\r\n وكانت كازاخستان قد انضمت في الثامن من شهر سبتمبر المنصرم، إلى عدد من دول آسيا الوسطى التي اتفقت على إنشاء أحدث المناطق العالمية الخالية من السلاح النووي. يشار إلى أن قارة أميركا اللاتينية، وكذلك المنطقة الكاريبية، ومنطقة جنوب شرق المحيط الهادئ، قد سبقتها لإنشاء مناطق شبيهة فيها. والملاحظ أن هذه القوانين والتشريعات المطبقة في هذه المناطق، تتجاوز كثيراً نصوص معاهدة حظر الانتشار النووي، لكونها تحرم حتى إجراء التجارب في المناطق الخالية من السلاح النووي. \r\n \r\n إلى ذلك فقد حان دور القارة السمراء لكي تنشئ منطقة شبيهة لها في أراضيها. يذكر أن غالبية الدول الأفريقية البالغ عددها 53 دولة، قد وقعت قبل عشر سنوات خلت، على \"معاهدة بليندابا\" الداعية لإنشاء منطقة أفريقية خالية من السلاح النووي. ولكن لكي توضع تلك المعاهدة موضع التنفيذ، فهي بحاجة لمصادقة 28 دولة عليها. وحتى هذه اللحظة، فهي لا تزال بانتظار مصادقة ثماني دول عليها، مع ملاحظة أن هذه الدول المتبقية، تعاني من مشكلات تفشي الفقر المدقع فيها، ومن كوارث وأزمات صحية متفاقمة، إلى جانب النزاعات المسلحة التي تمسك بخناقها حتى الآن. ولذلك فليس مستغرباً أن ترجئ هذه الدول خطوة توقيعها على المعاهدة هذه. ومهما يكن، فإنه يمكن القول إجمالاً إن الدول المذكورة، وعلى رغم إبطائها في الانضمام إلى المعاهدة، فإنها لا تزال تمضي في الاتجاه الصحيح. \r\n \r\n وفي تقديري الشخصي، أن إنشاء القارة السمراء لمنطقة خالية من السلاح النووي في أراضيها، يحقق أربعة مكاسب على قدر كبير من الأهمية؛ فدول القارة ستتفادى بذلك كافة المهددات الأمنية من الدول التي تستهدفها، إلى جانب حماية أراضيها من خطر الإرهاب النووي الإشعاعي، فضلاً عن حمايتها للبيئة، وحفزها لخطى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. \r\n \r\n وبخلو القارة السمراء من خطر السلاح النووي، سيتحول الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية كلها، إلى منطقة خالية من ذلك السلاح. والأكثر أهمية، أن تحول أفريقيا إلى منطقة خالية، ربما يرغم منطقة الشرق الأوسط كلها على المضي باتجاه حظر انتشار الأسلحة النووية. وفي مقدور مصر، باعتبارها دولة عربية أفريقية، أن تكون بمثابة أداة الوصل في هذا الاتجاه. والمعروف عنها أنها ظلت تساند منذ وقت بعيد، نداء إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل. والميزة في هذا النداء أنه يحرم انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية معاً في المنطقة. وعلى رغم صحة القول إن في انحصار الدعوة إلى نزع الأسلحة النووية، ما يستهدف تصفية ترسانة الأسلحة النووية الإسرائيلية، فإنه لا يقصر عن التصدي لمخاطر ومخاوف دول المنطقة من خطر تراكم ترسانة الأسلحة الكيمياوية في بعض بلدان الشرق الأوسط. \r\n \r\n لكن وبما أن مصر قد عمدت في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر المنصرم، إلى اتخاذ قرار قاضٍ بتوجيه مجلس الطاقة الأعلى -وهي مؤسسة مصرية ظلت هامدة لوقت طويل- بالنظر في إنشاء مفاعلات نووية تجارية، فقد كان في تقدير الكثير من المراقبين والمحللين، أن في تلك الخطوة ما ينمُّ عن رغبة مصرية في الاحتراز لمواجهة خطر تحول إيران باتجاه دولة نووية إقليمية في المستقبل. وفي هذا التطور عامل إضافي، يستدعي من القارة الإفريقية، توسيع نطاق تشاورها وتنسيقها الإقليمي في كل ما له صلة بأمر القوة النووية. يذكر أن فكرة إنشاء المنطقة الإفريقية الخالية من السلاح النووي، تعود إلى بدايات عقد الستينيات. وكانت جنوب إفريقيا قد تمكنت من تطوير ست قنابل نووية خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات، إلا أن رئيسها الأسبق \"دي كليرك\"، سارع إلى وضع حد للسباق النووي الأفريقي، وذلك بإصداره قراراً بتفكيك الترسانة النووية لبلاده في عام 1989. وبذلك تظل جنوب أفريقيا الدولة الوحيدة حتى الآن، التي تمكنت من التفكيك الكامل لترسانتها النووية. فهل تلحق بها بقية الدول الأخرى؟ \r\n \r\n تشارلز دي. فيرجسون \r\n \r\n باحث مشارك بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n