\r\n وهذا هو السبب الذي يجعل من الأهمية بمكان أن يقوم المجتمع الدولي بالاحتشاد وراء هدف إعادة إعمار لبنان. الخطوة الأولى في ذلك هي تحقيق الأمن، ولضمان نجاح القرار 1701 يتطلب الأمر إجراء نشر سريع لقوة حفظ سلام أممية بقيادة أوروبية لتعزيز قوة \"اليونيفيل\" الحالية الموجودة في جنوب لبنان. وسيكون التعاون وضبط النفس من جانب كل من \"حزب الله\"، وإسرائيل، وقوات الجيش اللبناني البالغ عددها 14 ألف جندي والتي تم نشرها مؤخراً في الجنوب، شرطاً أساسياً لتحقيق هذا النجاح. \r\n \r\n والتحديات الاقتصادية التي تواجه هذه المهمة هائلة. فوكالة التنمية التابعة للأمم المتحدة تقول إن \"حجم الدمار الذي حدث قد محا أثار الجهود التي تمت خلال الخمسة عشر عاماً الماضية سواء في مجال إعادة الإعمار، أو إعادة التأهيل، التي تمت عقب انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية 1975- 1990، وأن حجم هذه الخسائر يبلغ 15 مليار دولار تقريباً- إن لم يكن أكثر– بحسب المتحدثة باسم المنظمة \"جين فابر\". والتكاليف الإنشائية المباشرة في لبنان تصل إلى 3,6 مليار تشمل إعادة بناء 15 ألف منزل مدمر أو مهدم جزئياً (يقوم حزب الله بالفعل بتوزيع مبالغ تتراوح ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف دولار لكل صاحب منزل متضرر كي يقوم بإصلاحه). كما تشمل الخسائر الناتجة عن توقف مطار وميناء بيروت مؤقتاً عن العمل، وعن تعرض 80 جسراً و94 طريقاً مشروعات تجارية ومصانع لمنتجات الألبان وغيرها من أنواع الطعام المصنع إلى التدمير أو الضرر. \r\n \r\n والحصار البحري والجوي الإسرائيلي والذي بدأ بمجرد أن أدت العملية التي نفذها \"حزب الله\" وتم خلالها اختطاف جنديين إسرائيليين إلى إشعال شرارة الحرب قد كلف لبنان خسائر ضخمة- في حين حقق مكاسب لسوريا. فهذا الحصار أدى إلى تحويل حركة شحن جوي تحقق مكاسب قدرها الملايين من الدولارات من ميناء بيروت إلى ميناءي اللاذقية وطرطوس السوريين. ليس هذا فحسب بل تم أيضاً تحويل شحنات بضائع كانت متجهة إلى لبنان إلى موانئ في اليونان وتركيا ومصر وقبرص ومالطا. \r\n \r\n بالإضافة لذلك يقوم خبراء بحريون من الأممالمتحدة واليونان وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي بالتعامل مع التلوث الناتج عن تلوث مياه البحر على امتداد 100 ميل تقريباً بسبب تسرب 15 ألف طن من الزيت على امتداد السواحل اللبنانية والسورية نتيجة لقيام الطيران الإسرائيلي بقصف خزانات الوقود الموجودة في محيط \"جيه\" للطاقة الواقعة على الساحل اللبناني على بعد 28 كيلومترا جنوببيروت. وتقدر تكلفة الوقاية من التلوث وتنظيف الشواطئ السياحية الملوثة مياهها بالزيت 5 مليارات دولار تقريباً. \r\n \r\n وحملات العلاقات العامة التي يقوم بها \"حزب الله\" تثبت يوماً بعد يوم نجاحها في اجتذاب عقول وقلوب اللبنانيين والعرب والمسلمين. ولمواجهة الجاذبية التي يمثلها \"حزب الله\" يتوجب على \"كونسورتيوم\" الدول المانحة الذي عقد اجتماعاً له في العاصمة السويدية استوكهولم في الأول من سبتمبر الحالي إلى القيام وبشكل سريع بالوفاء بتعهده بتقديم دعم مقداره 940 مليون دولار أميركي في صورة مساعدات للبنان وهو مبلغ كبير ولم يكن متوقعا قبل الاجتماع. \r\n \r\n واليونان وقبرص بالذات في وضع يسمح لهما بلعب دور رائد في عملية إعادة الإعمار في لبنان حيث كانتا من أوائل الدول التي قامت بتقديم مساعدات إنسانية للبنان عقب اندلاع الحرب، كما أرسلا سفنا لإجلاء 30 ألف أجنبي عن لبنان. إلى ذلك نجحت وزيرة الخارجية اليونانية \"دورا باكويانيس\" في تأسيس سمعة طيبة لها في المنطقة، ومما لا شك فيه أن تَولي بلادها لرئاسة مجلس الأمن، حسب النظام الدوري الذي تتغير وفقه رئاسة المجلس كل شهر، سيزيد من نفوذها في هذا المجال. \r\n \r\n وبالإضافة إلى إعادة الإعمار المادي، فإن لبنان في حاجة أيضاً إلى عملية إعادة تأسيس لدوره كمركز إقليمي للثقافة، وكدولة تتبنى النهج الديمقراطي أو شيئاًَ قريباً منه الذي يقول بوش إنه يسعى إلى ترويجه في العالم. \r\n \r\n ويمكن للجامعة الأميركية في بيروت أن تقوم بدور حيوي في جهود استعادة الدور الثقافي اللبناني. فهذه الجامعة التي تأسست عام 1866 قامت بتخريج أجيال تتلوها أجيال من الاختصاصيين في كافة المجالات وأساتذة الجامعات والفنانين والسياسيين من أبناء الدول المختلفة. \r\n \r\n وهذه الجامعة كذلك هي التي شجعت على انبعاث النهضة الفكرية العربية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ونجحت في الاستمرار على الرغم من ويلات الحربين العالميتين الأولى الثانية. كما أنها نجحت بعد ذلك في الاستمرار وسط مناخ الانتفاضات والثورات في لبنان وباقي الدول العربية الذي تلا إنشاء إسرائيل عام 1948. \r\n \r\n ونجحت الجامعة تحت قيادة رئيسها الحالي د. \"جون واتربيري\" في الحفاظ على تماسك الجامعة خلال العاصفة التي هبت مؤخراً على لبنان. فحرم الجامعة الأخضر اللون والذي يرحب بالجميع والواقع في بيروتالغربية يعد بالاستمرار كمنارة لدعم الرغبة المعلنة لمؤسسي هذه الجامعة وهي أن تعيش شعوب الشرق الأوسط حياتها وأن تعمل على ازدهارها. \r\n \r\n وهذه الرغبة يجب أن تكون دليلاً هادياً أمام مهندسي مستقبل الشرق الأوسط. ذلك المستقبل الذي يجب أن ينبذ الدعوة لحمل السلاح، ويعتنق بدلاً من ذلك هدف استعادة وتحسين الأوضاع المادية والثقافية والمعنوية لدول المنطقة. \r\n \r\n \r\n \r\n جون كيه. كولي \r\n \r\n \r\n مراسل سابق ل\"كريستيان ساينس مونيتور\" في الشرق الأوسط \r\n \r\n ومؤلف كتاب \"تحالف ضد بابل: الولاياتالمتحدة، وإسرائيل، والعراق\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n