منذ ذلك الحين بقي هناك نزاع عرقي وطائفي دائر ولكن تحت السطح.نادرا ما كان العنف سيئا إلى الحد الذي نشهده في هذه الأيام، فالعشرات يقتلون يوميا في شوارع بغداد والمدن العراقية الأخرى بناء على خلفيات عرقية وطائفية بعد ان يتم تقييدهم وتعذيبهم قبل قتلهم. \r\n \r\n وتشير الاحصاءات الصادرة عن وزارة الهجرة العراقية إلى ان عمليات القتل الطائفي تسببت في اجبار أكثر من 300 ألف من السنة والشيعة على الفرار من أماكن سكناهم إلى مناطق أخرى.لبعض بدأ يفكر بل ويسوق لفكرة تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم اقليم شمالي كردي، وسني في الوسط، وشيعي في الجنوب، هذه الفكرة طرحها في الصيف الماضي السيناتور الأميركي جوزيف بايدن ولكن الأخذ بهذا الاقتراح لن ينهي مشاكل العراق ولن يجلب له السلام المنشود. \r\n \r\n فالعراق قد يبقى بلدا واحدا ولكن على أساس فيدرالي يقسم إلى ثلاثة اقاليم تتمتع بالحكم الذاتي مع وجود حكومة مركزية تكون مسؤولة عن الدفاع وتوزيع العائدات النفطية. \r\n \r\n للوهلة الأولى تبدو هذه الفكرة معقولة كون العراق مقسما فعليا على الأرض من الناحية السياسية والديمغرافية والعرقية والطائفية فالتقسيم يعني جعل هذا الوضع رسميا بما يسمح للأميركيين بإبعاد أنفسهم وترك العراقيين يقتلون بعضهم البعض. \r\n \r\n المسؤولون من السنة والشيعة يحتفظون بالمناصب الحكومية والأمنية العليا لأنفسهم تاركين ميليشياتهم تتصارع وتتصادم من أجل السيطرة على الأراضي. من الناحية النظرية فإن التقسيم سيسمح لكل جماعة باقامة حكومتها المصغرة الخاصة بها لادارة شؤونها بنفسها والتخلص بالتالي من العوامل المسببة للعنف الطائفي. \r\n \r\n والدستور العراقي نفسه يسمح باقامة أقاليم فيدرالية مستقلة ذاتيا وغالبية الأكراد ترحب بالوضع القائم حاليا ولا تخفي استعدادها للانفصال في المستقبل إذا سمحت الظروف بذلك، في المقابل نجد ان المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق وهو حزب شيعي يدافع عن اقامة اقليم فيدرالي جنوبي. \r\n \r\n وهناك الكثير من الأطراف الشيعية التي تفضل التقسيم وترى فيه فكرة جيدة التنفيذ على اعتبار ان السنة لن يكفوا عن محاولة السيطرة على الحكومة المركزية، ومن وجهة نظرهم فإن جعل السنة يخسرون هو وحده الكفيل بجعل السلام يستتب. \r\n \r\n بعض اللاجئين الشيعة الذين فروا من مناطق الغالبية السنية ويعيشون الآن في معسكرات في الجنوب أو خارج البلاد ويأملون في ان يسمح لهم التقسيم بالاستقرار بصورة دائمة في المنازل التي أخلاها السنة الفارون. \r\n \r\n إن محاولة السعي نحو تنفيذ التقسيم ستجد مقاومة شرسة من قبل السنة الذين يرون فيها فكرة تعزلهم في مناطقهم الفقيرة التي لا يوجد فيها نفط، والسنة ليسوا وحدهم من يعارض ذلك فهناك الحركة الصدرية الملتزمة ايديولوجيا بوحدة العراق. \r\n \r\n هناك أيضا معارضة قوية للتقسيم من خارج العراق خاصة جيران العراق من العرب السنة الذين يرون ان التقسيم سيساهم في اقامة دولة شيعية على أعتاب بيوتهم، وتعارض تركيا كذلك بقوة فكرة وجود دولة كردية مستقلة في شمال العراق. \r\n \r\n وليس هناك أي ضمانات بأن التقسيم سيؤدي إلى تراجع حدة العنف وخاصة على المدى القصير فهناك مئات الآلاف من سكان بغداد لا يزالون يقيمون في المناطق المختلفة وإذا ما حصل التقسيم فإن هذا يعني قيام عمليات للتطهير العرقي وستعمل الميليشيات الطائفية على وضع وقائع على الأرض ورسم حدود جديدة.على المدى البعيد فإن خلق كيانات مستقلة جديدة سيحول العراق من دولة واحدة ناشئة إلى دويلات فاشلة تتآمر على بعضها البعض.يرى بعض المحللين الشيعة ان الاستقلال سيتسبب في قيام الحرب الأهلية الصغيرة في الجنوب بين الميليشيات الشيعية المختلفة وقد يكون العراق متشرذما فلا يصلح ككيان موحد ولكن المشكلة أنه سيكون متشرذما أيضا إذا ما تم تقسيمه إلى ثلاثة أقاليم. \r\n