د.مازن النجار \n\n بعد استبعاد ارتباطها بسرطان الثدي، يبدو أن للقهوة فوائد تتعدّى مزاياها كمشروب منبّه وممتع للملايين من عشاقها الذين تمثل لهم المحبوبة السمراء محفزاً أو وقوداً للنشاط والعمل، فقد وجدت دراسة طبية اسكندنافية، ارتباطاً مثيراً لتناول القهوة بالصحة العقلية في مرحلة لاحقة من الحياة.\nوجدت الدراسة، التي استغرقت متابعتها 21 عاماً، أن الأشخاص الذين يتناولون القهوة باعتدال هم أقل تعرضاً للإصابة بمرض ألزهايمر وصور خرف الشيخوخة الأخرى من غيرهم. أجرى الدراسة فريق بحث من السويد والدنمرك، بقيادة الدكتورة مييا كيفيبَلتو أستاذ طب الأعصاب بمعهد كارولنسكا الطبي باستوكهولم، ونشرت حصيلتها بدورية \"مجلة مرض ألزهايمر\".\nقام الباحثون بدراسة آثار استهلاك القهوة لدى مجموعة مكونة من 1409 أشخاص، رجالاً ونساء، بمنتصف العمر، وتابعوهم لمدد متوسطها 21 عاماً. خلال تلك المدة، أصيب 61 مشاركاً في الدراسة بأحد صور الخرف، وأصيب 48 آخرين بمرض ألزهايمر. بعد احتساب أو تحييد دور عوامل اجتماعية-اقتصادية وصحية، بما فيها ارتفاع مستويات الكولسترول وضغط الدم، وجد الباحثون أن المشاركين الذين أبلغوا عن استهلاك ثلاثة إلى خمسة أكواب من القهوة يومياً، كانوا أقل تعرضاً للإصابة بالخرف مقارنة بمشاركين يتناولون فقط كوبين أو أقل من القهوة يومياً.\n\n أما الأشخاص الذين أبلغوا عن تناول أكثر من خمسة أكواب قهوة يومياً، فقد وجدهم الباحثون أقل تعرضاً أيضاً لمخاطر الإصابة بالخرف، لكن لم يكن عددهم بين مجموعة المشاركين كافياً للوصول إلى نتائج ذات دلالة حاسمة إحصائياً.\nتعدد ارتباطات القهوة\nبيد أن الدكتورة كيفيبَلتو، وهي المؤلف الرئيس للدراسة، لم تصل بعد إلى حد التوصية أو الدعوة لتناول القهوة، باعتبار ذلك إجراء وقائياً من الإصابة بالخرف. فهي تصف طبيعة هذه الدراسة بأنها محاولة للرصد والمراقبة، ولا تعتبر أنها قد وصلت إلى دليل كاف لتوجيه من لا يتناولون مشروب القهوة إلى أن تناولها سوف يكون له أثر وقائي.\nاجترحت كيفيبَلتو وزملاؤها بعض تفسيرات أو احتمالات لهذه النتائج التي مؤداها أن تناول القهوة قد يخفض مخاطر الإصابة بالخرف أو العته في مرحلة لاحقة من حياة الذين يستهلكونها.\nأولها أن دراسات سابقة قد ربطت استهلاك القهوة بانخفاض مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض البول السكري (غير المعتمد على الإنسولين)، ولهذا الأخير بدوره ارتباط بزيادة مخاطر الإصابة بالخرف. كذلك، أظهرت بعض دراسات أجريت على حيوانات المختبر أن الكافيين يخفض تكوين لويحات الآميلويد في الدماغ، وهو أحد السمات المميزة لمرض ألزهايمر. وأخيراً، أن للقهوة ربما تأثير مضاد للأكسدة في الدورة الدموية، مما يؤدي بدوره إلى خفض مخاطر العوامل المسببة لمشكلات الأوعية الدموية المؤدية للخرف.\nعينة مشاركين مستقرة\nكذلك، لاحظت كيفيبَلتو وزملاؤها أن دراسات سابقة أظهرت ارتباطاً لتناول القهوة بانخفاض مخاطر الإصابة بمرض الشلل الرعاشي المسمى مرض باركنسن.\nاللافت في هذه الدراسة أن أكثر من 70 بالمائة من أعضاء مجموعة المشاركين الأصلية البالغة 2000 مشاركاً ومشاركة، والذين تم اختيارهم عشوائياً لدراسة بعيدة المدى، كانوا حاضرين ومتاحين للفحص والمتابعة على مدى 21 عاماً.\nربما يعود ذلك لنمط معيشة الدول الاسكندنافية والمتسم بالاستقرار وشمول نظام الرعاية الصحية القومي (المركزي) لكافة المواطنين، علاوة على ارتفاع متوسط البقاء على قيد الحياة هناك.\nتم جمع المعلومات الغذائية مع ابتداء الدراسة، مما قلل من احتمال حدوث أخطاء ناجمة عن النسيان لاحقاً. لكن الباحثين ينوهون أيضاً بأن كافة البيانات التي يُبلّغ شخصياً هي عرضة لعدم الدقة.\nارتباط الإفراط بالشاي والقهوة بأعراض هلوسة\nبعد صدور حصيلة الدراسة الاسكندنافية بأيام، حذرت دراسة بريطانية جديدة من الإفراط في تناول المشروبات المحتوية على الكافيين، كالقهوة والشاي، لأن ذلك قد يسبب الإصابة بأعراض الهلوسة.\nوأجريت الدراسة في جامعة دُرهام البريطانية، وشارك فيها نحو 200 طالباً جامعياً، حيث طلب الباحثون منهم تقديم معلومات حول كميات ما يتناولونه من القهوة والشاي وأقراص الكافيين ومشروبات الطاقة، ثم قام الباحثون بقياس وتوثيق مستويات الإجهاد والنزوع للهلوسة عندهم.\nوجدت نتائج الدراسة أن الطلاب الذين يتناولون أكثر من سبعة أكواب من القهوة السريعة، كانت احتمالات توهمهم سماع أصوات أكثر بثلاثة أضعاف مقارنة بزملائهم الذين يستهلكون كميات أقل من الكافيين.\nخلص الباحثون إلى أن هناك علاقة ارتباط لزيادة استهلاك الكافيين بارتفاع إفرازات هرمون الكورتيزون الذي قد يزيد مخاطر الإصابة بأعراض هلوسة وتوهم سماع أصوات غير موجودة فعلاً.\nلا ارتباط للكافيين بسرطان الثدي\nوكانت دراسة أميركية قد خلصت قبل ثلاثة أشهر إلى أن استهلاك الكافيين ليس مرتبطاً بالمخاطر الإجمالية لسرطان الثدي لدى النساء. وشملت الدراسة التي أشرف عليها الدكتور كين إيشيتاني الباحث بمستشفى بريغام للنساء وكلية الطب بجامعة هارفرد شملت أكثر من 38 ألف امرأة، أعمارهن فوق 45 عاماً، وقدمن معلومات حول غذائهن بين عامي 1992 و1995.\nخلال 10 سنوات من المتابعة الطبية، رصد الباحثون بين هؤلاء النساء 1188 إصابة بسرطان الثدي. وقال الباحثون إنهم لم يجدوا ارتباطاً له دلالة إحصائياً بين استهلاك الكافيين ومخاطر الإصابة بسرطان الثدي إجمالاً. ولكنهم وجدوا أنه بين نساء لديهن سرطان ثدي حميد هناك ارتباط إيجابي، ليس له دلالة إحصائية بمخاطر سرطان الثدي.\nومن بين العشرين بالمائة الأكثر استهلاكاً للكافيين، وجد الباحثون ارتباطاً إيجابياً دالاً إحصائياً لدى الفئة الأعلى استهلاكاً للقهوة (أربعة أكواب قهوة يومياً أو أكثر) من بين المشاركات على الإطلاق. وجاء استهلاك الكافيين مرتبطاً مع السرطان غير المعتمد على هرموني الأستروجين والبروجستيرون أو الأورام الأكبر.\n وتوضح النتائج أن استهلاك الكافيين قد يؤثر على تطور سرطان الثدي، ولكن هذا التأثير قد يكون مستقلاً عن مسارات الأستروجين ذات الصلة بسرطان الثدي عموماً.
