د.مازن النجار \n\n اكتشف باحثون بالمعهد القومي (الأميركي) للسرطان (NCI)، أحد فروع معاهد الصحة القومية، وإدارة الغذاء والدواء (FDA)، وجود خلايا دم بيضاء غير طبيعية لدى مرضى سرطان الدم المسمى \"لوكيميا لمفاوية مزمنة\" (CLL)، قبل تشخيصهم بالمرض بأكثر من 6 سنوات، بحسب بيان معاهد الصحة القومية.\nقد يؤدي هذا الاكتشاف إلى فهم أفضل للتغيرات الخلوية التي تميز المراحل المبكرة من المرض وكيفية تفاقمه. قاد فريق الدراسة الدكتور أولا لاندغْرِن، من قسم وبائيات ووراثيات السرطان بالمعهد القومي للسرطان، ونشرت حصيلتها مؤخراً بدورية \"مجلة نيوإنغلند الطبية\".\nيرى الدكتور جون نيدرهوبر، مدير المعهد القومي للسرطان، أن نتائج الدراسة تبرز أهمية الحاجة إلى تعريف أفضل للمؤشرات التي تنبئ بنشوء السرطان. فالتعرف على المؤشرات المبكرة على السرطان، يتيح الفرصة للباحثين لدراسة هذه المرحلة بين الحالة السابقة للتشخيص والتحول لحالة المرض.\nهذا قد يساعد في تعريف العوامل أو المحددات الرئيسة لمخاطر نشوء المرض، مما يسمح باكتشاف أهداف جزيئية جديدة بحيث يتم استهدافها في إطار معالجة المرض. \nلمفاويات خلايا-ب الأحادية\nالمعلوم طبياً أن اللوكيميا اللمفاوية المزمنة، هي سرطان دم، يتفاقم عادة ببطء على مدى سنوات عديدة. في هذا المرض، تتراكم خلايا الدم البيضاء غير الطبيعية، المسماة \"خلايا- ب\"، في الدم ونخاع العظام. وقد يتأثر أيضاً الطحال والعقد اللمفاوية وأعضاء أخرى.\nورغم أن اللوكيميا اللمفاوية المزمنة هي اللوكيميا الأكثر شيوعاً بين الراشدين في بلاد الغرب، فهناك القليل المعروف عن مسببات المرض أو كيفية نشوئه.\nوكانت بحوث سابقة أجراها باحثون بالفريق المشترك من المعهد القومي للسرطان وإدارة الغذاء والدواء وغيرهم، قد أظهرت أن بعض أفراد أسر مرضى اللوكيميا اللمفاوية المزمنة لديهم \"خلايا- ب\" في الدم بروتينات سطحها الخارجي تماثل البروتينات التي توجد لدى خلايا هذه اللوكيميا.\nهذه الحالة غير الطبيعية، تسمى كثرة لمفاويات خلايا-ب الأحادية (MBL)، وينشأ لدى أكثر من 10 بالمائة من أعضاء عائلات مرضى اللوكيميا اللمفاوية المزمنة، ولدى حوالي 3 إلى 5 بالمائة من الراشدين الأصحَّاء بعد سن 50 عاماً، مما يشير إلى أنها قد تكون تمهيداً أو إرهاصاً للإصابة باللوكيميا اللمفاوية المزمنة.\nبروتينات سطح الخلية\nفي هذه الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أن 45 فرداً بين أكثر من 77 ألف مشاركاً، على المستوى القومي الأميركي، في دراسة فحوصات مسحية لسرطانات البروستات والرئة والقولون والمستقيم والمبيض، كانوا خالين من السرطان لدى مشاركتهم في الدراسة. لكنهم شُخِّصوا فيما بعد باللوكيميا اللمفاوية المزمنة، وكانت لهم عينات دم مجمدة ومتاحة للتحليل، حيث تم جمعها منهم لدى دخولهم في الدراسة المسحية.\nوباستخدام تقنيات مختبر متطورة لتحليل عينات الدم، وجد الباحثون أن 44 من 45 مريضاً باللوكيميا اللمفاوية المزمنة كانت لديهم حالة \"كثرة\" لمفاويات خلايا-ب الأحادية، قبل التشخيص بالمرض بفترات تتراوح بين 6 أشهر وأكثر من 6 سنوات.\nتم التعرف على هذه الخلايا عن طريق دراسة بروتينات سطح الخلية، أو مؤشرات اللوكيميا اللمفاوية المزمنة، باستخدام أسلوب يسمى \"تعداد كريات التدفق\"، وباستخدام تقنيات جزيئية للتأكد من وجود جينات معينة أعيد ترتيبها، تسمى مجموعة جينات الغلوبلين المناعي الثقيلة المتغيرة، الموجودة في حالات اللوكيميا اللمفاوية المزمنة.\nوقد تم التأكد من وجود لمفاويات خلايا-ب الأحادية، الدالة على التغيرات الخلوية التي تسبق الإصابة بهذا المرض، لدى 41 مريضاً باستخدام كل من الأسلوبين.\nيقول الدكتور أولا لاندغْرِن أن نتائج الدراسة تشير إلى وجود حالة كثرة لمفاويات خلايا-ب الأحادية افتراضياً لدى جميع مرضى اللوكيميا اللمفاوية المزمنة قبل الإصابة الكاملة بالمرض.\nالتغيرات الجزيئية بالخلايا\nيقدم هذا الاكتشاف الهام تبصراً جديداً بالتاريخ الطبيعي للوكيميا اللمفاوية المزمنة، وسيفتح آفاقاً جديدة للبحث باتجاه فهم أسبابه. وتبدو مخاطر الإصابة بالمرض منخفضة في المتوسط بين من لديهم كثرة لمفاويات خلايا-ب الأحادية، وتقدر نسبة الإصابة سنوياً بنسبة واحد بالمائة.\nويشير عضو فريق البحث الدكتور جيرالد مارتي من مركز بيولوجيات التقييم والبحث بإدارة الغذاء والدواء إلى أن الخطوة التالية الهامة، هي عزل خلايا لمفاويات خلايا-ب الأحادية، وإجراء تحليلات جزيئية إضافية. وهذا سيتيح نظرة متبصرة لاختلافات هذه الخلايا التي قد تؤثر على أسباب تحول بعضها إلى خلايا لوكيميا لمفاوية مزمنة بينما بعضها الآخر لا يتحول.\nورغم أن نتائج الدراسة قد لا يكون لها آثار فورية مباشرة بالنسبة للممارسة الإكلينيكية، كإجراء فحص روتيني للمفاويات خلايا-ب الأحادية مثلاً، لكن سيكون لهذه الدراسة تأثير على أبحاث اللوكيميا اللمفاوية المزمنة.\nوبحسب الدكتور نيل كاپوراسو، الباحث بمعهد السرطان القومي وأحد مؤلفي الدراسة، فإن تشخيص ودراسة كثرة لمفاويات خلايا-ب الأحادية ستقدم نظرة ثاقبة غير متاحة لدى دراسة اللوكيميا اللمفاوية المزمنة ذاتها.\nويبقى سؤال هام يحتاج الإجابة: لماذا يصاب بعض الذين لديهم لمفاويات خلايا-ب الأحادية باللوكيميا اللمفاوية المزمنة، ولا يصاب بها نظراؤهم الآخرون؟!\nربما تساعد دراسة كثرة لمفاويات خلايا-ب الأحادية على تحديد العوامل المبكرة لمخاطر الإصابة بالمرض وتتيح للأطباء التعرّف بدقة على التغيرات الجزيئية التي تصيب هذه الخلايا وتسبب تحولها إلى لوكيميا لمفاوية مزمنة.\n