جيمس زغبي خلال الأسبوع الماضي، سافرت إلى مدينة أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في المنتدى الثاني لمحطات الإذاعة والتليفزيون العربية ويعد المنتدى فرصة مميزة لتجمع الصحفيين من العالم العربي والإسلامي ومراسلي وممثلي المؤسسات الإعلامية التي تغطي أخبار الشرق الأوسط ( وكانت محطة أبوظبي التليفزيونية التي تبث برنامجي الأسبوعي "وجهة نظر" في الشرق الأوسط، أحد الرعاة الرئيسيين لهذا المنتدى). وقد حضرت الاجتماع الذي عقد في العام الماضي ، وسررت لمستوى النقاش المثمر الذي شهده المنتدى الذي استمر لمدة يومين ، حيث شارك زملائي في تحليل نقدي للذات عن مهنتهم وحالة وسائل الإعلام العربية بوجه عام وما زاد إحساسي بالسعادة هو إذاعة فعاليات ومناقشات هذا المنتدى بشكل مباشر على أكبر الشبكات التليفزيونية العربية المشاركة في المنتدى ، وهو ما منح المشاهدين العرب فرصة الاستماع للمناقشة وكانت النقطة الأساسية التي حظيت بتركيز واهتمام كبير في منتدى العام الماضي هي طريقة تغطية ومعالجة وسائل الإعلام العربية للأخبار الأميركية، وهل كانت هذه المعالجة عادلة ؟ وهل عززت هذه التغطية جهود التفاهم المشترك أم اخترقت الأنماط السلبية ؟ وما هي الخطوات التي نحتاج إلى اتخاذها لتصحيح هذه القصة ؟ وفي هذا العام، ركز المنتدى على عدد من القضايا وكان هناك مناقشة مستفيضة لمدى وضوح وموضوعية تغطية وسائل الإعلام العربية للحروب التي جرت في عام 2006 في لبنان وفلسطين والعراق وكانت هناك دراسة وتحليل لمدى نجاح وسائل الإعلام العربية في تلبية احتياجات الشباب : ودراسة القيم التي تم تقديمها، وهل خسرت وسائل الإعلام العربية مصداقيتها أمام وسائل الإعلام البديلة مثل مدونات الإنترنت ؟ وبعدها، جرت جلستا نقاش رائعتان حول مدى تأثير ملكية وسائل إعلام مختلفة والمنافسة على أرباح الإعلانات على شكل التغطية الإعلامية ، وهل كانت وسائل الإعلام العربية تتمتع بالحرية الكافية لمناقشة القضايا المهمة وهل عززت وسائل الإعلام العربية من القيم الديمقراطية من خلال منح الفرص الكافية لسماع الآراء المختلفة والمتنوعة ؟ وفي النهاية، كانت هناك جلستان منفصلتان عن "الصراع المنسي في دارفور". وركزت الأسئلة التي طرحت هنا على ما إذا كانت وسائل الإعلام العربية قد غطت هذه الأزمة بوضوح وموضوعية ، وقدمت التغطية الكافية لفداحة المأساة الإنسانية الواقعة في هذه المنطقة المنكوبة من السودان وللمساعدة في صياغة بعض من هذه المناقشات ، أجرى المعهد العربي الأميركي الذي أتشرف برئاسته ، استطلاع رأي في 6 دول عربية وإسلامية هي (المغرب، مصر، السعودية، الإمارات، تركيا وماليزيا) بالتعاون مع تحالف إنقاذ دارفور ومقره واشنطن وتوصل الاستطلاع الذي أشرفت عليه مؤسسة زغبي الدولية إلى عدة نتائج بددت خرافة ان العرب والمسلمين لا يبالون بمعاناة سكان اقليم دارفور. وأظهر الاستطلاع وجود أغلبية قوية في الدول العربية الأربع تنتقد تغطية وسائل الإعلام العربية لأزمة دارفور وبالإصافة إلى ذلك ، عبر أكثر من 80% من المستطلعة آراؤهم في الدول العربية الأربع عن رأيهم في أن وسائل الاعلام العربية يجب أن تخصص وقتأ أكبر لتغطية هذه القضية وأظهر الاستطلاع أيضاً أن الأغلبية العظمى في 4 دول من الدول الست عبروا عن قلقهم بشأن الأزمة الجارية وفي كل الدول الست ، يعتقد الأغلبية العظمى من المشاركين أن بلادهم يجب أن تقدم المزيد من المساعدات لإقليم دارفور. وعندما سئلوا عن هوية الجهة المسئولة عن أزمة دارفور، اعترف المشاركون بصعوبة وتعقيد الصراع ، حيث صرح أغلبية المشاركين في 4 دول من الدول الست وهي (السعودية، مصر، المغرب وتركيا) بأن الحكومة السودانية والمتمردين يتحملان مسئولية هذه الأزمة بنسب متساوية والشئ المهم هو الخيارات السياسية التي طرحها المجتمع الدولي والتي حصلت على بعض التأييد وحصلت الخيارات التي ركزت على التوجهات غير العنيفة لإنهاء العنف وتوفير المساعدات الإنسانية والتوفيق بين جبهتي الصراع من خلال إجراء مفاوضات سلام بين الحكومة السودانية والمتمردين وتمويل عمليات الإغاثة الانسانية على تأييد كبير وحظيت قوات حفظ السلام الدولية التابعة لمنظمة الأممالمتحدة المكونة من قوات إسلامية وغير غربية على دعم وتأييد ملحوظ وحصلت الخيارات التي تدير ولا تحل الصراع وخصوصاً العقوبات الاقتصادية وحظر الطيران والاستثمار، على تأييد أقل وقوبلت برفض قاطع في بعض الأحيان. وقد عبر المشاركون العرب والمسلمون عن إحساسهم القوي بالتضامن والتكافل وعن شعورهم بالمسئولية تجاه سكان دافور المسلمين بأغلبية قوية ، وذكر هؤلاء المشاركون أن الدول الإسلامية يجب أن تتدخل لوقف أحداث العنف في إقليم دارفور والمساعدة في إجراء مفاوضات من أجل الوصول إلى تسوية سلمية لهذه الأزمة لأن سكان دارفور من المسلمين. وقد غادرت مدينة أبوظبي وأنا سعيد بالمناقشات التي جرت في المنتدى، لأنه تناول مجدداً العديد من المشاكل الصعبة وقدم الفرصة أمام الصحفيين العرب للمشاركة في مناقشات حية مع بعضهما البعض إلى جانب ممثلين ومراسلين من شبكة سي ان ان، فوكس، بي بي سي وبعض القنوات الإخبارية الغربية التي تحرص على تغطية الفعاليات الهامة في منطقة الشرق الأوسط وقد شعرت بالإعجاب بعد مشاركتي في هذا المنتدى وتمنيت في أكثر من مناسبة خلال الاجتماعات التي امتدت لمدة يومين لو شاركت المحطات والشبكات الأميركية في تغطية فعاليات هذا المنتدى وكان من الممكن أن تبدد هذه التغطية العديد من الأفكار والمزاعم المسبقة الموجودة في الغرب عن الجودة والكفاءة والالتزام بالتميز في وسائل الإعلام العربية وقد تمنيت أيضاً أن تشارك المحطات والشبكات الأميركية في نفس النوع العلني من نقد الذات ، وأن تطرح على نفسها مثل هذه الأسئلة الصعبة وفي ظل الأداء المخزي لهذه القنوات والشبكات الأميركية في تغطية المرحلة التي سبقت حرب العراق، فإن هذا النقد الذاتي مطلوب جداً . جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأميركي.