\r\n ورغم التذبذب في الصادرات الصينية من النفط إلى كوريا الشمالية، فإنها ظلت على الدوام تراوح حول 12.300 برميل في اليوم، على مدى السنوات الماضية. ويشار إلى أن كوريا الشمالية تعتمد على الصين في تأمين 90% من احتياجاتها من النفط في شكل قروض، أو من خلال مقايضة البضائع مع الصين لعجزها عن تسديد سعره مباشرة. ويؤكد الخبراء في مجال الطاقة أن تقليصاً مستداماً للإمدادات الصينية من النفط إلى جارتها، قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الكوري الشمالي، لا سيما أنه يمر بمشاكل وصعوبات عديدة. \r\n ومع ذلك لا توجد مؤشرات تدل على تحول جوهري في السياسة الصينية تجاه كوريا الشمالية، تمتد إلى وقف المعونات الغذائية وإمدادات الطاقة إلى حليفتها القديمة في الحرب الكورية. ويبدو أن كوريا الشمالية لا تكترث بالتحذيرات الصينية، حيث قامت بتجربتها النووية الأخيرة في ال9 من شهر سبتمبر الفائت، حتى بعد قيام الصين بتقليص صادراتها من النفط. وبسبب التحدي الذي رفعته بيونج يانج في وجه الصين، عقب قيامها في شهر يوليو الماضي باختبار صواريخها البالستية، ضاربة بتحذيرات بكين عرض الحائط، لم تجد هذه الأخيرة بداً من تأييد قرار للأمم المتحدة يدين التجارب التي أجرتها بيونج يانج، بل وطالبت من كوريا الشمالية التزام الهدوء وعدم الإقدام على أية خطوة استفزازية من شأنها تعقيد الوضع و\"تأزيم العلاقات\" بينهما. واللافت أن السلطات الصينية لم تعلن رسمياً عن خفض صادراتها النفطية، بل جاءت الأرقام بشكل اعتيادي من خلال إدارة الجمارك. كما أن تقليص إمدادات كوريا الشمالية من الطاقة أوردته وكالة \"رويترز\" ولم تأت على ذكره الدوائر الصينية المعنية. \r\n وليس مستبعداً أن تكون الأرقام التي أطلقتها إدارة الجمارك الصينية وأشارت إليها وسائل الإعلام بشأن قطع إمدادات النفط الصينية عن كوريا الشمالية، قد جاءت بسبب عدم احتياج هذه الأخيرة لمزيد من الإمدادات خلال شهر سبتمبر الماضي. ورغم امتناع مسؤولين في شركة النفط الوطنية الصينية عن الإدلاء بتعليق حول الموضوع، أو توضيح سبب إقدام بكين على خطوة كهذه، فقد ألمح العديد من المحللين إلى احتمال لجوء الصين إلى توظيف صادراتها النفطية للضغط على كوريا الشمالية بهدف استئناف المفاوضات بشأن ملفها النووي. ويؤكد هذا الطرح \"هي جون\"، وهو خبير في مجال الطاقة مقيم في الصين، حيث قال \"إن التخفيض المفاجئ للصادرات النفطية تجاه كوريا الشمالية، لا يمكن فهمه إلا في سياق سياسي معين أرادت الصين من خلاله إيصال رسالة سياسية واضحة إلى النظام في بيونج يانج\". وإذا ما صحت هذه التحليلات فإن ذلك يعني بأن الصين أصبحت مستعدة أكثر من أي وقت مضى لفرض عقوبات على كوريا الشمالية عقب تجربتها النووية، سواء بطرق معلنة أو مضمرة. \r\n فرغم الدفاع المستميت للصين في السابق عن كوريا الشمالية، وتوفير مظلة تحميها من الضغوط الغربية، فإن المراقبين يؤكدون أن التجربة النووية الأخيرة لبيونج يانج فاجأت الصين وأخرجتها عن طورها لما لمسته القيادة الصينية من نبرة التحدي في خطوة كوريا الشمالية. فقد اعتقدت الصين أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية مازال في مراحله البدائية، وبأن قدراتها التكنولوجية لا تؤهلها لإجراء التجربة، معتبرة أنها ليست سوى ورقة تفاوضية يلوح بها النظام في وجه الغرب. فكانت النتيجة أن أيدت الصين، في خطوة غير مألوفة، قرار الأممالمتحدة بفرض عقوبات على كوريا الشمالية تقضي بالحد من بيع معدات الأسلحة لبيونج يانج والسماح بمراقبة الناقلات القادمة، أو الذاهبة إلى كوريا الشمالية. ومع ذلك تحفظت كوريا الجنوبية والصين على تشديد العقوبات الاقتصادية على بيونج يانج مخافة التسبب في تدهور الوضع الإنساني وخلق أزمة تنتقل تداعياتها إلى داخل حدودهما. \r\n وحسب مسؤولين أميركيين، فقد وافقت السلطات الصينية على تجميد الأرصدة المالية لكوريا الشمالية في بنوكها، لا سيما تلك التي كشفت وزارة الخزانة الأميركية بأن لها علاقة بغسيل الأموال. ويتوقع الخبراء أن يأتي رد الفعل الصيني قاسياً إذا ما قامت كوريا الشمالية بتجارب نووية أخرى، قد تصل إلى قطع المعونات الغذائية وترك النظام في بيونج يانج يواجه واقعاً اقتصادياً متردياً دون مساعدات خارجية. ومن ناحية أخرى يرى مراقبون آخرون بأن قطع الصين لصادراتها من النفط لكوريا الشمالية يأتي في إطار الخطط الرامية إلى التقليص من حجم صادراتها من الطاقة إلى الخارج، وليس فقط إلى بيونج يانج لتلبية الطلب الداخلي المتزايد على الطاقة، بعدما تحولت بكين إلى ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n