\r\n وذكر وزير الخارجية الفرنسي بيرنارد كوشنير في رسالة وجهها إلى أوباما ان فرنسا والكثير من القوى حول العالم ترحب بانتخاب رجل ألزم نفسه بالاخذ بأسلوب الحوار بين الشعوب والطوائف وتعزيز التعاون بين الأمم المختلفة». \r\n \r\n سيكون أوباما بحاجة لهذه المشاعر الجياشة وسيتوجب عليه معرفة كيف يستفيد منها ويسخرها لخدمة السلام والأمن الدوليين وتعزيز التفاهم بين الشعوب المختلفة. وقبل كل شيء يتوجب على أوباما ان تكون لديه رؤية استراتيجية وسياسات واضحة تمكنه من تحويل هذه الرؤية إلى واقع. \r\n \r\n \r\n لقد افتقر بوش وديك تشيني الى استراتيجية محددة مما دفعهما لتخبط في سياساتهما حيث لم يستطيعا تحقيق أي شيء، وبدل ذلك ورطا بلادهما في مغامرات عسكرية تحولت لاحقا إلى مستنقع لا تستطيع الولاياتالمتحدة منه فكاكا واصبحت هذه الحروب أشبه ما تكون بحروب استنزاف سواء من ناحية المال أو الدماء التي سالت من الاميركيين وغيرهم دون اي داع حيث كان بالامكان تحقيق انجازات بارزة من خلال الاخذ بالسياسات الناعمة بدل الانطلاق لخوض حروب لم يكن لها مبرر في الاساس. \r\n \r\n ان على أوباما ان يأخذ بأسلوب الحوار والتعاون الذي دعا إليه كوشنير في رسالته في التعامل مع ايران. ولقد اعرب المسؤولون الايرانيون عن استعدادهم ليس فقط لبحث الملف النووي، بل ايضا المخاوف الامنية ودور ايران الاقليمي. \r\n \r\n من الممكن من الناحية الفنية السماح لايران بتطوير برنامجها النووي لتوليد الطاقة الكهربائية دون تمكينها من تطوير هذا البرنامج ليصبح قادرا على انتاج اسلحة نووية ومن اجل معرفة مدى جدية القادة الايرانيين في سعيهم للتعاون يتوجب على أوباما الاخذ بالاسلوب القديم المتمثل في اجراء اتصالات دبلوماسية مباشرة مع طهران. \r\n \r\n ستكون هناك حاجة لبذل جهود دبلوماسية متعددة الاطراف من أجل التوصل إلى هدف استراتيجي آخر وهو اخراج الولاياتالمتحدة من المستنقع الذي ألقت بنفسها فيه في افغانستانوباكستان، هذا لا يعني العمل فقط مع هاتين الدولتين بل ايضا مد جسور التعاون والتنسيق في هذا المجال مع دول اخرى مثل الهند وإيران وروسيا ودول آسيا الوسطى والصين وتحقيق مثل هذا الأمر لن يكون سهلا بل على درجة عالية من التعقيد: البديل سيكون حربا مفتوحة لا نهاية لها للناتو في افغانستان مع الخطر الادهى والأمر المتمثل في تحول باكستان النووية إلى دولة فاشلة مع ما يحمله ذلك من مخاطر انتقال السلاح النووي إلى أيدي الجماعات الإسلامية. \r\n \r\n سيتوجب على اوباما ايضا التمسك بوعده الخاص بالعمل فورا على تحقيق حلم الدولتين من خلال عقد اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين واتفاق سلام آخر بين سوريا وإسرائيل. \r\n \r\n ان على أوباما ان يتحدث مباشرة للمسلمين في العالم الإسلامي وان يخبرهم بصورة لا تقبل اللبس انه ليست هناك نوايا لاميركا في حدوث صدام بين الحضارات بل يوجد بدل ذلك الاستعداد للتعاون لمواجهة التهديدات المشتركة وجعل العالم اكثر امنا وازدهارا. \r\n \r\n لقد جاء انتصار اوباما غير عادي لانه رأى بوضوح الاخطاء التي تعاني منها الولاياتالمتحدة وفشل الحكومة في حماية مواطنيها، لقد عرض على الشعب الاميركي تشكيل حكومة قادرة على مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب والمحافظة على وجود هواء نظيف تتنفسه وضمان ان يحصل المواطن الاميركي الفقير على الرعاية الصحية والمواطن العادي على الغذاء الصحي والتعليم المناسب لوضع اميركا مرة اخرى على الساحة الدولية. \r\n \r\n من خلال رسالة الامل والكفاءة استطاع اوباما ان يجذب الناخبين اليه ودفع اناسا كثيرين لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات للوقوف ساعات طويلة امام مراكز الاقتراع لاعطائه صوتهم. \r\n \r\n جاء يوم الانتخابات والشعب الاميركي يعيش اوضاعا اقتصادية صعبة والملايين يواجهون مستقبلا غامضا في الوقت الذي فشلت فيه ادارة بوش في منع حدوث الازمة المالية الخانقة التي تسببت بها عندما تركت العنان للبنوك لتتصرف بالطريقة التي تريد دون حسيب او رقيب، سيتوجب على اوباما ان يتحرك بسرعة لفرض السيطرة من خلال تبني إجراءات تتسم بالشفافية والحسم. \r\n \r\n لقد تعمدت إدارة بوش انكار وجود تغير في المناخ وهو تطور يهدد بإحداث كوارث ستطال معظم دول العالم. وسيتوجب على أميركا في عهد أوباما ان تأخذ الريادة في هذا المجال لجعل عالمنا أفضل. \r\n \r\n يتوجب على أميركا أن تطور تكنولوجيات جديدة قادرة على توليد طاقة نظيفة من أجل تقليل انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وتقليل اعتماد أميركا على النفط الأجنبي المستورد. \r\n \r\n هناك الكثير من المشاكل الأخرى التي لا بد من معالجتها ومنها فقدان ملايين الأميركيين للرعاية الصحية خاصة أطفال الفقراء. ولا بد من حماية اولئك المهددين بخسارة مصدر دخلهم بسبب فقدانهم لوظائفهم. \r\n \r\n ان أوباما سيحتاج للدعم من قبل كل مواطن أميركي، لقد ألقى ماكين خطابا بعد ظهور نتيجة الانتخابات طالب فيه مؤيديه ليس فقط باحترام نتيجة الانتخابات بل أيضا بالوقوف خلف أوباما. \r\n \r\n هذه هي البداية، فالأمة كلها تواجه الكثير من التحديات وهي تحديات ليس بمقدور رجل واحد أن يواجهها. انها مسؤولية الجميع دون استثناء. \r\n \r\n الفترة الانتقالية بين الرؤساء الأميركيين بين رئيس مقيم في البيت الأبيض يستعد للمغادرة ورئيس جديد منتخب يستعد للدخول ليست بالأمر السهل لأي من الطرفين. \r\n \r\n الاقتصاد الأميركي يعيش الآن اوضاعاً صعبة حيث تفجرت فيه أزمة الرهن العقاري تم تلتها الأزمة المالية وها هو يدخل في مرحلة ركود قد تطول وقد تتعثر، ليس بوسع بوش اتخاذ قرارات تقيد خليفته وليس يوسع خليفته التدخل الآن لأنه يوجد رئيس يحكم البلاد وهذا يوجب على كلا الطرفين ان يتعاونا. \r\n \r\n ما نراه حتى الان ان هناك تفاهما بين الرجلين فالرئيس بوش ادلى بتصريحات ألزم فيها نفسه بإجراء تسليم سلس للسلطة ويقر أوباما بأن هناك رئيسا واحدا للبلاد في الوقت الحاضر، ويقول ان اقرار أي خطط أو سياسات لجلب الاستقرار للاقتصاد المهتز يجب ان يتم تبنيها عاجلاً وهذا يوجب التعاون لا التنافر وتبادل الاتهامات. \r\n \r\n فريق أوباما الاقتصادي يعمل حالياً على اعداد خطة لانعاش الاقتصاد في الوقت الذي يعمل فريق بوش على شيء مماثل يحتاج لدعم أوباما. \r\n \r\n خلال المؤتمر ا لصحفي الاول الذي عقده اوباما بعد انتخابه رئيسا ذكر انه سيتروى في اختيار الحكومة واكد اكثر من مرة على كلمة «تروٍ» لاوباما كل الحق في ان يتروى وان كان مطلوبا منه ان يسارع الى اختيار الاشخاص الذين سيعملون معه في بعض المجالات اكثر من غيرها ويأتي على رأسهم اختيار وزير للخزانة كون هذا سيساهم في التخطيط للمرحلة القادمة لانعاش الاقتصاد. \r\n \r\n على اوباما ان يكون حكيما في اختياره والمستشارون الذين كانوا يحيطون به خلال مؤتمره الصحفي لم يكونوا على ذلك القدر المطلوب من الخبرة والحنكة، المطلوب هو الخروج بفريق كامل ومتكامل تسوده روح الفريق كون المرحلة القادمة ليست عادية بل بها الكثير من التحديات وسيكون للفشل الكثير من التداعيات. \r\n \r\n التعيين الاول الذي اقره اوباما اثار استغراب الكثيرين حيث تم تعيين رام ايمانويل كبيرا لموظفي البيت الابيض وكان هذا قد سبق ان عمل مستشارا للرئيس السابق بيل كلينتون ومستشارا حاليا لاحدى المؤسسات وزعيما ديمقراطيا في الكونغرس وذكر احد الجمهوريين معلقا على هذا الاختيار قائلا ان بإمكانك استئجار رام لنسف جسر وليس لبنائه، التواصل مع الجمهوريين لن يكون من اختصاص رام بل سيكون من اختصاص آخرين والمعروف عن رام انه حاد الطبع وسليط اللسان ممايعني احتمال اقحام الادارة في عديد من المشاكل. \r\n \r\n لقد وعد اوباما بأن يحكم اميركا بأسلوب معتدل وهذا شيء جيد ويتوقع المراقبون ان يقدم على تعيين عدد من الجمهوريين في ادارته وهو امر جيد طالما ان من سيتم تعيينهم يتمتعون بالكفاءات والخبرة المطلوبة وليس مجرد رموز لا اكثر.على اية حال فإن الاختبار الحقيقي للاعتدال سيأتي لاحقا عندما يبدأ اوباما في الاختيار ليس بين الافراد بل بين السياسات للأخذ بأفضلها واكثرها مناسبة لأوضاع اميركا الصعبة.