\r\n وكانت جولة الدوحة قد انطلقت مباشرة عقب 11 سبتمبر في وقت كانت الغالبية ماتزال تشعر بالحاجة الماسة لتقوية العلاقات الاقتصادية مع البلدان النامية ، والسبب وراء ذلك أن الدول التي تعاني من تردي في الأوضاع الاقتصادية مثل أفغانستان كانت تصدر للخارج ما هو أكثر من الصراعات. وتشجيع تملك هذه الدول للثروة والاستقلال قد يساهم في حماية الدول الغنية من أي هجمات مستقبلية. \r\n وفيما تظل مثل تلك المخاوف أمرا مشروعا الا ان المغزى الجوهري لجولة الدوحة هو كونها سلاحا في وجه الفقر العالمي. وكانت الجولة مدفوعة بفكرة مفادها ان التجارة في ارتباطها بمسؤولية المساعدات الخارجية يمكن ان تقود إلى تحقيق الازدهار في دول العالم النامي. وتلك الفكرة في حد ذاتها لن تموت مع جولة الدوحة، وإذا ما حدث ذلك فسوف ينتهي بنا المطاف بأن نبني توقعات غير حقيقية حول ميزانية الولاياتالمتحدة الخاصة بالمساعدات الخارجية حتى مع ما نقدمه من عذر للدول الفقيرة لتجنبها الانفتاح الاقتصادي. \r\n فلماذا يكتسب الانفتاح تلك الأهمية؟ وفقا لما يذكره ديفيد دولار وآرت كراي خبيرا الاقتصاد في البنك الدولي فإن الدول النامية التي نهجت سياسة الانفتاح التجاري استطاعت أن تحقق لنفسها إنجازات فاقت بها جميع الاقتصاديات الاخرى. ففي فترة التسعينيات فقط - وباستثناء نمور شرق آسيا - تضاعف اجمالي الناتج المحلي في الدول الفقيرة التي طبقت سياسة الانفتاح مقارنة بالدول الغنية. وبفضل النمو الاقتصادي الذي قدمته التجارة تم انتشال الملايين من حالة الفقر المدقع التي كانت مستحوذة عليهم. \r\n و مع ايداع جولة الدوحة ثلاجة الحفظ تجد الولاياتالمتحدة نفسها بحاجة إلى تبني اجندة علاقات متبادلة أكثر طموحا. وبالطبع فإن الاتفاقات الثنائية ليست بديلا عن الاتفاقيات متعددة الاطراف، فالأخيرة تدفع بشكل اسرع وتيرة انفتاح الاقتصاد العالمي. وفي ظل غياب أي جولة متعددة الاطراف في الأفق المنظور لا يسع الولاياتالمتحدة أن تظل خاملة دون نشاط. \r\n وتأتي المفاوضات مع كوريا الجنوبية لتمثل نقطة انطلاق جيدة. فليس ثمة دولة أخرى تجري الولاياتالمتحدة معها مفاوضات تجارية يصل حجم الاقتصاد لديها نظيره لدى كوريا الجنوبية. ويمكن أن يؤدي توقيع اتفاق مع سيئول إلى انعاش آمال محادثات تجارية أوسع تشمل أطرافا اخرى عديدة من الدول النامية. \r\n وأكثر من ذلك فبإمكاننا ان نزيد من حجم الزخم المنادي بجولة جديدة مع توجيه مؤشرات البوصلة إلى اقتصاديات أكبر. وتأتي اليابان في طليعة الدول المقترحة. فتوقيع اتفاق بين واشنطن وطوكيو من شانه أن يضيف أبعادا جديدة أكثر عمقا مع حلفائنا الآسيويين في وجه التهديدات التي تمثلها كوريا الشمالية. \r\n كما أن الدول المجاورة للولايات المتحدة تقدم آفاقا رحبة تدعو للتفاؤل. فعلى امتداد ساحل المحيط الهادئ من المكسيك إلى أميركا الوسطى نزولا إلى شيلي ، نجد أن جميع الدول فيما عدا الاكوادور إما انها تدخل بالفعل في مفاوضات اتفاقيات تجارية مع الولاياتالمتحدة أو انها ترتبط باتفاقية سابقة. \r\n فعلى صعيد الاطلسي يأتي إخفاق جولة الدوحة ليعطينا ضوءا أخضرا لكي نشرع في الدخول في مفاوضات مع البرازيل التي تعد أكبر إقتصاد في أميركا اللاتينية. وربما يكون في ذلك ما يدعو الكونغرس أن يزيد من عدد ممثلي التجارة الأميركية ، كما أن مجلس الشيوخ عليه أن يعطي موافقته على التمويل الخاص بتعزيز القدرات التجارية بمبادرة قوامها 522 مليون دولار كان مجلس النواب قد أجازها وذلك لمساعدة الدول النامية كي تتأهب وتطبق إتفاقات التجارة الحرة الموقعة مع الولاياتالمتحدة. \r\n وحتى مع معالجاتنا للاتفاقات الثنائية يجب علينا ألا ننسى ذلك الخط الموازي الذي لا يقل في أهميته وهو منح التفضيلات التجارية. وهذا التفضيل مقصود منه انفتاح أميركا امام المزيد من صادرات الدول النامية. ويمثل ذلك جزءا يسيرا من مكونات جولة الدوحة والذي وافق عليه الجميع أن يتم نقله إلى قواني ن وتشريعات. وفي ظل ما تحظى به التفضيلات التجارية من دعم من كلا الحزبين يكون أي تأخير في تمريرها ضرب من العبث. \r\n وفي النهاية فلن تنجح اية أجندة تجارية ما لم نعالج مسألة المساعدات الزراعية في الولاياتالمتحدة. ولا يسعنا أن نأخذ من فشل جولة الدوحة ذريعة لإجازة برامج المساعدات مرة أخرى للعام القادم. وأسوأ ما تمثله تلك المعونات ليس فقط أنها تمثل نوعا من الاهدار - على الرغم من انها كذلك - الا انها تلحق ضررا فادحا بقطاعات التصدير التي تمثل محركات النمو في الدول النامية ، كما أنها تأتي على الفوائد المرجوة من المساعدات الخارجية التي تقدمها الولاياتالمتحدة مقابل أن ندفع لمزارعينا كي يتدنى مستوى كفاءتهم. والتغلب على مقاومة اللوبي الزراعي الذي دأب على تلقى تلك المساعدات لعقود طويلة يتطلب جهود منظمة وقيادة من الرئيس جورج بوش وقطاع الاعمال في الولاياتالمتحدة. كما أننا سنكون بحاجة ايضا إلى أن نسمع أصوات المدافعين منطلقة من الدول الفقيرة. \r\n رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب الأميركي وعضو في الحزب الديموقراطي \r\n جيم كولبي * \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب (الوطن) \r\n