ولأنني سوف أقدم خلال الأسبوع الجاري العرض التليفزيوني رقم \"600\" الذي يتزامن مع قضائي لخمسة عشر عاماً في تقديم البرامج التليفزيونية، آمل في أن تقدموا لي آراءكم عن العروض التليفزيونية التي أقدمها والفرص المميزة التي صنعتها المحطات الفضائية لنا جميعاً. \r\n ومنذ البداية، كنا على دراية بإمكانيات وقوة البرامج التليفزيونية التي تعرض بشكل حي ومباشر. أولاً وقبل كل شيء، كان هناك عنصر المباشرة في طرح المواضيع واستقبال المكالمات التي أتلقاها. وأنا أتذكر على سبيل المثال أننا كنا على الهواء في ليلة التفجير المريع لمبنى \"ألفريد مواره\" الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما سيتي عام 1995. وخلال ذلك اليوم، عرضت محطات التلفزة الأميركية ما أسمتهم ب \"الخبراء\" وهم يشيرون إلى أن العرب هم المسئولون عن هذا الهجوم. وفي تلك الليلة أثناء تقديمي لبرنامج \"كابيتال فيو\" تلقيت العديد من الإتصالات من الأميركيين العرب الذين كانوا يتعرضون لبدايات المضايقات الحتمية في أعقاب هذا الحادث. وكان من بين هذه المضايقات المثول للشهادة أمام حاكم مدينة أوكلاهوما سيتي نفسه، كما تلقيت اتصالات من الأسر الخائفة في منازلها التي كانت تتصل بنا في الوقت الذي كان فيه المتظاهرون الغاضبون يقفون خارج منازلهم. \r\n ووقع حادث مشابه بعد عدة سنوات بعد التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام عن القصف الجوي لمدينة الفلوجة العراقية. وكان ضيفي، وهو مسئول بارز بوزارة الخارجية الأميركية، قد أنكر بشدة تنفيذ القوات الأميركية لقصف جوي على المدينة. وفي هذه اللحظة، جاءت مكالمة من امرأة خائفة وغاضبة بمدينة الفلوجة أخبرتنا عن الدمار الذي لحق بالضاحية التي تسكن فيها بفعل القنابل التي سقطت من الطائرات الأميركية. \r\n وهناك أيضاً فرص من التواصل الثقافي تقدمها مثل هذه البرامج التليفزيونية. وأفضل مثال على هذا هو المحادثات الحية التي أجريت بين طلبة في الولاياتالمتحدة وطلبة جامعة بغداد. وقد جرت أول هذه المحادثات قبل أسبوع من بدء الحرب، وجرت الجولة الثانية من المحادثات بعد شهرين من اندلاع الحرب، بينما جرت المحادثة الثالثة والأخيرة في الذكرى الرابعة للحرب. \r\n وكان هناك لقاء آخر مميز مع وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية دونا شلالا، أول امرأة أميركية من أصل عربي تشغل منصباً وزارياً في الولاياتالمتحدة الأميركية. وفي إحدى نقاط مناقشتها عن الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة، ذكرت شلالا مشكلة الانتهاكات الزوجية. وخلال هذه المقابلة، اتصل أحد الأزواج من الأردن وحاول الدفاع عن هذا السلوك. وتلى هذا الإتصال مكالمة هاتفية من إحدى ضحايا العنف الزوجي من مصر. وقتها تحولت المقابلة إلى مناقشة محتدمة حول هذه المشكلة. \r\n وفي النهاية، أذكر المناقشة الهامة التي أجريناها حول أسباب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية من موقع الحادث البشع بمشاركة الصحفي الأميركي توم فريدمان ومجموعة من الطلبة النابهين بجامعة الشيخ زايد الإماراتية. \r\n وقد زودتني هذه اللقاءات التليفزيونية بفرصة الوصول إلى المعلومات وجمعها وتنظيمها. وخلال انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1996، خصصنا سلسلة من البرامج لمناقشة قضايا الحملة الانتخابية وأهمية التصويت والمشاركة في هذه الانتخابات. وفي هذا الوقت، كانت برامجنا تبث على محطة إرسال رئيسية في ولاية ميتشيجان. وبعد الانتخابات، أجرت إحدى الصحف اليومية في الولاياتالمتحدة مسح على أكثر من 100 شخص شاركوا في التصويت للمرة الأولى بالجالية العربية الأميركية الكبيرة، وعندما طرحت عليهم سؤال عن أسباب مشاركتهم في التصويت، ذكر 75% منهم بأنهم قاموا بهذه الخطوة بفضل المعلومات التي حصلوا عليها من برنامج \"كابيتال فيو\". \r\n ومرة أخرى، خلال انتخابات عام 1990 النصفية، عانى الأميركيون العرب الأمرين بسبب السياسات البشعة والتعسفية في المطارات التي أدت إلى توقيف العديد منهم في المطارات ومنعهم من السفر. وفي نفس الوقت، كانت لجنة فرعية تابعة للبيت الأبيض تتابع إجراءات الأمن والسلامة من أجل تقديم توصيات لنائب الرئيس. وقد وجهنا الدعوة لرئيس أركان اللجنة وممثل عن اتحاد الحريات المدنية الأميركية في حلقتين تم تخصيصهما للحديث عن هذا الموضوع. وعلى مدار أسبوعين، حكى المتصلون لضيوفي عن تجاربهم المروعة. وكانت الروايات التي قدموها بشعة، وساهمت في توجيه توصيات اللجنة نحو إنهاء عملية التفتيش الشخصي. \r\n وعلى مدار الخمسة عشر عاماً الأخيرة، استضفنا العديد من الشخصيات الشهيرة (مثل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ونائب الرئيس الأميركي السابق آل جور والسيناتور جون ماكين) إضافة إلى العديد من الخبراء والمفكرين والصحفيين الذين قدموا من خلفيات متعددة. وقد ناقشنا مجموعة واسعة من المواضيع التي أثرت على العلاقات الأميركية العربية ودرسنا مجموعة من القضايا السياسية الأخرى. وفي كل هذه الأثناء، وفرنا لمشاهدينا فرصة طرح تعليقاتهم وأسئلتهم. وقد حاولنا، من خلال هذا كله، إظهار أنه مهما كانت القضية صعبة أو مثيرة للجدل، فإن الحوار المدني ليس ممكناً فقط، ولكنه ضروري إذا كنا سنتعلم ونتوصل إلى فهم لأسباب هذه القضايا. \r\n وقد بدأنا كبرنامج حواري تليفزيوني يستقطب بشكل كبير المشاهدين الأميركيين من أصل عربي. ونحن الآن البرنامج التليفزيوني الوحيد الذي يقدم باللغة الإنجليزية في قناة عربية. ولهذا السبب، فإن البرنامج لا يعرض في وقت الذروة بمنطقة الشرق الأوسط. ولكن من خلال ردات الفعل التي حصلت عليها عندما سافرت إلى هذه المنطقة، عرفت بأننا نتمتع بنسبة مشاهدة عالية بين أوساط الأفراد الذين يقدرون النقاش الهادئ والواعي للقضايا الحساسة. \r\n والشيء الذي يجعلني أشعر بسعادة بالغة هو أن برنامجي يعرض الآن على عدد من القنوات التليفزيونية الأميركية، وهو الأمر الذي يمكننا من الوصول للمشاهد العربي والأميركي في نفس الوقت. \r\n وأنا أنتهز هذه المناسبة لأتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى القائمين على محطة أبوظبي التليفزيونية بسبب دعمهم المستمر، وأتقدم بالشكر أيضاً إلى المشاهدين المخلصين في الوطن العربي وداخل الولاياتالمتحدة. وقد تعلمت الكثير من مئات الضيوف الذين استضفتهم وآلاف المشاهدين الذين اتصلوا بي. وأنا أشعر بالفخر والتميز باستمرار لكوني جزءا من هذا الحوار المتواصل. \r\n \r\n د. جيمس زغبي \r\n رئيس المعهد العربي الأميركي \r\n