\r\n لكن الرهانات كانت مرتفعة بشكل غير عادي، وهو ما اتضح ليس فقط من خلال قرار أولمرت بإرسال الجيش الإسرائيلي إلى لبنان للمرة الأولى منذ انسحاب إسرائيل في عام 2000، ولكن أيضا من خلال البيان الذي أصدره البيت الأبيض مساء الأربعاء والذي اعتبر سوريا وإيران \"مسئولتين عن الهجوم (الذي قام به حزب الله) وعن العنف الناجم عنه\". \r\n \r\n وفي مقابلة عبر الهاتف أجرتها آي بي إس مع باسل سلوخ، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت، قال سلوخ: \"إن هذا أمر في غاية الخطورة؛ فإذا استخدم الأمريكيون هذا من أجل إجازة توجيه ضربة إلى إيران أو سوريا فإنني أعتقد أن هذا سوف يؤدي إلى التصعيد وحدوث عواقب وخيمة\". \r\n \r\n وخلال الأسبوعين الماضيين وقفت واشنطن غالبا في موقف المتفرج في الوقت الذي تقوم فيه القوات الإسرائيلية بتنفيذ عمليات عسكرية في غزة، شملت تدمير محطة طاقة كهرباء من تمويل الولاياتالمتحدة إضافة إلى العديد من أهداف البنية التحتية، وهو ما يبدو حتى الآن بلا فائدة في الضغط على حماس لإطلاق سراح جندي إسرائيلي تم أسره على يد مقاتلي حماس خلال هجوم على نقطة حدودية إسرائيلية أواخر يونيو الماضي. \r\n \r\n وقد أدت هذه العمليات، والتي تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 70 فلسطينيا ومقتل جندي إسرائيلي واحد، إلى سوء الوضع الإنساني الذي كان متدهورا بالفعل في غزة، فيما اعتبرته حكومات عربية وبعض منظمات حقوق الإنسان عملا ظالما يمثل \"عقابا جماعيا\" ضد السكان المدنيين. \r\n \r\n ورغم أن إدارة بوش قد حثت على ضبط النفس من جانب جميع الأطراف إلا أنها كررت مساندتها لمطلب إسرائيل بإطلاق سراح الجندي ورفضها لمناشدة حماس لوقف إطلاق النار أو التفاوض من أجل تبادل الأسرى، وهو ما نُظر إليه في المنطقة بمثابة إعطاء أولمرت ضوءا أخضر فعليا لمواصلة عدوانه. \r\n \r\n من جانبه قال كلاي سويشر، وهو خبير سابق بوزارة الخارجية الأمريكية في شئون الشرق الأوسط وصاحب كتاب \"الحقيقة عن كامب ديفيد\"، والعائد لتوه من لبنان في الأسبوع الماضي، قال: \"إن ربط فك الارتباط الدبلوماسي لدينا بإلقائنا باللوم على سوريا وإيران، وإعطائنا إسرائيل الضوء الأخضر (في حملتها العسكرية)، كل هذا قد تسبب في إشعال المنطقة بأكملها\". \r\n \r\n وفي هذا السياق قام حزب الله بقصف أهداف إسرائيلية وهاجم دورية حدودية تابعة للجيش الإسرائيلي الأربعاء، وهو ما تسبب بحسب التقارير في مقتل سبعة جنود إسرائيليين وأسر اثنين آخرين، وهو ما أدى فعليا إلى خلق جبهة ثانية على طول الحدود الإسرائيلية الشمالية. \r\n \r\n وقد صرح زعيم حزب الله حسن نصر الله في مؤتمر صحفي بعد وقت قصير من العملية أن الحزب مستعد لتسليم الأسيرين والجندي الأسير لدى حماس في مقابل إطلاق سراح عشرات اللبنانيين الأسرى لدى إسرائيل، إضافة إلى مئات السجناء الفلسطينيين المأسورين لديها إسرائيل، كما طالبت حماس من قبل. وقد حذر نصر الله من أنه \"إذا أراد العدو الإسرائيلي التصعيد فنحن جاهزون للمواجهة\". \r\n \r\n لكن أولمرت مع ذلك، مع إعلانه أن هذه الهجمات هي \"عمل من أعمال الحرب\"، بدأ اعتداء جويا وبحريا وأرضيا في جنوب لبنان، المراد منه، كما هو الوضع في غزة، إجبار حزب الله –والحكومة اللبنانية التي يعتبر الحزب جزءا فيها– على إعادة الأسيرين الإسرائيليين دون شروط. وفي بداية القتال أفادت التقارير قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بتدمير ثلاثة جسور، في حين هدد الجنرال دان حالوتز، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ب\"إعادة الساعة في لبنان عشرين عاما إلى الوراء\"، إذا لم يتم إعادة جنوده. \r\n \r\n ويعتقد مايكل هدسون، الخبير في شئون المنطقة بجامعة جورج تاون، أن تدخل حزب الله جاء في وقته تماما للاستفادة من الغضب المتصاعد في المنطقة تجاه حملة إسرائيل على غزة ودعم واشنطن لها، فضلا عن الوضع المتدهور في العراق المحتل بواسطة القوات الأمريكية. \r\n \r\n وقال هدسون: \"لقد أدخل حزب الله نفسه مجددا في وقت ملائم تماما في الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني\". وأضاف: \"إن الهجوم مباغت تماما، وهو يمثل تصعيدا كبيرا في الموقف الإقليمي بأكمله، كما أنه سيؤدي بلا شك إلى رفع أسهم حزب الله في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي\". \r\n \r\n أما واشنطن، والتي أصيبت بالدهشة بسبب التحرك الذي قام به حزب الله، فقد ردت مرتين في نفس اليوم. ففي تصريح صدر في باريس اتهمت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تحرك حزب الله بأنه \"يقوض الاستقرار في المنطقة\"، كما طالبت جميع الأطراف ب\"التحرك مع ضبط النفس لحل هذه الحادثة بشكل سلمي، وحماية أرواح الأبرياء والبنية التحتية المدنية\". \r\n \r\n وفي إشارة واضحة إلى دعم دمشق التاريخي لحزب الله قالت رايس: \"إن سوريا تتحمل مسئولية خاصة في استخدام نفوذها لدعم حدوث نتيجة إيجابية\". \r\n \r\n ويبدو أن التصريحين يؤكدان على الخيار الذي تواجهه الإدارة الآن، وهو إما التعامل مع الأزمة الحالية باعتبارها شيئا يمكن حله من خلال الدبلوماسية الصامتة والوساطة التي تشمل في المقام الأول ممثلين من المنطقة، بمن فيهم إسرائيل والفلسطينيين وحزب الله ، وبمساعدة من دمشق، وإما كجزء من مواجهة أكبر في المنطقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من جانب، وسوريا وإيران وغيرهما من القوى الفاعلة التي لا تعتبر دولا من جانب آخر، وفي هذه الحالة من المرجح حدوث صراع أوسع في المنطقة. \r\n \r\n لكن هدسون أكد على أن دور سوريا وإيران –إن كان لهما دور– في تشجيع حزب الله على القيام بهذا الهجوم هو أمر \"مبني تماما على الظن\"، قائلا إن دمشقوطهران \"ربما تكونان قد اعتقدتا أنه، مع انشغال إسرائيل الآن في حرب على جبهتين، ومع تورط الأمريكيين في العراق، لا يوجد من هو مستعد لأية مغامرات عسكرية\". \r\n \r\n وقد أشار هدسون أيضا إلى أن طهران، إذا كانت قد بالفعل قد أعطت حزب الله ضوءا أخضر، ربما تكون تحاول أن تبرهن على \"امتدادها الإستراتيجي\" –وهو أمر يمكن أن يخلق صعوبات جمة لإسرائيل والولاياتالمتحدة– في لحظة تحاول فيها واشنطن حشد أوروبا وروسيا والصين خلف مجلس الأمن إذا رفضت إيران قبول خطة مدعومة أمريكيا تقضي بتجميد برنامجها النووي. \r\n \r\n من جانبه قال سلوخ: \"إذا أرادت واشنطن أن تمضي إلى نهاية هذا الطريق فإنها سوف تستخدم هذا ذريعة لضرب إيران من أجل احتوائها وكبح طموحاتها الإقليمية\". وأضاف أنه إذا قامت واشنطن، على الجانب الآخر، \"بتفسير هذا باعتباره إستراتيجية مؤثرة من حزب الله لتحرير الأسرى اللبنانيين والعرب قي السجون الإسرائيلية فإن هناك عندئذ مكانا للتفاوض\". \r\n \r\n وكما يوحي هذا الاختلاف في التصريحات بين رايس والبيت الأبيض ربما يثير الخيار خلافا كبيرا داخل الإدارة، وخاصة بين مسئولي وزارة الخارجية، الذين ساندوا دائما وجود دور أمريكي أكثر نشاطا وغير متحيز، وخاصة في محاولة لإعادة عملية إحياء السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وبين إليوت أبرامز، كبير مستشاري بوش لشئون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، والذي \"يميل إلى إعطاء إسرائيل مطلق التصرف\"، بحسب تعبير كريس تونسنج، مدير مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الأوسط. \r\n \r\n وقال تونسنج إن رايس حتى الآن تذعن بشكل عام لأبرامز في القضايا الإسرائيلية الفلسطينية، ولكن في ظل تهديد الصراع \"بالتحول إلى حريق في المنطقة ربما تُضطر الإدارة إلى دراسة أسلوب مختلف\". \r\n \r\n وقد ناشدت منظمة أمريكيون من أجل السلام الآن، وهي منظمة يهودية في أغلبها تؤيد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ناشدت الإدارة أيضا الأربعاء \"باستئناف الدبلوماسية الأمريكية النشطة للمساعدة في السيطرة على هذا العنف الممتد\". \r\n \r\n وقالت رئيسة المنظمة ديبرا ديلي: \"ينبغي أن يكون واضحا للبيت الأبيض في الوقت الحالي أن الوضع الفلسطيني ليس وضعا يتحرك في فراغ إقليمي\". (آي بي إس / 2006)