يعيش الناتو لينمو. ولم تعد القدرة العسكرية تهم كثيرا بعد الآن. حيث أن بلدان شرق أوروبا التي انضمت الى الناتو في 1999 و2004 ليست لديها قوة حتى لحماية نفسها. فهي بلدان مستهلكة أمنيا. والاعضاء القدامى والجدد في الناتو يقلصون بشكل مطرد قواتهم العسكرية ومن ثم فقد صار لديهم وسائل أصغر للدفاع عن منطقة أوسع. وسوف تستمر الامور في السوء مع الجيشين الالباني والمقدوني شديدي الضعف. \r\n من المنطقي الافتراض أن الناتو يستمر في توسيع حدوده لأهداف سياسية فقط- لنشر منطقة الحرية والديمقراطية الاوروبية. فقد فقد الناتو هدفه الاصلي في 1991. ومثل أي بناء بيرواقراطي غير الحلف أولوياته الى مجرد حفظ الذات مع عدم الاكتراث بمهمته المفترضة. ومن هذا المنطلق بات التوسع شرقا الاولوية بالنسبة للمسئولين في بروكسل الذين يديرون الحلف- ليس لأي اعتبارات امنية بل بسبب انه يوفر لهم وظيفة كبيرة لوقت طويل. وهم لا يبالون على الاطلاق بالامن الاوروبي، وخاصة انه لا يوجد تهديد له الآن. ولا يحصل الاعضاء الجدد في الناتو على أي شيء سوى القناعة النفسية باللحاق بنادي \"الدول المتحضرة\" وإحساس لطيف بالأمن، على الرغم من انهم آمنين في وضعهم الحالي. \r\n في الحقيقة، أن هناك تهديدا واحدا فقط لاوروبا الآن وفي المستقبل المنظور. هذا التهديد هو تهريب المخدرات من افغانستان. فهناك عجز عسكري للناتو واضح تماما، حيث ان قوات الحلف في افغانستان تقف عاجزة تماما امام مزارعي ومهربي المخدرات. \r\n اننا نأسف فقط لأن روسيا لم تعترف كلية بهذه الاتجاهات وتتشبث بدلا من ذلك برهاب الحرب الباردة. ان توسع الناتو لا يفتقد فقط لأي منطق واضح بل انه يعزز ايضا ذلك الرهاب من خلال إثارة الشكوك بشأن مؤامرة عدوانية تحاق ضد روسيا. ولكن وكما قد يبدو ذلك فإنه حتى لو انضمت دول البلقان الثلاث الى الناتو، فإنه من الصعب ان تثير موسكو اعتراضات مع الأخذ بعين الاعتبار لضعفها العسكري الواضح والبعد الجغرافي لهذه البلدان عن الحدود الروسية. \r\n ويمكن ان تأخذ موسكو موقف اكثر تشددا اذا انضمت جورجيا او بشكل اكثر سوء لو انضمت اوكرانيا للحلف، حيث انها يمكن ان تنظر للتحرك ليس بوصفه مجرد غزو لمجال نفوذ رسخته روسيا منذ وقت طويل، وان كان خياليا الى حد كبير، بل بوصف ذلك عدوانا مباشرا. هذا بغض النظر عن حقيقة ان التوسع لن يرافقه اي زيادة في القدرة العسكرية. \r\n اذا انضمت اوكرانيا وجورجيا للناتو، سوف تفقد معاهدة القوات التقليدية في أوروبا مضمونها بشكل واضح ويتم دفنها في التراب في النهاية مما يترك روسيا حرة في بناء وتعزيز قواتها غرب الاورال. كما انه يمكن ان يضع المسمار الاخير في نعش معاهدة القوات النووية المتوسطة. \r\n \r\n أما بالنسبة لابخازيا واوسيتيا الجنوبية فإن روسيا على الأقل سوف تتبع سياسة الاعتراف بشكل ضمني ان لم تعترف بشكل واضح باستقلالهما. وفي هذا السياق فإن الغرب قد أسدى لروسيا معروفا بالاعتراف بكوسوفو. حيث ان القادة الغربيين يتعاملون بمعايير مزدوجة عندما يعلنون ان كوسوفو حالة فريدة وتشكل سابقة. ويعزو العرف العام والقانون الدولي على حد سواء لأبناء ابخازيا واوسيتيا الجنوبية نفس الحق في تقرير المصير مثلهم في ذلك مثل ابناء كوسوفو. ومن ثم، فانه اذا انضمت جورجيا للناتو فإنها يمكن أن تضع نهاية لوحدة أراضيها، على الرغم ان تبليسي يبدو انها تأمل على العكس من ذلك في تعزيز وحدة اراضيها. \r\n من الصعب القول بما يمكن ان تحصل عليه اوكرانيا من الانضمام للناتو بغض النظر عن الاحساس بالانتماء للعالم المتحضر. وفي الحقيقة فإن اوكرانيا الحالية هي وريث مصطنع لجمهورية اوكرانيا السوفيتية التي تم تحديد حدودها بشكل اعتباطي وفي خرق واضح للقواعد السوفيتية. ويبدو ان الغرب يتعامى عن ذلك. فحتى قبل ان تنال استقلالها، كانت اوكرانيا منقسمة فكريا وسياسيا وجغرافيا. ويتعمق هذا الانقسام مع كل تحريك لهذا البلد صوب الغرب والجنوب الشرقي لديه آراء معارضة لذلك. ويمكن لجورجيا ان تخسر نوعا من الاستقلال بالنسبة لضواحيها اذا انضمت الى الناتو. ويمكن ان تخاطر اوكرانيا بوجودها الفعلي. \r\n أن توسيع الناتو بشكل متزايد لن يشجع بل سيدمر الامن الاوروبي وهذا ما يبدو ان المسئولين في بروكسل وواشنطن لا يبالون به. \r\n \r\n الكسندر خرامشيخين \r\n رئيس قسم التحليل في معهد التحليل السياسي والعسكري في موسكو. خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن).