\r\n في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني نشرت صحيفة »واشنطن بوست« مقابلة مع وزير الدفاع الاسرائ ̄يلي ايهود باراك. سأل مراسل الصحيفة باراك »هل تعتقد ان المسار السوري في محادثات السلام يحب ان يفتح?« فرد باراك:»اعتقد اننا اظهرنا احتراما لسورية ولمصالحها وقادتها. ونتوقع منهم ان يظهروا المثل ازاء اسرائ ̄يل. فاذا توفر هذا العامل الاساسي فاني اعتقد ان وجود مسار سوري سيكون امرا ايجابيا«. فهنا علق المراسل قائلا:»كنت اعتقد ان الولاياتالمتحدة قد عارضت قيام اسرائ ̄يل بالتفاوض مع سورية« فاجابه باراك:»اعتقد انهم باتوا يدركون في السنوات الاخيرة اننا نفهم القضية السورية على نحو افضل«. \r\n \r\n وكان بعض المراقبين قد اخذوا منذ الخريف الماضي يصرون على ان السلام المتفاوض عليه بين اسرائ ̄يل وسورية امر قابل للتحقيق في المدى القريب, وانه لا يمكن الاستغناء عنه كأداة لفك عقدة التقدم باتجاه تحقيق السلام الاسرائ ̄يلي - الفلسطيني وتحويل ديناميات المنطقة من الحرب الى السلام. \r\n \r\n الا ان اي تقدم لم يحرز على الجبهة الاسرائ ̄يلية - السورية منذ انعقاد مؤتمر انابوليس في شهر تشرين الثاني عام ,2007 ويعود السبب في ذلك الى رفض ادارة بوش تقديم الدعم لمثل هذه المبادرة وهو رفض يخدم بالدرجة الاولى سادة اللعب في بريطانيا الذين يديرون عملية تخريبية على نطاق عالمي وسط الانهيار الاقتصادي الدولي. \r\n \r\n لقد قاد التعثر الاخير في محادثات السلام الاسرائ ̄يلية - الفلسطينية الى تصعيد في عمليات العنف. في حين اجج العنف المتجدد في لبنان المخاوف من اندلاع حرب اهلية مثل تلك التي دمرت لبنان في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. في هذه الاثناء, وعلى الرغم من رغبة الطرفين الاسرائ ̄يلي والسوري بتحقيق السلام, فان احتمال قيام الحرب بين البلدين ليس مستبعدا. \r\n \r\n حذر ليندون لاروش, المرشح الرئاسي الامريكي الاسبق ورئ ̄يس تحرير مجلة »اكزكيوتيف انتجلنس ريفيو« في تعقيب ادلى به مؤخرا حول الموقف في الشرق الاوسط من وجود اصابع بريطانية خلف الستار. واشار ان غالبية اللاعبين في المنطقة ما زالوا لا يفهمون الدور البريطاني في خلق الفوضى وادارتها. وقال موضحا ان اولئك اللاعبين لا يدركون »ان البريطانيين لا يحبون خوض الحروب. انهم يلجأون الى وضع الخصمين ازاء احدهما الاخر ودفعهما الى القتال وتدمير بعضهما بعضا«. واضاف يقول ان هذا هو ما يجري حاليا في لبنان وايران ومناطق جنوب شرق اسيا. \r\n \r\n بلير: المبعوث الملكي \r\n \r\n يؤكد لاروش ان البريطانيين اليوم يديرون الشرق الاوسط بنفس الطريقة التي اداروه بها ايام اتفاقية سايكس - بيكو سيئة الصيت في الحرب العالمية الاولى التي قامت بموجبها بريطانيا وفرنسا بتقسيم الاراضي التي كانت خاضعة للامبراطورية العثمانية فيما بينهما. اليوم, كما في ذلك التاريخ, يوجد لدى البريطانيين مندوب سام في المنطقة وهو, في هذه المرة, رئ ̄يس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. ومن موقعه الجديد كمبعوث خاص لما يدعى برباعية الشرق الاوسط (الاممالمتحدة, والاتحاد الاوروبي, والولاياتالمتحدة, وروسيا) فان بلير في موقع يجعله قادرا على التأثير في حرب المنطقة وسلامها. \r\n \r\n ان الدور الحاسم الذي لعبه في اطلاق الحرب الكارثية على العراق يثير الريبة في دور بلير كمفاوض للسلام. فبصفته مبعوثا للرباعية, لا يخضع بلير لاي مراقبة رسمية كتلك التي كان يمكن ان يخضع لها لو انه كان مبعوثا للامم المتحدة. ومع ذلك, فقد وضعت تحت تصرفه حسابات هائلة من الاموال المتجمعة من ملايين الدولارات التي تقدم كمساعدات اقتصادية لابقاء السلطة الوطنية الفلسطينية وشعبها المعدم على قيد الحياة. ففي الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من ويلات الاحتلال بما فيها البطالة, وسوء التغذية, والخوف اليومي من الموت, قامت »بعثة بلير الرباعية«, كما ورد اسمها في عقد الايجار, باستئجار ما لا يقل عن عشر غرف في فندق »امريكان كولوني« وهو الفندق الوحيد من فئة خمس نجوم في القدسالشرقية مقابل ايجار سنوي مقداره مليونا وثلاثمئة واربعة وثلاثين الفا من الدولارات. يضاف الى ذلك ايجار احد المنازل في قطاع باذخ من لندن ليكون مكتبا لبلير نفسه. \r\n \r\n السؤال المطروح هو: لحساب من يعمل بلير? هل يعمل لحساب الرباعية التي ولدت عاجزة عن العمل منذ يوم تشكيلها? ام لحساب المؤسستين الماليتين الكبيرتين اللتين عينتاه مؤخرا كمستشار لديهما وهما »جي.بي.مورغان تشيس« و»زيورخ فاينانشال سرفيسز« وهي شركة تأمين سويسرية قيل انها تدفع له مرتبا مقداره نصف مليون باوند في العام? \r\n \r\n ان ما يقوم به بلير اليوم, او ما لا يقوم به, يخدم نفس سادة اللعب البريطانيين الذين حرضوا على الحرب في العراق وفي دوره كقيصر المعونات الاقتصادية, لم يحقق بلير شيئا للفلسطينيين في الوقت الذي يتفق فيه جميع المراقبين المنصفين على ان تحسين ظروف الحياة اليومية للفلسطينيين عامل اساسي في ايجاد الشروط المسبقة التي تمهد للسلام. \r\n \r\n ان الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لعملية السلام ان تمضي قدما من الناحية السياسية هي تأمين المصالحة بين فتح وحماس والتخلي عن سياسة بريطانيا في رعاية الحرب الاهلية بين الفصيلين الفلسطينيين. ومعروف ان سيناريو الحرب الاهلية الفلسطينية كان ثمرة السياسة التي طبقها وكيل مستشار الامن القومي الامريكي اليوت ابرامز منذ فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية التي جرت في شهر كانون الثاني عام 2006 . \r\n \r\n تبعا لتقرير نشرته صحيفة »التايمس« اللندنية في 23 كانون الثاني من هذا العام, فإن كبير المفاوضين الفلسطينيين ياسر عبدربه قد قدر نسبة نجاح بلير في مهمته الجديدة ب ̄ 5 بالمئة فقط لأن بلير يمتنع عن استخدام النفوذ الكبير الذي منح له في الضغط على اسرائيل. وقد اخبر رجل اعمال فلسطيني كبير الصحيفة بأن بلير لم يفعل شيئا للضغط على اسرائيل من اجل رفع حواجز الطرق التي تقيمها في الاراضي الفلسطينية, او من اجل حمل اسرائيل على انهاء الحظر الذي تفرضه على الفلسطينيين في استخدام المطارات او الموانئ البحرية. ويسعى بلير الى تنفيذ عدد من مشاريعه المفضلة التي يحاول ان يجمع لها مليارات الدولارات قبل اقامة المتنزهات التي لن تعود على الفلسطينيين بأي نفع يذكر. \r\n \r\n يقول عبدالملك الجابر, رجل الاعمال الفلسطيني الذي التقته »التايمس«, ان بلير يتحدث عن التي تكون ذات فائدة. فمن خبرتنا السابقة نعرف ان البضائع التي تعرض فيها يجب ان تدخل اليها وتخرج منها. وسوف يكون خبرا جيدا للصحافة الدولية ان نقول اننا استطعنا جمع مبلغ 7 مليارات دولار في باريس. لكن السؤال هو كم عدد الوظائف التي سيخلقها مثل هذا المشروع شهريا للفلسطينيين? ان تفويض بلير يشمل مساعدة الاقتصاد الفلسطيني. وما من طريقة على وجه الارض يمكن ان تساعد الاقتصاد الفلسطيني ما لم ترفع الحواجز«. \r\n \r\n لم يفعل بلير شيئاً للضغط على الاسرائيليين من اجل رفع الحصار عن قطاع غزة التي اصبح المرادف المعاصر لغيتو وارسو. كما انه لم يحاول اقناع الاسرائيليين بالسماح بادخال مادة الاسمنت الى القطاع لاكمال العمل في مشروع معالجة مياه الصرف الذي يحتاجه سكان غزة بشكل ملح. فالفشل في انجاز المشروع خلال الثلاثة اشهر المقبلة ستكون له عواقب وخيمة على ما يحصل عليه الغزيون من مياه شحيحة وملوثة. والواقع ان بلير, او ايا من اعضاء فريقه, لم تطأ اقدامهم ارض غزة منذ ان استلم بلير منصبه كمبعوث للرباعية. \r\n