\r\n وركزت الدلائل المتوفرة عن تعاظم حجم السلاح والتدريب والتوجيه الذي تتلقاه المليشيات الشيعية من طهران اهتمام الامريكيين على ما دعاه روبرت غيتس, وزير الدفاع الامريكي, مؤخرا ب »التأثير الخبيث« لطهران. \r\n \r\n ويتزامن التركيز المكثف على ايران مع تضاؤل التركيز على القاعدة في العراق بصفتها المبرر الاكبر لاستمرار الوجود الامريكي في العراق. \r\n \r\n وفي جلسة استماع امام الكونغرس الاسبوع الماضي قال الجنرال ديفيد بترايوس ان الجيش الامريكي قد طرد القاعدة من بغداد ومحافظة الانبار ووسط اعراق كما ذكر بترايوس ان القاعدة تتركز حاليا في مساحات متقلصة حول مدينة الموصل الشمالية. \r\n \r\n وكان بترايوس, القائد العسكري الامريكي الاعلى في العراق, وسفير امريكا في بغداد رايان كروكر قد تحدثا كثيرا عن ايران اثناء وجودهما معا في واشنطن, لكنهما قلما جاءا على ذكر القاعدة. \r\n \r\n احد المسؤولين الامريكيين الذي طلب عدم ذكر اسمه لانه غير مخول بالحديث عن الموضوع اخبر صحيفة »واشنطن بوست« ان »التراجع والاضطراب اللذين لحقا بالقاعدة مكنا المسؤولين الامريكيين من رؤية عقبات اخرى كانت غير بارزة للعيان. فالمليشيات المسلحة من قبل ايران هي التهديد الاكبر اليوم للاستقرار الداخلي«. \r\n \r\n ادت نصيحة بترايوس وكروكر, جزئيا, الى قيام الادارة الامريكية بالبدء بتقييم داخلي لما يتوفر من معلومات بشأن النشاطات والنوايا الايرانية, وكيفية مقارعتها والتغلب عليها. وقد جاءت عملية المراجعة هذه بعد ان كشف الاقتتال الاخير في العراق افتقار الادارة الامريكية لفهم شامل للحالة ولموقف متطور ازاءها. \r\n \r\n لقد اعتبرت ايران, منذ زمن ليس بالقصير, جهة منتفعة من الاوضاع في العراق بكل ما لديها من روابط قوية بجميع الشخصيات والمليشيات الشيعية الرئيسية, ومن ضمنها رئيس الوزراء نوري المالكي, الى الحد الذي جعل الدول العربية تنظر الى العراق كدولة عميلة لايران. \r\n \r\n وقد اظهر الاقتتال الاخير في البصرة الذي اطلقته حملة نوري المالكي العسكرية ضد مليشيا جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ما اعتبره المسؤولون الامريكيون تهديدا وفرصة في آن واحد. \r\n \r\n يقول المسؤولون العسكريون الامريكيون ان اغلب الاسلحة الكثيرة وعالية النوعية التي استخدمتها المليشيا في البصرة والصواريخ التي استخدمت ضد المنطقة الخضراء في بغداد حديثة الانتاج في ايران حيث تعود تواريخ انتاجها الى عهد قريب. كما ان اساليب المليشيا المتطورة ودقة استهدفها تشير الى تطور التدريب الذي تتلقاه من ايران. \r\n \r\n كما ان التحقيق مع اربعة من زعماء فيلق القدس التابع لحرس الثورة الايراني والذين اعتقلوا في العراق في كانون الاول 2006 وكانون الثاني 2007 قد اكد ما استخلصه الامريكيون من ان قطاعات من جيش المهدي توجه من قبل طهران. \r\n \r\n على الرغم من اشارات سابقة الى تضاؤل الدعم الايراني للجماعات العراقية المسلحة وكميات السلاح الايراني المتدفق على العراق, فان الادميرال مايكل مولن, رئيس هيئة الاركان المشتركة, صرح يوم الجمعة الماضي بان »هذا التحرك في البصرة يجب ان يقنعنا بان ذلك الامر لم يحدث. فالبصرة قد اتاحت لنا رؤية اوضح لتورطهم في نشاطات كثيرة«. \r\n \r\n اما وزير الدفاع روبرت غيتس الذي ظهر مع مولن في مؤتمر صحافي في البنتاغون, فقد قال عن ايران »سوف ننشط الى اقصى حد ممكن داخل العراق كي نحبط مساعيهم«. وقال ايضا ان العمليات الامنية العراقية في البصرة قد »فتحت عيون« حكومة المالكي. \r\n \r\n وكان بترايوس قد اخبر الكونغرس بان المالكي قد شن الهجوم في البصرة على عجل ومن دون استعدادات ملائمة الامر الذي ادى الى مأزق والى حاجته الى استدعاء الدعم الجوي الامريكي. وخلال الايام الاولى من عملية البصرة, كان موقف المسؤولين الامريكيين انتقاديا جدا من توقيت المالكي وادائه. وقد خشي بعضهم ان الهجوم على قوات الصدر لم يكن حملة ضد من سماهم المالكي ب »المجرمين« في البصرة بقدر ما كان محاولة لتحقيق مكاسب سياسية ضد جماعة شيعية منافسة قبل حلول موعد الانتخابات المحلية. \r\n \r\n وقد تفاقم انزعاج الامريكيين عندما تولت ايران دور الوساطة لتحقيق توقف مؤقت لاطلاق النار في مفاوضات عقدت في طهران بين جماعات سياسية شيعية وممثلي مليشيا جيش المهدي. \r\n \r\n وكان بترايوس قد اخبر الصحافيين في البنتاغون ان »اهمية التأثير الايراني في تسهيل الحوار بين الفصائل السياسية المختلفة كانت بارزة« وكان من اسباب اثارة قلق مسؤولي الادارة الامريكية ظهور ايران بمظهر من يسيطر على الاحداث في العراق في حين تبدو الولاياتالمتحدة ضعيفة وغير ملحة بجوانب الامور. \r\n \r\n من الجانب الاخر, رأى المسؤولون الامريكيون امكانية جني بعض الفائدة من هذا الوضع. فقد اجتذب استعداد المالكي لملاحقة زملائه من الشيعة تأييد الجماعات السياسية الاخرى في العراق بمن فيهم السنة والاكراد الذين طالما كانوا يتوجسون ريبة من ميوله الطائفية. كما انه اعطى واشنطن نقطة حوار يمكن ان تستخدمها مع الحكومات العربية السنية في المنطقة التي تنأى بنفسها عن المالكي. وقد قال احد المسؤولين الامريكيين »انها فرصة لتحسين صورة المالكي داخل العراق ولاعطائنا حجة اقوى مع العرب«. \r\n \r\n لقد حاولت الادارة الامريكية عبثا ايجاد دعم دبلوماسي واقتصادي عربي للحكومة العراقية. لكن العرب ينظرون الى ايران الشيعية كمنافس لهم على الزعامة الاقليمية وهم يرفضون المالكي بصفته »العوبة بيد طهران«. \r\n \r\n مسؤول وزارة الخارجية الامريكية على علاقة بالموقف من الشرق الاوسط, قال لصحيفة »واشنطن بوست« ان العرب في المنطقة »يشعرون بان الحكومة العراقية مسروقة من قبل ايران« كما اعرب عن امل الادارة الامريكية بان يؤدي قرار المالكي في البصرة الى تغيير مواقف الدول العربية المجاورة. \r\n \r\n في مؤتمر صحافي عقد يوم الخميس الماضي, فند السفير كروكر مخاوف الدول العربية من الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مؤخرا للعراق. وقال كروكر »الامر لا يتعلق بزيارة احمدي نجاد. انما يجب التركيز على غياب زيارات مماثلة من جيران العراق الاخرين. اذ لم يقم وزير عربي واحد بزيارة بغداد. واذ يتصدى العراق للتحديات القادمة من طهران, فان شيئا من الدعم العربي يمكن ان يكون مفيدا«. \r\n \r\n يذكر ان الرئيس بوش, بعد مشاورات مع كروكر وبترايوس, اوعز باختصار زيارتهما لواشنطن وقام بارسالهما الى الرياض. في جلسة غداء عقدت في مبنى صحيفة »واشنطن بوست« قال كروكر انهم في اجتماع عقد في البيت الابيض يوم الخميس الماضي راجعوا »اين نحن الان في العراق«. \r\n \r\n واضاف يقول ان الرسالة التي سوف يحملانها الى الرياض هي »لقد آن الاوان للدول العربية ان تخطو خطوة الى امام وتدخل مع العراق في علاقة بناءة. عليها ان تفتح سفاراتها, وان ترسل سفراءها, وان ترتب الزيارات, وتنفذ اعفاء الديون وتتعامل مع العراق بالشكل الذي يستحقه بصفته جزءا مركزيا في العالم العربي«. \r\n