\r\n \r\n \r\n \r\n فقد دعا السناتور جوزيف بايدن الى تقسيم العراق الى ثلاث مناطق شيعية وكردية وسنية. وتضمنت خطته مشاركة هذه المناطق الثلاث بالثروة النفطية مع قيام كل منها بوضع ترتيبات أمنها الداخلي والمحافظة على تلك الترتيبات. اما السياسة الخارجية والامن الحدودي والسياسة النفطية فتقرر من قبل حكومة مركزية في بغداد. \r\n \r\n يعتبر مقترح بايدن احدث دليل على انهماك الزعماء الامريكيين بالبحث عن افكار جديدة لمعالجة الوضع في العراق ومواجهة المتطلبات التي تفرضها الالتزامات الامريكية هناك. وكان الكونغرس قد عين في شهر اذار الماضي لجنة مستقلة يرأسها وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر وعضو الكونغرس لي هاملتون واناط بها مهمة تزويد البيت الابيض والكونغرس بافكار ودراسات جديدة تخص الاختيارات البديلة في العراق. \r\n \r\n اثنى عدد من المراقبين على خطوة بايدن في الخوض في حمأة الاوضاع الملتهبة في العراق واعتبروها, في ادنى الحالات, محاولة لايجاد اجوبة وحلول للمشاكل الكبرى التي يقولون ان الآخرين, وفي مقدمتهم ادارة بوش, قد تركوها من دون معالجة. وتشمل تلك المشاكل قضية الميليشيات العراقية الشائكة, التي يعتبرها بعض المسؤولين الامريكيين مشكلة اكبر من مشكلة التمرد. \r\n \r\n الا ان اغلبية الخبراء في شؤون العراق رفضوا بشكل قطعي اقتراح بايدن قائلين انه سوف يزيد الاحوال السيئة في العراق سوءا, كما ان من غير المرجح ان يجد المقترح دعما واسعا في صفوف العراقيين. \r\n \r\n تقول جوديث يافي, وهي محللة سابقة متخصصة في شؤون الشرق الاوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ومدرسة حاليا في جامعة الدفاع الوطني, ان فكرة بايدن »فكرة فظيعة في اكثر من وجه بحيث يصعب على من يريد انتقادها ان يعرف من اين يبدأ. فاذا كان لنا ان ندفع العراق بهذا الاتجاه فان الحرب الاهلية ستصبح امرا مؤكدا, وما نواجهه اليوم سيبدو عندها مجرد لعب اطفال«. \r\n \r\n يرى آخرون ان خطة بايدن لن تكون سوى تدخل خارجي آخر يأتي بحل مفروض لن يكتب له النجاح لانه لن ينال دعم العراقيين, كما انه سيبدو في نظر جيرانهم علامة على الضعف. \r\n \r\n يقول باتريك لونغ, الخبير بالشأن العراقي والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية, انه »لا يوجد شيء مشابه للحل الذي يقترحه السناتور بايدن في العالم العربي, واعتقد ان ذلك يعود لسبب وجيه, فهذا الامر لا يروق للعقل السياسي العربي«. ويضيف لونغ قائلا:»فاذا ما سلكنا هذا الطريق فانه لن يقدم لنا الا محطة على طريق تفكيك الدولة وزوالها«. \r\n \r\n لكن السناتور بايدن, الذي وضع ملامح خطته بالاشتراك مع رئيس مجلس العلاقات الخارجية ليسلي غيلب, يقول ان مقترحه يتلاءم مع الحقائق القائمة على الارض والتي تتمثل في كون العراقيين منخرطين فعلا في نزاع طائفي وانهم يمارسون حاليا عملية اقتلاع الاسر من اماكن سكناها وحملها على الانتقال الى مناطق تتوفر فيها النقاوة العرقية. يضاف الى ذلك ان بذور تقسيم البلاد الى مناطق تتمتع بالحكم الذاتي قد ثبتت بالفعل في الدستور العراقي الذي اقر في العام الماضي. \r\n \r\n يقول بايدن »ان الطريقة الوحيدة للحصول على عراق موحد بعد خمس سنوات من هذا التاريخ هي في اعطاء الطوائف الرئيسية مجالا للتنفس«. وبعد الاشارة الى ان الدستور العراقي يعترف حاليا بمنطقة الحكم الذاتي في الشمال الكردي ويشرع تشكيل مناطق اخرى للحكم الذاتي, يقول بايدن »هذه الخطة هي خطة متماسكة تماما ومنسجمة مع عناصر الوضع القائم«. \r\n \r\n يقول بايدن ان خطته تستند الى الدروس المستنبطة من التاريخ وخصوصا الاحداث التي جرت عام 1995 الذي شهد التوقيع على الاتفاق الذي قسم البوسنة الى مناطق تتمتع بالاستقلال الذاتي. وبالاشارة الى ان اقاليم البوسنة قد سمح لها بتشكيل قوات امن خاصة بها, فإن بايدن يرى ان هذا الحل يمكن ان يخفض اعداد الضحايا اليومية لفرق الموت الرسمية الموجودة بشكل خاص ضمن صفوف الشرطة العراقية. \r\n \r\n ويمضي بايدن في شرح خطته ليقول ان من الواجب في هذه الاثناء اختيار المتطوعين للخدمة في القوة الوطنية التي ستتولى حماية الحدود بدقة اكبر ومع الاخذ بعين الاعتبار ان تلك القوة ستنمو مع الزمن لتصبح جيشا وطنيا حقيقيا. \r\n \r\n احدى الثغرات في خطة بايدن, كما يراها المحللون, هي ان السنة في العراق ليست لديهم ميليشيات. وهم يتساءلون عما اذا كان ذلك يعني قيام الولاياتالمتحدة بالدفاع عن منطقة الحكم الذاتي السنية المقترحة. \r\n \r\n وتتضمن خطة بايدن, ايضا, الدعوة الى مؤتمر دولي على غرار المؤتمرات التي وضعت حدا للنزاع العرقي في البوسنة ووفرت الاستقرار في افغانستان بعد ازاحة طالبان. ويرى بايدن ان المؤتمر الدولي الذي يدعو له يمكن ان يقود الى تقديم دعم دولي متصاعد للعراق. واحد وجوه هذا الدعم هو حضور امني دولي اوسع يتزامن مع تخفيض الولاياتالمتحدة لجنودها في العراق عن طريق سحب حوالي 30 الف جندي. \r\n \r\n لكن الخبراء في شؤون البلقان يقولون ان قيام المجتمع الدولي بمناقشة المقترحات الداعية الى تقسيم البلدان تبعا للحدود العرقية لا تقود الا الى تأجيج نيران التطهير العرقي. ويعرب بعض هؤلاء الخبراء عن قلقهم من ان يؤدي مقترح بايدن الذي زار العراق اكثر من عشر مرات منذ الحرب الى نتيجة مماثلة. \r\n \r\n يقدر المسؤولون العراقيون اعداد الافراد الذين اخرجوا من مناطقهم او الذين اختاروا الانتقال الى امكان اخرى نتيجة تصاعد العنف الطائفي بحوالي 100 الف شخص. لكن الخبراء في هذا الشأن مثل السيدة يافي يرون ان هذا الرقم لا يعد شيئا بالمقارنة مع حجم التهجير والاضطراب اللذين سينجمان عن تنفيذ خطة التقسيم. وتقول يافي ان العراق بلد يختلط فيه السكان من مختلف الاعراق والمذاهب وخصوصا في المدن. وان بغداد وحدها تضم اكثر من خمسة ملايين نسمة. وان خطة بايدن لا تأخذ بعين الاعتبار الاثر الذي سينجم عن عملية فرز السكان على اساس عرقي ومذهبي. \r\n