تفاقمت من جديد أزمة الدواء التي أعلنت عنها وزارة الصحة منذ مطلع يونيو الماضي في مستودعاتها بقطاع غزة، والتي حملت مسؤوليتها لوزارة رام الله لعدم إرسال نصيب غزة من الأدوية والمستهلكات الطبية والمقدرة ب40% للقطاع و60% للضفة، والتي تقدم عبر البنك الدولي. ويأتي في مقدمة المتأثرين بنقص الأدوية في غزة، مرضى الفشل الكلوي والسرطان والأطفال والمرضى الذين ستجرى لهم عمليات جراحية. وأكد عبد اللطيف الزعيم (40 عامًا)، والذي يشكو من فشل كلوي منذ 6 سنوات، على أن حالته تستلزم زيارة المستشفى 3 مرات أسبوعيًا لإجراء غسيل للكلى، وأن هناك حالات عدة مثل حالاته تعاني من نقص المواد اللازمة لغسيل الكلى لدى مستشفى الشفاء بقطاع غزة. ويضيف المريض "أضطر أنا وكثير من مرضى غسيل الكلى لشراء بعض الأدوية التي تساعد على تعدي حالتنا المرضية لكنها لا تسمن ولا تغني شيئًا، كما أن الوضع المادي للمرضى لا يساعد على الاستمرار في شراء الدواء على حسابنا الخاص". وقال الزعيم: "هناك حالات توفيت من نقص العلاج، سواء من مرضى غسيل الكلى أو غيرها، ويشعر المريض منا أنه قد يكون الحالة القادمة من حالات الموتى، ولا يسعنا إلا أن ندعو الله أن يجيرنا في مصيبتنا ومرضنا، وأن تحل أزمة الدواء في القطاع، فالمرضى لا يحتملون مساومات من أي نوع". أما الحاجة أم سعيد والتي يعاني ابنها إياد (13 عامًا) من التهابات حادة وسخونة مرتفعة، ويلزم فراش المستشفى لأسابيع عدة، فتتساءل بكل دهشة "إلى متى ستبقى أرواح ساكني قطاع غزة بيد من يدخل لهم الدواء والطعام والمستلزمات الأولية؟ وكأن البشر يعيشون اليوم على الأوليات ولا يلتفتوا للكماليات التي هي الآن صلب الحياة العادية، وإلى أين سينتهي الحال بمرضى القطاع وهم يحاصرون بأزمة الدواء وأزمة الكهرباء وأزمة الأجهزة وأزمة التحويل للعلاج بالخارج، وكأنهم يختارون لهذا الشعب عدة حالات للموت من خلالها، فهل ماتت الضمائر الوطنية والعربية والعالمية؟". ومن جانبه أفاد الدكتور منير البرش مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة، أنه من المقرر أن تصل خلال الأيام القليلة القادمة جزء من مستحقات قطاع غزة من الأدوية والمقدرة في مجملها بنسبة 40%. وأكد البرش أنه ومنذ فترة لم يتم توريد أي صنف من الأدوية أو المستهلكات الطبية المنتهية من مخازن ومستودعات وزارة الصحة، والتي تشهد نفاد 180 صنفا من الأدوية و149 من المستهلكات الطبية، محذرًا أن هذا من شأنه التأثير على الوضع الصحي في قطاع غزة. وفي سياق متصل ذكر البيان الصادر عن وزارة الصحة على لسان أشرف القدرة مدير العلاقات العامة والإعلام بالوزارة الصحة إن "هذا النقص يعمق من خطورة الأزمة ويشكل تهديد حقيقي للعمل الصحي في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية والتي قلصت العديد من خدماتها الطبية إلى الحد الأدنى". وأشار إلى أن أزمة النقص الدوائي تفاقمت على مدار الخمس سنوات الماضية "وهددت حياة المرضى الذين توفي العشرات منهم جراء هذا النزف الحاد في الرصيد الدوائي"، لافتاً إلى أن آخر الضحايا كان أحد التوائم الخدج الخمسة بسبب نقص حقنة "ترافاستنت " لإنقاذ حياتهم والذين يعانوا منذ ولادتهم من ضمور في الرئة وعدم اكتمال في النمو. كما أشار إلى أن المرافق الصحية في غزة تعاني أيضًا من نقص حاد في كميات الوقود الموردة والخاصة بتشغيل المولدات الكهربائية، مؤكداً أن نسبة العجز بلغت 75% والكميات الموجودة 25% وأكثر من 10% منها معدوم.