تحت عنوان شديد الاستفزاز نشرت وكالات الأنباء الخبر التالي: «أوباما يشكر إسرائيل لدورها في تحرير المتهمين بقضية التمويل الأجنبي في مصر«». وجاء فيه أن صحيفة «معاريف» الإسرائيلية ذكرت أنه بعد فشل الجهود الأمريكية في تحرير الأمريكيين، وقبل أن تتحول القضية إلى أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، توجه البيت الأبيض لمكتب نتنياهو، وطلب مساعدة إسرائيل في إطلاق سراح الأمريكيين، لاعتقاده أنها أقدر على ذلك بسبب علاقتها الأمنية القوية مع مصر. وأن نتنياهو كلف مبعوثه الخاص، إسحاق مولخو، بالسفر إلى القاهرة وممارسة التأثير الإسرائيلي على مصر في هذه القضية. ولقد نجح في مهمته، وتم السماح للأمريكيين بالسفر. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يكلف فيها مولخو بالسفر إلى مصر للقيام بمهام مماثلة. انتهى الخبر الذى لم يتم نفيه من قِبَّل أي مسئول مصري من الجهات العسكرية أو الأمنية أو الحكومية، ليصبح السؤال المطروح هو: ما هي يا ترى الوسائل التي استخدمها المندوب الاسرائيلي لإقناع الإدارة المصرية بالرضوخ للطلبات الأمريكية؟ تلقينا إجابتين على هذا السؤال: الأولى قدمها الكونجرس، وملخصها أن إقناع الإدارة المصرية تم عبر الضغط و التهديد والوعيد وهو ما جاء في التصريحات الوقحة للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس بأن «المسئولين المصريين أدركوا أن التعقل هو الجزء الأفضل في الشجاعة». ثم ما قاله جيمس ليندسي نائب رئيس المجلس من «أن الأمريكيين لم يعودوا إلى بلادهم نتيجة للأعمال العادية للنظام القانوني المصري، بل لأن إدارة باراك أوباما مارست ضغوطا "مبررة" على القاهرة مع تهديد ضمنى بمنع مساعدات صندوق النقد الدولي عن مصر». أما الإجابة الأخرى الأكثر تفصيلا، فلقد قدمها اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا في مداخلة تليفونية لبرنامج «أهل البلد» بقناة مصر 25 حين قال «أن التهديدات الأمريكية لمصر بعد القبض على المتهمين الأمريكيين تعدت التهديد بقطع المعونة، ووصلت إلى حد التهديد بعمل عسكري ضد مصر ليس عن طريق أمريكا ولكن عن طريق إسرائيل». ربما كانت هذه هي مهمة مبعوث نتنياهو للإدارة العسكرية في مصر، وهذا الاستنتاج الأخير من عندي. لكن سواء كان تفسير اللواء علاء عز الدين صحيحا أو كان مجرد محاولة غير مقنعة لتبرير ما حدث، فإننا في جميع الأحوال نكون أمام وقائع تهديد وترهيب للشعب المصري من كافة الأطراف: تهديدات أمريكية ثابتة ومعلنة، وتهديدات إسرائيلية مسربة ومحتملة، وترهيب من قبل المجلس العسكري للمصريين على طريقة نظام مبارك بأنه لا مناص من الخضوع للأمريكان وإلا كانت العواقب وخيمة. وكأنهم جميعا لم يدركوا بعد أن عصر إدارة الشعب المصري بأسواط التهديد والوعيد وفزاعات أمريكا وإسرائيل قد مات واندفن، والأيام بيننا.