"تعاون وشارك رفيق حياتك في أمور الحياة، من معاونة في البيت أو في الخارج أو عند شراء حاجة". إن المشاركة والتعاون بين الناس هي أكثر ما يُدني ويُقرب الناس بعضهم من بعض، سواء أكانت تلك المشاركة في لقمة عيش، أو سفر، أو فكرة تدور في الذهن. وخير الأزواج - رجلا أو امرأة – من يعين الطرف الآخر في القيام بأعباء البيت متى استطاع إلى ذلك سبيلا. ولا يخفى عليك أيها الزوج – خاصة – وأنتِ أيتها الزوجة: كيف كان رسول الله محمد في خدمة أهله؟ وكيف كان يشاركهم الحياة كلها؟ يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته. وكما يقول الحق جل شأنه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21). وهكذا: - كانت السيدة: عائشة - رضي الله عنها – تقوم بما يحبه زوجها. فكانت تلبي رغباته وتسعى في إرضائه. - وكانت زوجته السيدة: خديجة تشاركه أفكاره وأحزانه في أول البعثة. - وكانت السيدة: أم سلمة تشاركه الفكرة والمشورة؛ وسلِمَتْ الأمة وَوِحْدَتَها بسبب مشاركتها الرأي للنبي - عليه الصلاة والسلام -. وهكذا يجب أن يكون دور الأرواح مع بعضهم. للرجال نصيب "كنت في إحدى الحلقات المباشرة بقناة فضائية إسلامية، وكنت أتحدث عن دور حواء في حياة خير الأنبياء، وجاء اتصال هاتفي من رجل كبير في السن على ما أذكر كان سنه فوق السبعين، وأخذ يقول: لقد أتعبتُ زوجتي كثيرا في بدايات حياتنا، وكنت مهملا لها للغاية، وكنت عنيفا معها ومع الأبناء، مع أنها كانت متعاونة معي ولم تهملني أبدا، وبعد فترة طويلة، وبعد أن كبر أبناؤنا: مرضت زوجتي جدا، وبين وقت وآخر كان قلبي يؤنبني على التقصير وعدم المشاركة والتعاون مع زوجتي في البيت، ولكن انتبهت بفضل الله. ثم أخذ يبكي ويقول: أقسم لكم يا إخوة أنتم ومن يشاهدكم الآن: أني الآن خَدَّام تحت قدم زوجتي، وأعاونها في كل أمور البيت (غسيل & طبخ & كنس...)، وأنا في غاية السعادة بذلك، وزوجتي تحبني أكثر مما سبق، وأصبحت أعيش طعم الحياة الزوجية بصورة مختلفة تماما"أ.ه. إنه نموذج واقعي وعالٍ في التواصل (تعاون على متاعب الحياة، خاصة إذا كان لدى أي من الزوجين عذر معين أو مرض أو شدة). وهذا النموذج يذكرني بموقف الصحابي الجليل: (سعيد بن عامر) وكان واليا على أهل حمص في عهد خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولكن حدث أن وَفَدَ وفْدٌ من حمص على الخليفة، وشكوْا إليه واليهم سعيد بن عامر، وقالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار! فسأله عمر عن ذلك. تخيل: ماذا قال سعيد؟ وماذا كان رده على الخليفة؟ قال سعيد: "ليس لأهلي خادم، فأعجن العجين، ثم أجلس حتى يختمر، ثم أخذ الخبز ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم" يا الله! رحمك الله يا سعيد بن عامر! لقد أحرجتنا في الحقيقة! أخي الزوج: لقد أوقفتني حادثة للحبيب - صلي الله عليه وسلم - عند تعامله مع السيدة عائشة - رضي الله عنها - وكأنها صديقته، وذلك فيما يرويه الإمام مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دعا رجل فارسي النبي - صلي الله عليه وسلم - إلى طعام، فقال له النبي: "أنا وعائشة"، فقال الرجل: لا، فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "فلا"، ثم أجابه الرجل بعد ذلك، فذهب النبي - صلي الله عليه وسلم - ومعه عائشة - رضي الله عنها - يتساوقان، فقرب إليهما إهالة (اللحم السمين). إن هذا الموقف يعرفنا مدى العلاقة الحميمة للزوجين ودرجة الحب بينهما، حتى أنهما لا يريدان الابتعاد عن بعضهما، وإن كانت الدعوة للزوج، إلا أنه اشترط مجيء زوجته معه، وكان كل همه مرافقتها له. فلا تنس أن تخرج مع زوجتك لشراء ملابس خاصة لها، فما أجمل الأثر الذي يبقى من وراء ذلك! وللنساء نصيب ليس الرجل فحسب يتعاون مع زوجته، بل المرأة تتعاون كذلك, وتقوم بعملها مع زوجها مشاركة له، وإليكِ أيتها الزوجة قصة في غاية الأهمية لأسماء الطيبة – (أسماء الزوجة) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ - َسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَعَانِي، ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ، لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ. فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ :لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي" (1) .. أرأيتِ؟! والتعاون والمشاركة بين الزوجين ليست خاصة بأعباء المنزل، بل وتعاون على الطاعة والصلاة والفرائض والنوافل والزاد الروحي، كقوله تعالى: {...وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى...} (المائدة: من الآية 2)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ رَشَّ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ.رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى فَإِنْ أَبَى رَشَّتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ" (2) فمطلوب أن يكون هناك تعاون بين الزوجين في كل الجوانب الحياتية في الجانب الروحي والإيماني والتعبدي لله، وفي الناحية الاجتماعية، والمعاونة البيتية، والاقتصادية، وكذا العاطفية وسيأتي بيان المشاركة العاطفية والنفسية. وقد أكَّد علماء الاجتماع: أن كل اهتمام وتعاون مشترك بين الأشخاص الذين تربطهم علاقة ما، يزيد من احتمالات ديمومة هذه العلاقة، ويقول النبي المصطفى: "من سرَّهُ أن ينجيه الله من كُرَب يوم القيامة، فليُنَفِّس عن مُعْسِر أو يضع عنه". (3) فما بالك إذا كان هذا الشخص هو زوجك أو زوجتك؟ أليس أحق بذلك من غيره؟ ومن ثمار المشاركة اليانعة: - التنمية العاطفية لكلا الطرفين. - الحفاظ على ثقة كل طرف بالآخر. - النظام والنظافة بالبيت. - يسود جو المرح والسكينة. - التخطيط للحياة كلها بصورة صحيحة: فمن المهم جدًّا أن تخططا الحياة بينكما في كل أمر