تميز بأدائه الجيد للقرآن وإتقانه أحكام التلاوة، وتأثر منذ صغره بالشيخ أمين الهلالي، مؤذن المسجد الكبير في بلدته بندر مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، وانتقل بعدها إلى الإسكندرية، ليلتحق بكلية الطب، وبجانب دراسته بدأ يبحث عن بعض المشايخ لكي يتعلم أحكام التلاوة حتى التقى الشيخة "أم السعد" التي تتلمذ على يديها، ليبدأ نجم القارئ الطبيب أحمد نعينع في الصعود، حتى أطلق عليه البعض قارئ الرئاسة، وفى هذا الحوار يحكى "نعينع" قصته مع القرآن منذ بداياته حتى الآن.. فإلى نص الحوار: ■ متى بدأت رحلتك مع القرآن الكريم؟ - منذ كنت صغيرا في المسجد الكبير ببندر مطوبس، في محافظة كفر الشيخ، حيث تعلمت القرآن على يد الشيخ أمين الهلالي، مؤذن وخطيب المسجد في ذلك الوقت، وكنت أحفظ سور القرآن التي كان يقرؤها في المسجد بين الأذان والإقامة وفى صلاة الجمعة، بعدها بدأت أقرأ القرآن في مناسبات الاحتفال بالمولد النبوي وعيد الأم في المدرسة وفى مركز الشباب ثم انتقلت إلى الإسكندرية لألتحق بكلية الطب.. وكانت أهم محطات حياتي. ■ لماذا؟ - عميد كلية الطب وقتها كان الدكتور أحمد درويش، وكان من عشاق الاستماع للقرآن الكريم، فنمى إلى علمه أن كلية الطب بها قارئ جيد للقرآن، فطلب منى أن أفتتح حفلات الكلية، وكان فى الوقت نفسه الرئيس الشرفى لجمعية الشبان المسلمين، فرع الإسكندرية، وكانت الجمعية تنظم حفلات دينية كل يوم خميس ويحضرها عدد من العلماء الأجلاء لإلقاء محاضرات، من هنا بدأت أتعرف على عدد كبير منهم مثل الدكتور عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي، كما كنت أبحث عن بعض المشايخ لكي أتعلم أحكام تجويد القرآن، وبعد فترة طويلة عثرت على الشيخة "أم سعد" التي تتلمذت على يديها وعلمتني الكثير من علوم التجويد. ■ متى التحقت بالإذاعة؟ - عندما انتقلت إلى الإسكندرية بدأت شهرتي تنتشر، خاصة بعدما قرأت في مساجد المحافظة الكبيرة مثل سيدي على السماك والمرسى أبو العباس وغيرهما، بعدها تقدمت بطلب لكى التحق بالإذاعة، وفى أوائل عام 1978 تم اعتمادي قارئا بها، بفضل الدكتور عبد الحليم محمود، وفى أوائل الثمانينيات عينتني وزارة الأوقاف قارئا في مسجد مولانا الإمام الحسين، رضي الله عنه، بعد وفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، رحمه الله . ■ ماذا عن علاقتك بالشيخ مصطفى إسماعيل ومتى تقابلت معه؟ - كنت أحبه وعمري 5 سنوات، حتى علمت أن هناك «مقهى» فى حارة اللبان بالإسكندرية مشهوراً بركن الشيخ مصطفى إسماعيل به "الجرامافون" حيث يذيع حفلاته وكنت أذهب يوميا إليه لكى أستمع إلى تلاوته، وأخبرني عم محجوب عامل "المقهى" بعد ذلك أن الشيخ مصطفى سيكون فى الإسكندرية غدا فى احتفال المولد النبوي الشريف، فذهبنا إليه أنا وعم محجوب وبعد أن انتهى الاحتفال قال له عم محجوب: الولد ده صوته يشبه صوتك تماما في تلاوة القرآن، فطلب منى الشيخ مصطفى أن أقرأ عليه ما تيسر من القرآن فقرأت وأعجب بصوتي، فخلع عمامته مرتين إعجابا بصوتي وقال لي: "أنت صوتك جميل"، وعلى فكرة كان القارئ الوحيد الذي قرأ في القدس مع الرئيس السادات عام 1977. ■ هل كان الملك فاروق يمنع الشيخ مصطفى إسماعيل من قراءة سورة "النمل"، كما أشيع، أو أن يتخطى أثناء التلاوة الآية التي تقول في السورة ذاتها "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة"؟ - هذا كلام غير صحيح لأنني سألته، عليه رحمة الله، نفس السؤال فكان رده بأنه "افتراء وكذب"، لكن هذا حدث معي شخصيا في أحد الاحتفالات بليالي رمضان في الأردن وقبل أن أفتتح الحفل طلب منى الحسن بن طلال، شقيق الملك حسين عاهل الأردن الراحل، ألا أقرأ الآية رقم "34" في سورة النمل وهى: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة"، فقلت له إن هذه الآية جاءت على لسان بلقيس ملكة سبأ وهى تتحدث عن ملك هو نبي الله سليمان وليس العاهل الأردني، فردّ قائلا: "هو كده". ■ ماذا عن علاقتك بالرئيس السادات؟ - التقيته عدة مرات، الأولى على رصيف 9 فى الإسكندرية، وكنت مجنداً فى سلاح البحرية فى احتفال عيد الصيادين، افتتحت الحفل بالقرآن الكريم وقام الرئيس السادات وسلم على وقال: "برافو- ثلاث مرات- ده صوت مصطفى إسماعيل"، علمت بعد ذلك أنه يعشق الشيخ مصطفى، وفى 19 مارس 1979، فى الاحتفال بعيد الطبيب الأول، كان هناك حدث سياسى عظيم وقتها وهو اتفاقية كامب ديفيد، وفوجئت بحضور الرئيس السادات وقرأت من الآية رقم 76 فى سورة النمل من قوله سبحانه: "إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون. وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين. إن ربك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز الحكيم. فتوكل على الله إنك على الحق المبين. إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون". وبعد أن انتهيت من التلاوة قال لى الرئيس السادات: "أنا أول مرة أستمع إلى هذه الآيات، ولم أسمعها من قبل وكأنها نزلت الآن"، وأصدر قرارا على الفور بتعييني فى السكرتارية الخاصة بسيادته وطلب منى إحياء العشر الأواخر من شهر رمضان في استراحته بوادي الراحة، وبعد تعييني تركت عملي فى شركة المقاولون العرب وبعدما "استشهد" السادات، عدت إلى عملي مرة أخرى لشركة المقاولون العرب. ■ أنت متهم من قبل مجموعة من القراء بأنك قارئ الرئاسة وكبار رجال الدولة، وأنت الوحيد الذى تقرأ فى المناسبات الرسمية؟ - لا، إطلاقا أنا لم أسع إلى ذلك، ولكن إذا دعيت فلابد أن ألبى الدعوة، وهى تأتى من الجهة المنظمة وليس الرئاسة، فعلى سبيل المثال احتفالات عيد العمال صاحب الدعوة هنا اتحاد العمال، واحتفالات عيد الشرطة الداعى يكون وزير الداخلية، ورئاسة الجمهورية لم تدعنى إلا فى الاحتفال بثورة 23 يوليو وفى السنوات الأخيرة اكتفى مبارك، الرئيس السابق، بإلقاء بيان له. ■ هل هناك سور أو آيات معينة تقوم بقراءتها فى المناسبات؟ - "لكل مقام مقال"، وهذا ما يحدث معى، إذا كانت المناسبة متعلقة بالعمل والعمال فهناك آيات تحث على ذلك، وإذا كانت متعلقة بالعاشر من رمضان فهناك آيات تدل على النصر، وهكذا. ■ أنت قرأت أمام 3 رؤساء هم: عبد الناصر والسادات ومبارك، فمن منهم استمع للقرآن بتدبر، وأشاد بك عقب التلاوة؟ - الثلاثة، لكن السادات كان يشجعني وينصت لسماع القرآن، ومبارك كان يسلم علىّ عندما كان يصلى فى الصفوف الأولى ويقول: "كيف حالك يا دكتور؟"، وفى الفترة الأخيرة من ولايته كان لا يسلم على لأنه كان يصلى فى الصفوف الأخيرة يبدو أنها كانت تعليمات من أمن الرئاسة. ■ من هم الوزراء الذين تحرص على أن تتصل بهم فى المناسبات؟ - الدكتور محمود حمدى زقزوق، والدكتور سيد مشعل، واللواء عبد الحليم موسى. ■ متى نرى نقابة قوية لقراء القرآن الكريم؟ - قريبا إن شاء الله، سيتم تأسيس نقابة قوية تدافع عن حقوقهم وتلبى مطالبهم. ■ كيف ترى المظاهرات والاعتصامات؟ - لابد من النظر إلى المستقبل والقضاء يأخذ مجراه، والحمد الله أن بلدنا لم يحدث فيه مثلما يحدث فى سوريا واليمن وليبيا، وكفانا اعتصامات وهيا نجدّ ونجتهد لزيادة الإنتاج. ■ ماذا عن القارئ الذى لا يكتفى بالأجر الذى يأخذه ودائما ما يزيد فى أجره؟ - أنا لست معه، ولكن هناك نوعاً من الناس يتمنى أن يتحدث الناس بأنهم أتوا بالشيخ فلان والقارئ علان، فهذا طالب صيت وليس طالبا للقرآن وهناك مقولة للشيخ الشعراوى تقول: "إن القارئ يأخذ أجر الاحتباس فى المكان والزمان وليس أجر القراءة".