\r\n تقول الحكمة التقليدية بأن انعدام قدرة الاتحاد الأوروبي علي مواجهة التحديات التي يطرحها التكامل الأوروبي عائدة إلي البني الاقتصادية الصارمة والرأسمال البشري غير الملائم وهي نقاط ضعف لا يمكن مخاطبتها إلا علي صعيد السياسات الوطنية المحلية، الأمر الذي ليس للاتحاد الأوروبي إلا أن يلعب فيه دوراً هامشياً. إن الفائض الفظيع من السياسات عبر الاتحاد الأوروبي يبرر الحاجة الحقيقية للتنسيق المتزايد بين السياسات المتعلقة بسوق العمل والإصلاح الاجتماعي. \r\n تعتبر القوانين القديمة في سوق العمالة السبب الرئيسي للإخفاق في الوصول إلي الفوائد الكاملة من السوق الداخلية والاتحادات المالية. تعترض صلابة سوق العمالة وخصوصاً في فرنسا وألمانيا وإيطاليا الطريق أمام التعديلات اللازمة للتماشي مع ما تطرحه المنافسة التي يفرضها تكامل الأسواق. إذ يعجز من فقدوا أعمالهم عن الحصول علي غيرها بسبب الحواجز المفروضة علي الدخول إلي البلدان في نفس الوقت الذي تُشعر فيه البطالة طويلة الأمد من يعملون بالتهديد. ونتيجة لمشاهدة المهاجرين ومراقبة التكامل الطارئ علي الأسواق الداخلية، انقلبت كلا المجموعتين ضد أوروبا. \r\n \r\n وفي حال عجزت فرنسا وإيطاليا عن الإصلاح، سينتهي الأمر بهما إلي إنكار الحركة الحرة لانتقال البضائع والخدمات والعمالة وربما تنقلبان عن التعامل باليورو الأمر الذي سيولد نتائج مدمرة لبقية الأعضاء. وبالتالي، هناك منفعة عامة يتم تحقيقها عند رعاية السياسات الوطنية المتماشية مع التكامل في الأسواق الداخلية. \r\n \r\n إن منافع التنسيق غالباً ما تعززها سياسة \"التعلم\"، الأمر الذي تؤكده حقيقة انتشار الإصلاح علي شكلٍ موجي. وغالباً ما تقاوم الإصلاحات البنيوية نتيجة لعدم التأكد من كلفتها وطريقة توزيع هذه الكلفة. تتمثل طريقة إضعاف هذه المقاومة ليس في إشراك الوزراء ورؤساء الحكومات في تبادل المعلومات الخاصة بتصميم السياسات فحسب وإنما بإشراك من هم من أشد معارضي التغيير، المتمثلين هنا بالاتحادات التجارية. \r\n \r\n وفي النهاية، سيكون لرسالة واضحة من المجلس الأوروبي أثر أكبر بكثير في حال لم تمثل هذه الرسالة أماني رؤساء الحكومات فحسب وإنما تمثل علاوة علي ذلك قبولاً عاماً علي مختلف المستويات المجتمعية. عندها فقط يمكننا أن نتوقع التنفيذ الإصلاحي الكامل وتحقيق الفوائد المرجوة للتحسن في التوقعات والأداء الاقتصادي الذي كان يتوجب أن يبدأ فعالية منذ انعقاد قمة المجلس الأوروبي في ليزبون منذ سبع سنوات مضت. \r\n \r\n تظهر الخبرة الإصلاحية الناجحة في البلدان الآنغلوسكسونية والشمالية في أوروبا حاجة أوروبا إلي عدم الاستسلام إلي الركود، الأمر الذي يقضي برفضها لسياسات التوظيف الصارمة. تكمن الوسيلة الرئيسة في مكافحة المقاومة من خلال منح العمال المتأثرين بالتغيير الأرض التي يأملون من خلالها العثور علي أعمال جديدة. قد يوصي المجلس الأوروبي بأن أي مرونة في قوانين حماية التوظيف سيصاحبها تأسيس حد أدني من الأجور تحدد كنسبة متفق عليها من الأجر المسموح به قانونياً للعمالة طويلة الأمد. بمثل هذه الحقيبة المتكاملة من السياسات يمكن لمقاومة التغيير أن تتلاشي. \r\n \r\n تطرحالهجرة تحديات أكبر علي صعيد السياسات، بما أن المهاجرين ينظر إليهم بشكل عام علي أنهم يهددون الأعمال ويزاحمون السكان الأصليين علي الخدمات الاجتماعية. هناك الكثير من الدلائل التي تقول بتحول التدفق في الهجرة من بلد أوروبي ما إلي بلد أوروبي آخر في حال ازدياد قيود الهجرة في الأول، وأن مغريات الهجرة تتزايد مع ازدياد فوائد الإعانات الاجتماعية الممنوحة للناس. \r\n \r\n علاوة علي ذلك، تجذب أسواق العمالة حسنة التنظيم والتشريعات عمالة مرتفعة المستوي، وعلي العكس من ذلك لا تغري أسواق العمالة الصارمة إلا العمالة منخفضة المستوي ومن يقبلون بالعمل بشكل غير قانوني. وفي نفس الوقت تشكل الهجرة تحديات أكبر للدول المصدرة لهذه الهجرات، إذ تحرمها من العمالة الفتية المثقفة مرتفعة المستوي والمؤهلات. \r\n \r\n يمكن أن يمدنا التنسيق في السياسات بعلاج فعال لهذه السلبيات. ويمكن لحقيقتين معياريتين أن تكونا نافعتين علي الصعيد العملي. أولهما؛ يجب علي الدول الأعضاء القديمة في الاتحاد أن يرفعوا القيود فوراً عن حرية حركة العمال القادمين من الدول الأعضاء الجديدة. وينطبق قانون الحد الأدني من الأجور بشكل أوتوماتيكي علي المهاجرين من العمال، الأمر الذي يقلص المنافسة \"غير العادلة\" للأعمال التي لا تتطلب المهارة. \r\n \r\n ويتمحور ثانيهما في استحداث الاتحاد الأوروبي لخطة مشتركة للتعامل مع العمالة المهاجرة من خارج الاتحاد. ويجب أن تتضمن مثل هذه الخطة \"نظاماً يعتمد علي النقاط\" في منح الإقامات وتراخيص العمل، الأمر الذي يمنح طالب الرخصة عدداً من النقاط موجهة بالأهداف، بما فيها القدرات اللغوية والمستوي التعليمي والخبرات. لقد اتبع مثل هذا النظام في استراليا ونيوزيلندا وسويسرا. والآن تلحق بريطانيا وألمانيا بركب من سبقوها إليه. \r\n \r\n بتأسيس \"أرضية إعانات اجتماعية\" مشتركة عبر الاتحاد الأوروبي، وبتأمين شبكة أمان للعمال الأصليين الذين تهدد وظائفهم بسبب التكامل، ومن خلال تبني سياسات متناسقة تتعامل مع الهجرة، سيستطيع المواطنون الأوروبيون أن يحسوا بالاستقرار. الأمر الذي ربما سيقلل بالنتيجة عدائيتهم تجاه العمالة المهاجرة في نفس الوقت الذي تستفيد فيه هذه العمالة من إطار قانوني مناسب عادل. \r\n \r\n يجب أن تكون أسواق العمالة هذه والسياسات المتعلقة بالهجرات محور تركيز التنسيق في السياسات ضمن الاتحاد الأوروبي. من خلال التركيز علي سياسات تحافظ علي التكامل في نفس الوقت الذي تحافظ فيه علي خصوصية النمط الاجتماعي الأوروبي، سيستطيع المجلس الأوروبي أن يعود كما كان، شكلاً يجد فيه مواطنو أوروبا استجابة فعلية لآمالهم وحاجاتهم الحقيقية. \r\n \r\n \r\n الحقوق محفوظة ل Project Syndicate 2007. \r\n \r\n