\r\n يقول ذلك وقد بدت على محياه ابتسامة خجولة اقرب ما تكون الى التعبير عن الالم. \r\n \r\n ففي شهر ايلول الماضي, كانت خمسة جيبات عسكرية قد دخلت الى عين جوبيه, احد الاحياء الملحقة ببلدة الولجة (بيت لحم), بصحبة احد البلدوزرات: وبعد ساعتين من وصولها كانت اسرة حمد لم تعد تملك سقفا يأويها. \r\n \r\n ويستذكر منذر ما حدث فيقول: »حاولنا المقاومة, لكن لم يتردد الجنود في استخدام القوة لابعادنا. ونجحنا في انقاذ القليل من الحاجيات. ونقيم اليوم في بيت احد الاقارب. ويجازف اولئك الاقارب الذين يستضيفونه بالتعرض لنفس المصير, مثلهم مثل بقية سكان هذا المجمع السكني الصغير. \r\n \r\n لا تعترف السلطات الاسرائيلية بهذا الحي, لا لذنب اقترفه ساكنوه, الا كونه قريبا جدا من جدار الفصل العنصري, الذي من المقرر ان يعمل عند هذه النقطة, تبعا للمخططات الاسرائيلية, لفصم عرى الروابط الاقتصادية, الاجتماعية, والسياسية, القائمة ما بين القدسالشرقية (المنطقة المحتلة عام 1967), وجنوب الضفة الغربية. ويواجه سكان عين جوبيه قليلو العدد, نفس القدر المكتوب لعشر قرى في مقاطعة بيت لحم, منها: بيت جالا, الولجه, بتير, ام سالامونا, بيت امر, صوريف, جبع, الخضر واخريات, فقدت او في طريقها لفقدان اراضيها, بعد مصادرتها بهدف بناء الجدار, واقامة التجمعات الاستيطانية اليهودية في افراتا, ومجدل عوز. \r\n \r\n واذا كان كفاح اهالي بلعين الواقعة الى الغرب من رام الله, يمثل رمزا للمقاومة السلبية والسلمية ضد اقامة الجدار العازل, بالرغم من الادانة الصادرة بشأنه عن محكمة العدل العليا في لاهالي, ما زالت الدولة اليهودية مستمرة في اكماله داخل اراضي الضفة الغربية, فان الحملة التي انطلقت بالاشهر الاخيرة من قبل سكان ام سالامونا, الولجة, والعديد من القرى الاخرى, قد جاءت تعبيرا عن ارادة الاف الفلسطينيين الذين يسكنون في المنطقة الواقعة ما بين مدينتي القدس وبيت لحم, في العمل على رفض القدر الظالم بكل ما اوتوا من قوة. وفي كل يوم جمعة, حيث تصل دزينات من الناشطين الامميين والاسرائيليين الى قرية بلعين, لاجل القيام بالمظاهرة المعتادة ضد اقامة الجدار, الذي اصدرت محكمة العدل العليا الاسرائيلية مؤخرا امرا يقضي بقيام الجيش الاسرائيلي باعادة قسم من الاراضي المصادرة الى اصحابها, ينتقل عشرات كثيرون اخرون من دعاة السلام الى قريتي ام سالامونا, والولجه. \r\n \r\n ويتدخل ليدلي بدلوه عمرو, الذي يترأس اللجنة الشعبية في الولجه, اسيرة الجيش الاسرائيلي بالمطلق, فكان مما قال: »كان نشاطنا قد خفت وتيرته في الاسابيع الاخيرة نتيجة حلول شهر رمضان. لكن النضال لا يعرف التوقف. علينا واجب الدفاع عن اراضينا. وعن وجودنا.. نشعر وكأننا محتجزون داخل قفص. فلسنا محرومين فقط من امكانية الذهاب الى الحقول. بل ان حياتنا قد باتت مرهونة بأيدي جنود الاحتلال, كما لو كنا داخل سجن بحراسة مشددة«. \r\n \r\n وفي نهاية ايلول, كان سبعة من المواطنين قد اصيبوا بجراح نتجية اطلاق الرصاص عليهم من قبل حرس الحدود الاسرائيليين. وذلك خلال مسيرة نظمت احتجاجا على بناء الجدار. ومن خلال تحديهم للمضايقات التي يتعرضون لها, كان المتظاهرون قد وصلوا الى الاراضي المصادرة, والقوا بيانات تدين الاحتلال. ووجهوا نداءات للمجتمع الدولي. من نفس المكان الذي شهد اقتلاع 1800 شجرة زيتون لاجل فتح الطريق امام البلدوزرات العاملة في تمهيد الارض والمنطقة بأكملها, لاجل المضي قدما في تشييد الجدار الفاصل. وكانت هجمة قوات حرس الحدود قد حدثت في الوقت الذي كان فيه المتظاهرون يعودون الى بيوتهم, ملوحين بالاعلام الفلسطينية. \r\n \r\n وعلى مسافة بضعة كيلو مترات قليلة باتجاه بيت ساحور, كان 200 مواطن من سكان النعمان, القرية التي شطرها الجدار الى قسمين, يطالبون بحرية التنقل والعودة للعيش معا. لقد عمدت اسرائيل في عام 1967 الى ضم اراضي قرية النعمان الى القدس. ولكن, لاسباب غامضة, كان سكانها قد منحوا هوية الضفة الغربية, مما عمل على تحويل حياتهم الى كابوس. فهم واقعون في الفخ بين القدس حيث لا يمكنهم الدخول اليها كونهم من سكان الضفة الغربية, وجدار الفصل الذي ادى الى عزلهم عن بقية الضفة الغربية. \r\n \r\n وقد تمثل منفذهم الوحيد الى الخارج بحاجز عسكري. فمن اجل الذهاب الى المدرسة, او العمل, او شراء الطعام, بات الامر بمجمله يعتمد على الجنود الاسرائيليين. واصبح مستقبلهم اكثر مأساوية. ويعود ذلك الى التوسع الحاصل في مستوطنة هارهوما, والطريق الدائري الذي من المفترض ان يحيط بمدينة القدس, بحيث يحد القرية من الغرب الى الشرق, متسببا بهدم العديد من البيوت. \r\n \r\n ولقد عمل سكان النعمان قدر استطاعتهم لمقاومة ذلك, مستأنفين لدى محكمة العدل العليا الاسرائيلية. ويبقى الامل محصورا في اصدار القضاه حكما يكون متوافقا مع الذي صدر بشأن اراضي بلعين.. ولكن الامكانيات كانت قد تراجعت الى الحد الادنى, نتيجة قرب القرية من القدسالشرقية, حيث تم استئناف تنفيذ المخططات الاسرئيلية بكل همة ونشاط, وفي منطقة E 1 على وجه الخصوص, القريبة من مستوطنة معاليه ادويم, على الطريق المؤدي الى وادي الاردن. \r\n \r\n ثم يكمل عمرو حديثه قائلا: »العمل جارٍ لبناء نفق تحت الطريق السريع رقم ,60 بحيث يؤدي الى ربط المستوطنات اليهودية المقامة في الجزء العربي من القدس, مع تلك المقامة بالخليل. وهو ما يمثل واحدا اخر من المشاريع التي يقوم الاسرائيليون بتنفيذها في هذه المنطقة. وسبق ذلك مصادرتهم 8 هيكتارات من اراضي بتير, بيت جالا, والخضر, وفي حال ما ان يتم اكمال بناء النفق, فسوف يجري اغلاق كافة المعابر, ويكون بامكان 20 الف فلسطيني مغادرة قراهم عبر الحاجز العسكري الوحيد. \r\n \r\n اما بالنسبة لقرية الخضر, فسيصار الى عزلها عن كرومها, المتواجدة في الجهة المقابلة من الجدار. كما انه ذو مذاق مر, القدر الذي ينتظر نحالين, بتير, حوسان, وادي كوفيف بالاضافة الى الولجه, التي تحولت الى غيتوات معزولة, ستكون شاهدة على مصادرة 40 هيكتارا يتم استغلالها في اعمال التوسعة الخاصة بمستوطنة بيتر ايليت بمجموع يصل الى 70 هيكتار من الاراضي الفلسطينية. الواقعة ما بين القدسالشرقية, بيت لحم, والخليل, التي من المقرر ان يمر بها الجدار. في حين ان طريقا جديدا يقتصر استخدامه على المستوطنين سيعبر بجوار ذلك الموجود, بحيث يعمل على ربط مستوطنات غوش عتصيون بالقدس. كما ان 700 هيكتار اخرى ستكابد التأثيرات الناجمة عن بناء الجدار العازل: مناطق عسكرية, اغلاقات, حقول مزروعة معزولة, تحركات مقيدة بحدها الادنى بالنسبة للمدنيين. هذا مع العلم انه سيتم تحويل 45 هيكتارا لتصبح منطقة شريط امني من حول مستوطنة كارمي تزور. التي تبعا للتوقعات الفلسطينية سيصار الى تزويدها بسياج مكهرب. \r\n \r\n هذا, وصرح ناطق باسم منظمة »السلام الان« انه وبناء على قرار اتخذته الحكومة الاسرائيلية في 20 شباط ,2005 فان الجدار سيكون مضاعفا في منطقة غوش عتصيون, »الحساسة«, نظرا لوقوعها على بعد كيلومترات قليلة من القدس. خلاصة الامر انه سيتم بناء مانع غربي بطول 17 كيلومترا, واخر شرقي بطول 41 كيلو مترا, من المفترض ان ينفذا الى عمق 10 كيلومترات داخل الضفة الغربية, بحيث يشكلان حبيسة بمساحة 70 كيلومترا, يبقى 20 الف فلسطيني محصورين فيها. ويتخلص الهدف في ضم 10 مستوطنات يسكنها ما يقارب 50 الف مستوطن هي: بيطار ايليت, هارغيلو, افرات, الازار, نيفي دانييل, مجدل عوز, كفار عتصيون, روش زوريم, بات ايين, الون شفوت, وتحويلها الى منطقة مدينية ملحقة بالقدس. مشروع ضخم يفسر الى ابعد حد وبشكل جيد ما الذي تقصده حكومة اولمرت, وقت ان تتحدث عن تسوية مع السلطة الوطنية الفلسطينية بزعامة ابو مازن, فيما يتعلق بالمدينة المقدسة. فلن يحصل الفلسطينيون فيما يخص عاصمتهم المستقبلية الاعلى القليل من الاحياء في الضواحي, تلك المزدحمة بالسكان. تكون متصلة مع رام الله من خلال طريق واحد. في حين ان مستوطنة عطروت »شمالا«, غوش عتصيون »جنوبا«, ومعالي ادوميم »شرقا«, تعمل مجتمعة على توضيح الحدود الرسمية للقدس التي ستكون تحت السيادة الاسرائيلية. \r\n