف مليون مريض بالبدانة بحاجة لتدخل علاجي، كالجراحة مثلاً، بينما المستشفيات والعيادات غير معدة للتعامل مع الوباء. وتصاعد عدد من تزيد أوزانهم عن الطبيعي ب45 إلى 90 كيلوغراماً، وبين كل أربعة أطفال هناك بدين واحد. ويتوقع الخبراء أن تتجاوز البدانة نطاق وباء التدخين.
وفي الولايات المتحدة، يُعاني أكثر من ثلثي السكان زيادة في الوزن، وثلث هؤلاء بدناء بالفعل. وتبلغ الوفيات الناجمة عن البدانة سنوياً 300 ألف، وتكلف نظام الرعاية الصحية مائة مليار دولار سنويا.
وتشير بيانات معاهد الصحة القومية الأميركية إلى تضاعف عدد الأطفال الأميركيين زائدي الوزن خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ يعاني حالياً طفل واحد من بين كل خمسة من زيادة الوزن. وتسري هذه الزيادة على الأطفال والمراهقين بكل الفئات العمرية والإثنية من الجنسين.
لا يقل نطاق المشكلة في العالم العربي عن ما سبق، خاصة في دول الخليج. فقد أدى تغير نمط المعيشة وتوزيع العمل والوفرة الاستهلاكية والرفاه لزيادة أوزان معظم السكان، مواطنين ووافدين. وارتفعت مستويات البدانة فجلبت معها أوبئة أخرى.
تعدد الأسباب والأسقام
للبدانة أسباب متعددة، تتراوح من الإفراط المباشر في الأكل والعوامل الوراثية، إلى مشكلات التمثيل الغذائي (الأيض أو الميتابولِزم، أي عملية تحويل الطعام إلى طاقة وبروتين وغيرها مما يحتاجه الجسم لوظائفه الحيوية والبنائية)، وربما الفيروسات والعدوى.
فقد خلص علماء بجامعة لويزيانا الشهر الماضي إلى أن العدوى بفيروس شائع، يسبب التهابات الحلق والعين، تسبب تغيرات بالأنسجة البشرية بحيث تولد خلايا دهنية أكثر وأكبر، مقارنة بأنسجة غير المصابين بالفيروس. ويؤمل أن يساعد فهم استجابة الخلايا الدهنية لعدوى الفيروس على تطوير لقاح لمنع زيادة الوزن.
من المعلوم أن زيادة الوزن المفرطة تفضي غالبا لأحوال صحية سيئة، كأمراض البول السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وانسداد وتصلب الشرايين، وقد تكون سببا للوفاة المبكرة.
ووجدت دراسات متعددة أن البدانة تؤثر على بنية ووظيفة عضلة القلب، وتفاقم شراسة وعواقب سرطان المبيض، وتعيق اكتشاف سرطان البروستاتا، ووجد لها ارتباط بعقم الرجال. كما اكتشف ارتباط للإجهاد العصبي وقلة النوم بالبدانةً.
كيمياء الوجبات السريعة
تواصلت المناقشات في الأعوام الأخيرة حول دور الوجبات السريعة في زيادة البدانة، نظراً لازدياد استهلاكها في العقود الثلاثة الماضية؛ كما تتابعت الأبحاث والدراسات حول أضرار هذه الوجبات.
فقد وجدت دراسة أميركية ارتباطاً وثيقاً لاستهلاك الوجبات السريعة بالبدانة وازدياد مقاومة الجسم للإنسولين، ما يزيد احتمالات الإصابة بالنوع الثاني لمرض البول السكري. وجاءت النتائج في سياق دراسة مخاطر مرض الشريان التاجي لدى الراشدين الشبان.
وفي الشهر الماضي، وجدت دراسة بريطانية أن تناول الأمهات للوجبات السريعة أثناء الحمل والرضاعة تعرض أطفالهن لمخاطر الإفراط في الأكل والإصابة بالبدانة. وأوصت الدراسة بوجوب تجنب الحامل أو المرضع الأطعمة الدهنية والسكرية والمالحة.
تقول ستيفاني بايول، مؤلفة الدراسة، أن تناول الحامل أو المرضع لأطعمة غنية بالدهون والسكر والملح يعزز رغبة الذرية بتذوقها، ويثبط السيطرة الطبيعية على الشهية، ما يدفعهم للبدانة. وهذا يفسر صعوبة السيطرة على استهلاك الوجبات السريعة لاحقاً لدى البعض رغم توفر الغذاء الصحي.
فالسيطرة على الشهية عملية مركبة، تشمل هرمونات ترسل للدماغ إشارات لتقنين مستوى الطاقة، والجوع والشبع. لكن الأكل ليس مجرد تنظيم للطاقة، فهو خبرة ممتعة متصلة بمراكز "الإثابة" في الدماغ، بحيث يتجاوز ثنائي الأكل واللذة تنظيم الشعور الاعتيادي بالشبع.
وأظهرت أبحاث أخرى أن الغذاء الغني بالدهون والسكر يثبّط إشارات الشعور بالشبع، ويعزز الإحساس بالجوع، ويحفز نشاط مراكز "الإثابة" بالدماغ لطلب الطعام.
وقد وجدت مراجعة بحثية بريطانية أن الأطفال الرضّع الذين يتمتعون بأجسام كبيرة ونمو سريع في السنتين الأوليين، مما يؤشر عادة لصحة جيدة، هم أكثر تعرضا لمخاطر الإصابة بالبدانة في الطفولة والمراهقة والنضج المبكر. بيد أنه لم يكن واضحاً في السابق متى تبدأ عملية الوقاية أو في أي مرحلة من العمر. ويُرجح أن العوامل المتصلة بنمو الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة أو قبلها قد تؤثر في مخاطر البدانة لاحقاً.
بيئة غذائية "سامة"!
كذلك، وجدت مراجعة أخرى بجامعة كاليفورنيا، أن بدانة الطفولة أكثر أمراض الأطفال انتشاراً، وأحد أسبابها الرئيسة الغذاء عالي السعرات ومنخفض الألياف، ما يعزز الاختلالات الهرمونية المشجعة على إفراط الأطفال في الأكل
يعتبر الباحثون أن ممارسات صناعة الغذاء خلقت "بيئة سامة" تفضي بالأطفال للبدانة، ما يطرح مجدداً إشكاليات القابلية البيولوجية والمحاسبة الاجتماعية والمسؤولية الأخلاقية إزاء صحة الأطفال.
ويلفت الأطباء إلى أن أمراضاً كانت، في السابق، حكراً على الراشدين، كالنوع الثاني من مرض البول السكري، أصبحت تصيب مؤخراً أعداد متزايدة من الأطفال. ونظراً لأن الأطفال زائدي الوزن أكثر تعرضاً لزيادة الوزن في سن الرشد، تزداد مخاطر إصابتهم بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتات. كما يتعرض الأطفال البدناء لمضايقات اجتماعية كعدم القبول والسخرية المستفزة، ما يعرضهم للاكتئاب، ومشكلات نفسية.
من ناحية أخرى، اكتشف باحثون من جامعة شيكاغو العلاقة بين قلة النوم والهرمونين المسؤولين عن إشعار المخ بالجوع (غِريلين) أو بالشبع (لبتين). فوجدوا أن قلة النوم تخفض مستوى الثاني وتزيد مستوى الأول، وتسبب ازدياد الشهية للسكريات والملوحة، لا للأغذية عالية القيمة كالخضروات والفاكهة. وهذا يفسر علاقة البيئة ونمط العيش بزيادة البدانة.
يرد الباحثون الميل لتناول السكريات والأطعمة عالية السعرات إلى احتياج المخ لسكر الغلوكوز بصورة دائمة، ما يجعل الحصول عليه من مصدر نشوي أسرع منه من مصدر ليفي، كالخضروات. كذلك، تؤثر قلة النوم على قرار اختيار الأطعمة، فيميل لأطعمة تعتمد المذاق لا الفائدة الغذائية.
هذا الدليل البيوكيميائي يفسر ارتباط قلة النوم بزيادة البدانة المضطردة في بعض المجتمعات. ففي الستينات مثلاً، كان الفرد الأميركي الراشد ينام في المتوسط 8.5 ساعة يومياً، بينما انخفض النوم حالياً لأقل من 7 ساعات. كذلك، كان في الستينيات شخص زائد الوزن بين كل أربعة، وبدين واحد بين كل تسعة. أما الآن فهناك اثنان زائدا الوزن وبدين بين كل ثلاثة أشخاص تقريباً.
آليات واختلالات هرمونية
يلاحظ الخبراء مثل الدكتور روبرت لوستِغ، أستاذ طب الأطفال بسان فرانسيسكو، أن البيئة الغذائية الراهنة أصبحت مولدة جداً للأنسولين، كما يظهر من كثافة طاقة الغذاء المتزايدة، وتتمثل بارتفاع محتوى الدهون ومؤشر سكرية الدم، وزيادة تكوين سكر الفركتوز، ونقص الألياف والألبان.
ويرى لوستغ أن الإفراط في محتوى الفركتوز والافتقار للألياف هما أساس وباء البدانة، من خلال تأثيرهما على الأنسولين. والمعلوم أن هرمون الأنسولين يؤثر على الدماغ محفزاً الرغبة في الطعام عبر آليتين منفصلتين.
الأولى تعترض الإشارات العصبية المنطلقة من دهون الجسم إلى الدماغ بتثبيط عمل هرمون لبتين، مما يزيد تعاطي الطعام وانخفاض النشاط البدني. في الآلية الثانية، يعزز الأنسولين الإشارة العصبية الساعية للشعور بالإثابة الناجم عن عملية الأكل وتحمله مادة دوبامين التي تجعل الشخص يرغب بالأكل للحصول على دفقة دوبامين لذيذة.
يتحكم هرمون لبتين في تعاطي وصرف السعرات الحرارية. فعندما يقوم لبتين بوظيفته جيداً، يزداد النشاط البدني، وتقل الشهية للطعام، ويزداد الشعور بالعافية. لكن لدى تثبيط لبتين، يقل النشاط البدني والشعور بالعافية، وتزداد الشهية للطعام، وهي حالة تعرف بمقاومة لبتين.
أدت التغيرات بعملية صنع الغذاء خلال العقود الثلاثة الماضية، وخصوصاً إضافة السكر لأطعمة عديدة، وإزالة الألياف منها، وكلاهما يعزز إنتاج الأنسولين في بيئة تجعل الأغذية سبباً للإدمان.
يرى لوستغ أن الأطفال لا يلامون أو يتحملون مسؤولية شخصية تجاه سلوكهم الغذائي، عندما تكون بيئة الأطعمة المعروضة عليهم، خصوصاً الوجبات السريعة الرخيصة الغنية بالسكر والخالية من الألياف، بيئة سامة.
فمفهوم المسؤولية الشخصية لا يمكن قبوله إزاء الأطفال. فليس هناك طفل يختار أن يكون بدينا. كما أن الأطفال غير مسؤولين عن اختيار الغذاء بالبيت والمدرسة. ولا يمكن القول بأن أطفال، تنتشر بينهم البدانة في سن ما قبل المدرسة، هم في وضع يسمح بتحميلهم المسؤولية الشخصية.
تراجع الذكاء والقدرات الإدراكية
وجه الانتشار المضطرد لوباء البدانة عالمياً أنظار الباحثين إلى استكشاف أي ارتباط لأمراض اضطراب التمثيل الغذائي (كالبدانة والبول السكري) بالقدرات والوظائف الإداركية.
فتبين أن هرمون لبتين المتحكم في التمثيل الغذائي، يُفرز لدى البدناء بمستويات عالية وغير طبيعية، تؤدي لتغيرات وظيفية بخلايا الدماغ العصبية، وتؤثر سلباً على قدراتهم الإدراكية وتحصيلهم الدراسي. هذا الهرمون تنتجه الأنسجة الدهنية لتثبيط الشهية وزيادة حرق الدهون الزائدة.
وهي إحدى آليات "التغذية المرتدة السلبية" في الجسم، فكلما ازداد النسيج الدهني، زاد إفراز هرمون "لبتين" فتنخفض الشهية، ويقل تناول الطعام، فتتراجع الأنسجة الدهنية في الجسم. ولدى زيادة الوزن المبكرة، يؤدي إفراز هرمون "لبتين" لسيطرة محمودة على عمليات الهدم الغذائي.
لكن عند الوصول للبدانة، يتم إفراز "لبتين" بمستويات عالية وغير طبيعية، وتكاد تكون غير مؤثرة. ويؤدي هذا الإفراز الزائد لتثبيط قدرة الخلايا العصبية في الدماغ على الاستجابة الطبيعية للمؤثرات.
رصد باحثون بجامعة تولوز الفرنسية تناسباً عكسياً بين منحنى الذكاء ومؤشر كتلة الجسم، أي بين وزن الشخص ومستوى ذكائه، كما أظهرت نتائج اختبارات للقدرة العقلية؛ تناولت تعلُم وتذكر مفردات، وتعويض رموز رقمية، وانتباه انتقائي. تعزو الدكتورة ماكسيم كورنو تراجع البدناء إدراكياً لدور هرمونات (الدهون) المدمر لخلايا الدماغ، ما يؤدي لتراجع وظائفه. ونظراً لدور البدانة في زيادة مخاطر أمراض القلب والشرايين، لأنها تزيد سماكة وتصلب الأوعية الدموية، ترجح كورنو حدوث نفس الأمر لأوعية الدماغ.
سبل الوقاية والعلاج
تركز معظم المقاربات لوباء البدانة على أهمية النشاط البدني في مكافحتها والحد من نتائجها المرضية. وقد نشرت في السنوات الماضية دراسات طبية عديدة حول فوائد الرياضة البدنية في خفض مخاطر معظم الأمراض، بما فيها السرطانات والاضطرابات العصبية.
كذلك، وجد باحثون أن تناول البروتينات يعزز الهرمون المكافح للجوع، ويساعد على خفض الوزن. بيد أن الحمية الغذائية البروتينية تجهد الكلى نظراً لكثافة أحماض البروتينات الأمينية. ويحذر الإخصائيون من الإجهاد العصبي والحرمان من النوم لتسببهما بالبدانة. يوصي خبراء التغذية بخفض المحتوى الدهني والسكري في الغذاء وزيادة الألياف والخضروات، واختيار كربوهيدرات وبروتينات من مصادر جيدة كالبقول والمكسرات، واستخدام زيوت نباتية، كزيت الزيتون وعباد الشمس وغيرها.
يقترح العلماء أن تهتم دراسات بدانة الأطفال باستقصاء عوامل النمو، واستكشاف فوائد ومضار التدخلات، الطبية والغذائية، الهادفة لتغيير نمط نمو الطفل. وينبغي تقييم مطاوعة العوامل المؤثرة في مراحل نمو الأطفال المبكرة لعملية التغيير والتبديل، سعياً لصياغة استراتيجيات لتغيير نمو الأطفال، والنظر في مدى قبول الوالدين لها.
من ناحية أخرى، يوصي خبراء التغذية الوالدين بالرضاعة الطبيعية من الأمهات حصراًً في أشهرهم الستة الأولى على الأقل، وتجنب الإفراط في كمية الغذاء، وإتاحة الأغذية الصحية كالخضروات والفاكهة، وتجنب الأغذية فقيرة القيمة والغنية بالدهون والسكريات
بدانة الأطفال مؤشر للإصابة بأمراض قلبية عند المراهقة
أكدت دراسة جديدة أن الأطفال الذين لديهم زيادة في الوزن ربما يواجهون مخاطر الإصابة بأمراض قلبية عند مراهقتهم.
ووجد الباحثون أن الأطفال البالغ عمرهم ثمانية أعوام من الذين لديهم زيادة في الوزن أو البدناء تزيد لديهم احتمالات مواجهة عوامل مخاطر الإصابة بمرض بالقلب في عمر 15 عاما بمعدل سبعة أضعاف مقارنة بنظرائهم الأكثر نحافة.
وتتضمن هذه المخاطر ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول غير الصحي، وكذلك ارتفاع السكر بالدم والأنسولين.
وإلى جانب البدانة تعد كل هذه المشاكل مكونات لأعراض مشاكل التمثيل الغذائي الذي يزيد في المقابل من مخاطر الإصابة بمرض البول السكري من النوع الثاني على المدى الطويل للإصابة وبأمراض القلب.
وتضاف هذه النتائج التي نشرت في الدورية الأميركية للتغذية الطبية إلى أدلة على وجود عواقب صحية وخيمة للبدانة في الطفولة.
وكانت دراسات سابقة وجدت أنه حتى المراهقين والبالغين الصغار يمكن أن تظهر عليهم مؤشرات لمرض في شرايين القلب إذا كانوا بدناء أو مصابين بمرض البول السكري من النوع الثاني.
كما تشير النتائج الحالية إلى أن الأطباء بحاجة فقط إلى قياس وزن وطول الأطفال وليس محيط خصرهم للحصول على صورة جيدة للمخاطر المتعلقة بالقلب التي تواجههم في المستقبل.
مخاطر أمراض القلب
ويرتبط مؤشر كتلة الجسم في الطفولة وهو قياس للوزن مقارنة بالطول بشكل أكثر قوة بعوامل مخاطر أمراض القلب في المستقبل مقارنة بقياس محيط الخصر.
وهذا يتناقض مع الوضع لدى البالغين حيث يكون محيط الخصر على وجه خاص لديهم فيما يبدو مؤشرا على ما يتعلق بصحة القلب.
وحتى الرجال والنساء الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ويحملون دهونا حول منطقة وسط الجسم تزيد لديهم فيما يبدو مخاطر الإصابة بأعراض مشاكل التمثيل الغذائي وأمراض القلب.
واستندت الدراسة إلى 172 طفلا جرى قياس مؤشرات كتلة الجسم لديهم وكذلك محيط الخصر في عمر ثمانية أعوام وقيموا من أجل عوامل مختلفة لمخاطر الإصابة بأمراض في القلب في عمر 15 عاما. ووجد أن 10 % تقريبا لديهم ثلاثة أو أكثر من عوامل المخاطر هذه.
وقالت المشرفة على الدراسة الدكتورة سارة بي غارنت بمستشفى الأطفال في ويستميد في أستراليا "مجموعة عوامل المخاطر التي لوحظت لدي المراهقين من المرجح أن تستمر لوقت وستتقدم من الناحية الإكلينيكية" وتركز هذه النتائج على الحاجة لمنع البدانة مبكرا كما تقول الباحثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.