في مستهل مقاله بصحيفة نيويورك تايمز قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان: إن إسرائيل تواجه هذه الأيام أكبر عملية تآكل لبيئتها الإستراتيجية منذ تأسيسها، فحليفتها تركيا منذ فترة طويلة نفرت منها، وإيران "عدوها الرئيس" يشتبه بتطويره أسلحة نووية، وأقوى دولتين على حدودها سوريا ومصر تشهدان ثورات، وحزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة يهيمنان على مناطق في جوارها. انتقد فريدمان "وصفة" رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو التي تفضل عدم الحراك إزاء ما يحدث من صحوة عربية، داعيا الكيان الصهيوني إلى اتخاذ إجراءات تفضي إلى حل الدولتين. وكان ذلك كله دفع نتنياهو أمام الكنيست الأربعاء الماضي إلى القول بأن الصحوة العربية تذهب بالعالم العربي إلى الخلف، وتتحول إلى موجة إسلامية مناهضة للغرب والصهيونية والليبرالية، مضيفًا أن التنازل عن أراض للفلسطينيين في الوقت الراهن ليس بالأمر الحكيم، وأضاف "لا نعرف من سيسيطر على الأرض التي سنتخلى عنها". وكان نتنياهو أيضا قد حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة غربيين آخرين مما وصفه بدعم الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك. غير أن الكاتب يقول إن خلع الحكام العرب المستبدين لم يأت من الدعم الأمريكي، بقدر ما جاء من قبل شعوبهم، مشيرا إلى أن مبارك أجرى أكبر عملية تزوير للانتخابات عام 2010. ويبدي فريدمان تفهما لما يصفه بالمخاطر التي تواجهها، ولكنه يقول إن الخطأ يكمن في تشخيص نتنياهو كيفية حدوث ذلك، وفي وصفته التي تنص على عدم القيام بشيء حيال ذلك. ونبه إلى أن ثمة صحوة عربية في الباحة الخلفية للكيان الصهيوني ، متمثلة في شخص رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض، واصفا إياه بأنه أكثر قادة العرب راديكالية. ولفت فريدمان: بدلا من أن تكافئ إسرائيل فياض على إنجازاته الرئيسية مثل تنظيمه قوات أمنية عملت على حماية إسرائيل، وبناء مؤسسات الدولة، عمدت إلى وقف عائدات الضرائب (100 مليون دولار) التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين. لذا -والكلام لفريدمان- فإن أفضل وسيلة دفاعية لإسرائيل هي تمكين "الفياضية" (نسبة إلى فياض) بما في ذلك منح أجهزة الأمن الفلسطينية المزيد من المسؤوليات لتعزيز شرعيتها والتأكيد على أنها لن تكون حارسا للاحتلال إلى الأبد. ويشير فريدمان إلى أن ذلك لن يساعد في إرساء الاستقرار في الباحة الخلفية لإسرائيل وحسب -ويمنع نشوب انتفاضة أخرى قد تنتشر كالنار في الهشيم في ظل غياب حكام مستبدين يقمعونها- بل سيضع الأساس لحل الدولتين وتحسين العلاقات مع الشعوب العربية. ويذكَر الكاتب الأمريكي بأن الشعوب العربية ستحظى بصوت أقوى في كيفية حكمهم وفي الجهة التي يمكن أن يصنعوا معها السلام، ويختم بأن هذه المرحلة حساسة، وتتطلب قيادة حكيمة، مشيرا إلى أن الصحوة العربية تأتي بالتزامن مع الآمال الأخيرة بحل الدولتين. وكان فريدمان صرح في وقت سابق أن على أوباما أن يكون حازما مع نتنياهو مثل حزمه في مطاردة أسامة بن لادن.