\r\n فمن المستحيل تخيل مثل هذا الرئيس الشاب (حيث يكمل 55 عاما بعد شهرين) محالا على التقاعد, وهو المتواجد في كل مكان, وصاحب السلطة والقدرة والجاه الذي يقدم نفسه لرعيته كاحد انماط السوبرمان. \r\n \r\n يتمتع بالقبول لدى ما نسبته 81% من الشعب الروسي. وهي النسبة الاعلى من بين جميع زعماء العالم المعاصرين. ولكن الدستور لا يرحم, حيث يتوجب على الروس التوجه الى صناديق الاقتراع في شهر اذار ,2008 وذلك للتصويت على انتخاب رئيسهم الثالث, الذي من الممكن ان يكون اي شخص ما عدا فلاديمير فلاديميروفيتش. وقد بدأت في موسكو اللعبة الملتوية, العنيفة, الاكثر غرابة, المتعلقة بالخلافة. غريبة قبل كل شيء, كون التصريح علنا عن الطموحات الموصلة الى التربع على سدة الحكم في قصر الكرملين, هي مساوية للانتحار تماما, في ظل نظام اقرب ما يكون الى الملكية, اسسه بوتين ليكون مبنيا على اساس رأسية السلطة. وينكر جميع المرشحين الاقوياء اية نية لخوض السباق. والوحيد الذي علن عن ذلك هو عمدة ارخانغيلسك, اليكساندر دونسكوي, الذي قيد بملابسه الداخلية من قبل رجال الشرطة, نتيجة اتهامه رسميا باستغلال اموال البلدية لدفع اجور عناصر الحماية. \r\n \r\n وعوضا عن المرشحين الرسميين, يوجد لغاية الان وريثان معينان. فالانتخابات الاولية التي تجري من خلف الستار هي محصورة ما بين سيرغي ايفانوف, وديميتري ميدفيديف. الاول في الرابعة والخمسين, صديق بوتين, منذ ان كانا يعملان في صفوف المخابرات السوفييتية (Kgb) بمدينة لينينغراد. ويشار اليه الرجل الثاني في النظام. ويشترك مع بوتين بمظهره الجسماني.. وطبعه البارد, ونظرته للعالم من خلال الحرب الباردة. يتكلم الانجليزية بطلاقة, التي تعلمها نتيجة قراءة روايات لو كاريه, وبعمله جاسوسا في اوروبا. ولم يعرف لغاية الان اين امضى خدمته. وكان لغاية اشهر قليلة قد تولى حقيبة وزارة الدفاع. ويتم تصنيفه كواحد من الصقور. \r\n \r\n اما »الشرطي الطيب« فهو ديميتري ميدفيديف, الذي بلغ الثانية والاربعين من العمر, للتو, عالم القانون, صديق بوتين, الذي كان قد ادهش الحاضرين في دافوس في شهر كانون ثاني الماضي من خلال التماسه لروسيا ديمقراطية خالية من النعوت مخالفة »لمبدأ الديمقراطية السلطوية«, السائد في هذه الايام, المتمتع بنكهة قوية معادية للغرب. ليبرالي (وفقا للمقاييس الروسية). كما يشغل منصب رئيس شركة غاز بروم. وقد جرى ترفيع كلا الديلفينين لمنصب نائب رئيس الحكومة, واتيحت لهما فرصة الظهور على شاشات التلفزة في كل يوم, وذلك, بموافقة مباشرة من قبل بوتين. فاخذ ايفانوف بالظهور الى جانب الصواريخ, والعربات المصفحة. اما ميدفيديف, فيبدو منهمكا بتوزيع الرواتب على العائلات. \r\n \r\n ولغاية الان, فإن ايفانوف يبدو متربعا على قمة الهرم, بالنسبة لنتائج الاستطلاعات. ولكن تدور الاحاديث في موسكو بشأن اسم رجل ثالث او امرأة ثالثة, من الممكن ظهور اي منهما في اللحظات الاخيرة, تماما كما فعل يلتسن بخصوص بوتين في عام .1999 وهناك من بين المرشحين, نائب رئيس الحكومة ناريشكيف, رئيس الحكومة فرادكوف, وحتى حاكمة بطرسبورغ فالينتينا ماتفيينكو, كما سجلت زلة لسان قبل عدة اسابيع لمستشار بوتين ايغور شوالوف, مفادها ان من الممكن ان يشهد شهر ايلول المقبل ظهور وريث ثالث. \r\n \r\n ولكن ما من احد بقادر على ضمان سلامة ومتابعة سياسة القيصر بعد احالته على التقاعد. وهو ما برهنه بوتين في التعامل مع يلتسن. ان نسبة 52% من الروس هم راغبون بعودة الرئيس بوتين. سواء كان دستوريا من عدمه. وكانت قد ظهرت سيناريوهات متعددة بالصحف امتد طرحها لشهور عديدة. وكانت بالمجمل تدعوه للبقاء. وتتراوح في المضمون ما بين القيام بانقلاب عسكري, وانتخاب مرشح ظل ما يلبث ان يقدم استقالته بعد مضي بضعة اشهر بدواعي المرض. وعلى اية حال, فقبل الانطلاق بالحملة الانتخابية لعام ,2008 كان الكرملين بدأ بتلك العائدة لعام .2012 فرئيس مجلس الشيوخ سيرغي ميرونوف, وبعد اعرابه في العلن عن تأييد ترشيح بوتين لولاية ثالثة, ها هو يتبنى اليوم مسألة عودة الرئيس المحبوب الى سدة الحكم بعد اربعة اعوام. \r\n \r\n ولم يقدم بوتين هذه المرة على تكذيب الفرضية. كما سبق وان عمل حين نفى امكانية اقدامه على انتهاك الدستور. واكتفى بالقول: »ان من المبكر الحديث بشأن ذلك«. واصدر اوامره بالعمل على استئناف الطلعات الجوية للقاذفات المقاتلة, ليجعل الروس يتذكرون مرة اخرى انهم معرضون للخطر, وان الغرب يهددهم. وانه الوحيد القادر على الدفاع عنهم وحمايتهم. وما نسبته 53% من الناخبين هم على استعداد للتصويت له بعد اربع سنوات.