الارقام المشجّعة \r\n \r\n صرّح الجنرال بترايوس, لدى شهادته في الكونغرس, بأن \"الاهداف العسكرية للانتشار قد تحققت الى حدّ كبير\". وبالنسبة لبترايوس, فإن مجمل الهجمات الاسبوعية, وحالات الاصابة الجماعية, وحوادث التفجيرات العشوائية, وحالات الموت بين المدنيين العراقيين قد انخفضت بشكل بارز في العديد من الحالات \"وبنسبة 50 بالمئة, او اكثر\". وعلى الرغم من تشكيك عدد من التقارير الاعلامية, التي صدرت قبل شهادته في الكونغرس, بمصداقية هذه الارقام, الا ان التقييم الرسمي لها منسجم مع عدد من البيانات المستقلة, مثل مكتب عد الاصابات بين قوات الائتلاف في العراق, و \"مؤشر العراق لدى معهد بروكينغز\". \r\n \r\n كما اطلق الجنرال بترايوس هذا الاعلان الجدير بالملاحظة, وهو ان الهجمات بالمواد المتفجرة العشوائية, على ايدي \"المجموعات الشيعية الخاصة\", المدعومة من ايران, قد تضاعف عددها تقريبا, خلال الاشهر الستة الماضية. وشكلت اصابات تلك الهجمات ثلث اجمالي حالات الوفاة, وثلاثة ارباع عدد الاصابات تقريبا الناجمة عن هجمات على القوات الامريكية في بغداد خلال شهر تموز. وهذا مؤشر على ان المقاومة الشيعية المسنودة من ايران, عامل متزايد الاهمية في معادلة الامن في العراق, الامر الذي يضيف عنصرا اخر الى تعقيد الجو العام المحيط بالصراع. \r\n \r\n \r\n في الاسبوع الاول من رمضان, يبدأ الاختبار الاول لمقدرة قوات الائتلاف على التوكيد على التقدم الذي اظهره الجنرال بترايوس. فان تواصلت التوجهات التاريخية, فمعنى هذا ان اعمال العنف ستصل ذروتها في الشهر الفضيل, وستركد فترة شهرين او ثلاثة اشهر مؤقتا خلال فصل الشتاء, ثم تتصاعد في الربيع. وينبغي تحليل التطورات في الاشهر المقبلة على خلفية هذه التغيرات والتبدلات التاريخية في التقاويم الدينية والفصلية. \r\n \r\n نكسات القاعدة في العراق \r\n \r\n اوضح بترايوس ان الارتجاع العشائري المناهض لتنظيم القاعدة في العراق, وفي محافظة الانبار, \"ربما يشكل اهم تطور وقع في الاشهر الثمانية الماضية\", ومع ان بداية الارتجاع وقعت في الخريف السابق للانتشار, في عام ,2006 الا ان تحرك العشائر قد عززته اضافة اربعة الاف جندي امريكي الى المحافظة. فتلك الزيادة في القوات, ادت الى الشراكة بين العشائر المعادية للقاعدة وبين قوات الائتلاف, التي قامت بدورها بتقليص الهجمات. ويبدو ان هذا الارتجاع قد تمخض من مجموعة عوامل, منها, الرفض الشعبي لايديولوجية القاعدة واساليبها الوحشية في العراق, والخطر الذي تمثله ويهدد الاستقلال الذاتي للعشائر ولنمط حياتها, والتهديد الذي تمثله على المصالح الاقتصادية للعشائر. \r\n \r\n وتحاول قوات الائتلاف تكرار تحقيق هذا النجاح في مناطق اخرى, مثل ديالى ونينوى. ويأمل مسؤولون في الائتلاف ان ينشأ ارتجاع مشابه لدى العشائر ضد جيش المهدي في المناطق الشيعية. ومع هذا, فليس واضحا بعد فيما اذا كانت الجهود, التي تبذل في مواقع اخرى, ستنجح على اسس وقواعد اكثر اتساعا. \r\n \r\n ومهما يكن من امر, فإن استراتيجية قوات الائتلاف حيال العشائر تواجه عددا من المشاكل, منها: المحافظة على وحدة التحالف العشائري المناهض للقاعدة في العراق, حماية الولاء والانتماء العشائري لقوات الائتلاف في حالة ان توقف العداء للقاعدة في العراق ان يشكل خطرا, وضمان الا تهيء الجهود الرامية الى ضم الميليشيات العشائرية الى قوات الامن العراقية, لمزيد من عنف الحرب الاهلية. وسيتوقف النجاح في ذلك على مقدرة قوات الائتلاف والحكومة العراقية, على توفير الحوافز للاحتفاظ بهذه العلاقات حديثة التشكيل والنشوء, وتتوافر حاليا وفعليا دلالات واعدة, بأن هذه الجهود تلقي بتأثيرها على الحكومة العراقية لتبني موقف اكثر مرونة تجاه السنة. \r\n \r\n المصالحة المحيرة \r\n \r\n كان الهدف من زيادة قوات الانتشار تحسين الوضع الامني في بغداد. وحسب ما رآه السفير كروكر, لغاية كسب \"الوقت والمساحة\" اللازمين للمصالحة الوطنية, وتوافر بيئة امنية ربما يجعل من الصعب, كما هو مفترض, تعطيل جهود دبلوماسية حساسة, كما سيتيح للسياسيين الوصول الى تسويات وسطية مؤلمة لانهاء الحرب الاهلية في العراق. ومع ذلك, فان بيئة اكثر امنا لا تقرر, وحدها, النجاح. فهناك عدد اخر من العوامل الحيوية والهامة لتسوية الحرب الاهلية, منها: وضع عسكري محرج يمنع جميع الاطراف من تحقيق اهدافهم بالوسائل العسكرية; بروز اجماع توافقي على شروط التسوية; وتوافر زعماء متنفذين قادرين على التحدث والتفاوض نيابة عن قاعدتهم الانتخابية, ومن سوء الحظ, ان لا احد من هذه العوامل والشروط قائم حاليا في العراق. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان معظم العراقيين قد ارهقهم العنف, فيبدو ان العديد من المقاتلين يريدون الاستمرار فيه. وفي حين لا يرغب معظم العراقيين رحيل قوات الائتلاف في الظروف الحالية \"وفقا لاستطلاع اجرته وكالة ABC للانباء\", فهناك عدد كبير من السنة والشيعة الذين يأملون في انسحاب امريكي, كي يشنوا حربا على طريقتهم وبشروطهم. ومع خطة الولاياتالمتحدة بتقليص قواتها خلال عام ,2008 الامر الذي يُفهم منه انه مقدمة لانسحاب كامل بعد انتخابات الرئاسة المقبلة, يرى العديد من العراقيين في ذلك فرصة مواتية. \r\n \r\n وتظل الهوة السياسية بين السنة والشيعة قائمة. فالكثيرون من العرب السنة لا ينوون التفاوض مع حكومة هي من صنع قوة اجنبية, ومؤلفة من احزاب واطراف شيعية ذات انتماءات ايرانية, وملتزمة بتعزيز هيمنتها وترسيخها. كما تظل قائمة الخلافات الرئيسة حول النفط والفيدرالية وتصفية التبعيث. فعلى سبيل المثال, تقف الاحزاب الكردية والمجلس الاسلامي العراقي الاعلى الى جانب شكل من الفيدرالية الفضفاضة, بينما يفضل الصدريون ومعظم العرب السنة قيام دولة موحدة بحكومة مركزية قوية. وعلى ارض الواقع, هناك انقسام عميق بين التجمعات الشيعية والسنية. واتسم الاتجاه العام بالسير نحو تشرذم اكبر واوسع في السلطة السياسية والدينية في كليهما. ولا تتوافر رؤية مستقبلية مشتركة بينهما, كما لا يتوافر فيهما قادة قادرون على وقف اعمال العنف او التحدث بمسؤولية باسم جماعاتهما \"هذا بالرغم من احتمال ان تساعد قوات الائتلاف في تحديد قياديين في الطرف السني مستقبلا\". \r\n \r\n لهذه الاسباب, يبدو ان المصالحة من القمة الى القاعدة في العراق غير مرجحة في وقت قريب. وهذا ما دعا السفير كروكر الى التشديد في شهادته على ان التقدم في شأن المصالحة الوطنية \"ربما يتحقق في اشكال عديدة\", وقد يتطلب من قوات الائتلاف \"مساعدة العراقيين لتعزيز وترسيخ تطورات ايجابية على المستويات المحلية, وربطها بالحكومة الوطنية\". \r\n \r\n نظرة استشرافية \r\n \r\n نادرا ما يسير خط التقدم في الحرب على نسق مستقيم.. والحرب على العراق ليست استثناءً من هذا. وبرغم التطورات الواعدة, فقد تسير اشياء كثيرة في الطريق الخاطىء خلال الاشهر المقبلة, مثل: التحالف العشائري في الانبار, الذي قد يؤول الى الانهيار والتفتت, او ينقلب على قوات الائتلاف. وقد تشعل خطط اجراء استفتاء على مستقبل كركوك اعمال عنف عرقية. وقد تغزو تركيا شمال العراق, لضرب مقاتلي حزب العمال الكردستاني الملتجئين هناك. وقد يضطر العنف المكثف داخل صفوف الشيعة في البصرة \"بعد انسحاب القوات البريطانية\", وفي مدينتي النجف وكربلاء المقدستين, قوات الائتلاف لتعزيز الجنوب, لكن على حساب الامن في اماكن اخرى. كما ان سقوط حكومة المالكي قد يخلق مشاكل كبرى, وفرصا اخرى ايضا, لقوات الائتلاف. \r\n \r\n يتمثل الاختبار الحقيقي لذلك, ويبدأ ايضا, بعد انتهاء الانتشار الاخير للقوات الامريكية, هذا على فرض ان الانسحاب الامريكي باعداد كبيرة من قواته في العام المقبل, كما يتضح ذلك في الوقت الحاضر. فان لم تترسخ المكاسب الامنية, التي تم تحقيقها قبل التخفيض المتوقع في عدد القوات, بعد ذلك التخفيض, فإن العنف السياسي والطائفي سيزداد على الارجح, ما يخلق تحديات واخطارا جديدة للسياسة الامريكية, ويدمر قوات الامن العراقية ومستقبلها, وكذلك آفاق المصالحة الوطنية.0 \r\n