\r\n ويقول \"خوليو مادراسو\" من مؤسسة \"سي إم إم\" للاستشارات في العاصمة مكسيكو: \"لقد كان السباق الرئاسي لهذا العام الأشد من حيث التنافس والأكثر استئثاراً بالانتباه في تاريخنا. ولكنه كان أيضاً الأكثر قذارة\". الواقع أن نتيجة اقتراع الأحد ستحسم في ما إن كانت المكسيك ستنضم إلى المد \"اليساري\" الذي اكتسح أميركا اللاتينية أو تواصل تعزيز علاقاتها مع الولاياتالمتحدة وتولي اهتماما أكبر بإصلاحات السوق الحرة. \r\n \r\n تمنح استطلاعات الرأي \"اليساري\" أندريه مانويل لوبيز أوبرادور، الذي يقدم نفسه على أنه منقذ الفقراء، تقدماً طفيفاً على منافسه المحافظ \"فيليب كالديرون\"، المؤيد للتجارة الحرة. أما المتنافس الثالث، فهو \"روبيرتو مادراسو\" من \"الحزب الثوري الدستوري\" الذي حكم المكسيك من 1929 إلى 2000. ويتسابق في هذه الانتخابات أيضاً مرشحان آخران، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حظوظهما في الفوز قليلة. \r\n \r\n يرى \"مارك شنايدر\"، الخبير في شؤون الأميركيتين ب\"مؤسسة مراقبة الأزمات الدولية\" التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، أن الحملات السلبية هي التي ستؤثر على اختيار الناخبين، وليس الجوهر. وفي هذا السياق، يقول شنايدر: \"مما لا شك فيه أن الديمقراطية المكسيكية بصدد النضوج في ظل تعددية حزبية تتميز بالتنافس. غير أن العملية السياسية لم تستطع للأسف تفادي الشراك التي تنصبها لها بيئة انتخابية، تتميز بسيطرة وسائل الإعلام، على طريق نقاش جاد ومتزن حول السياسة ومواضيع مختلفة\". \r\n \r\n المكسيك ثاني أكبر بلد في الأميركيتين من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها 106 ملايين نسمة ويتميز بالهوة الكبيرة التي تفصل بين أغنيائه وفقرائه. فلئن كان رجل الأعمال المكسيكي كارلوس سْليم يعد ثالث أغنى رجل في العالم، حسب مجلة \"فوربس\"، فإن شخصاً من كل خمسة مكسيكيين يعيش تحت خط الفقر. والحقيقة أن المكسيك غنية بالثروات الطبيعية، غير أن البطالة المستشرية تواصل الدفع بالملايين كل عام إلى عبور الحدود الشمالية في اتجاه الولاياتالمتحدة بحثا عن العمل. \r\n \r\n وبخصوص هذه المشاكل الاقتصادية وغيرها، يقدم المتنافسان الرئيسيان في هذه الانتخابات مقاربات متباينة. إذ يؤيد \"أوبرادور\"، من \"حزب الثورة الديمقراطية\" المناهض للخصخصة، دورا أكبر للدولة في الاقتصاد، حيث يدعو برنامجه الانتخابي إلى توفير وظائف متدنية الدخل عن طريق مشاريع البنى التحتية الكبرى، وإيلاء اهتمام أكبر بالبرامج الاجتماعية مثل المعاشات بالنسبة لكبار السن. كما تعهد بإعادة النظر في أجزاء من \"اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية\"، المعروفة اختصارا ب\"نافتا\"، والتركيز على السياسة الداخلية. \r\n \r\n ولكن إذا ما سألنا أي شخص في الشارع بحي \"بولانكو\" الراقي بالعاصمة المكسيكية عن أهم شيء بخصوص \"أوبرادور\"، فمن الأرجح أنه سيبدأ في الحديث عن الرئيس الفنزويلي الشعبوي المناوئ للولايات المتحدة \"هوغو شافيز\". وقد عكس هذا التخوفَ من انتصار \"أوبرادور\" إعلانٌ تلفزيوني ل\"كالديرون\" في مارس المنصرم، وفيه يردد المعلق أن أوبرادور يمثل \"خطرا على المكسيك\". كما يتهم الإعلانُ أوبرادور بإثقال كاهل العاصمة بالديون عندما كان عمدة المدينة لفترة خمس سنوات، ويشبهه بشافيز. \r\n \r\n غير أن الإعلان سُحب في نهاية المطاف بموجب قرار من \"معهد الانتخابات الفيدرالي\"، غير أن رسالته بقيت عالقة في الأذهان، مكرسة فكرة أن \"أوبرادور\" سلطوي، وبأن من شأن انتخابه إلحاق الضرر بالاقتصاد. \r\n \r\n من جهة أخرى، لم يسلم \"كالديرون\"، المرشح \"المحافظ\" من حزب الرئيس فوكس \"حزب العمل الوطني\"، بدوره من الحملات السلبية. ويشجع وزير الطاقة السابق الاستثمارات الخارجية ويدافع عن مصالح الشركات. وقد اقترح سياسة خارجية أكثر نشاطاً، ودعا إلى التزام أكبر ب\"نافتا\"؛ كما طرح مقترحاً تاريخياً يقضي بتشكيل حكومة ائتلافية. غير أن أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن \"كالديرون\" هذه الأيام هو صهره. \r\n \r\n تعود الخيوط الأولى للقصة إلى المناظرة التلفزيونية التي تابعها مباشرة نحو 13 مليون مكسيكي في السادس من يونيو. والتي اتهم خلالها \"أوبرادور\" غريمه \"كالديرون\" بالعمل على تحويل عقود حكومية بقيمة 230 مليون دولار إلى صهره \"دييغو زافالا\"، الذي يُتهم أيضا بالتهرب من الضرائب المتعلقة بالصفقة. وكان رد فعل \"كالديرون\"، الذي بدا أنه أخذ على حين غرة، والذي رفع شعار محاربة الفساد في حملته الانتخابية أن قال \"إنك تكذب من جديد\". \r\n \r\n غير أن كلا من \"كالديرون\" و\"زافالا\" نفيا هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً؛ بل إنهما رفعا قضية قذف وتشهير ضد \"أوبرادور\". غير أن الاتهامات انتشرت في الشارع المكسيكي، مكرسة واحدة من المواضيع المفضلة لدى \"أوبرادور\"، وهو أن النخب في المكسيك تزداد غنى على حساب الفقراء، وأنها توزع المزايا والامتيازات على الأقارب والأصدقاء. \r\n \r\n ونتيجة لذلك، لا يخفي بعض المراقبين خشيتهم أن تكون الحملات السلبية قد تسببت في تقسيم البلاد، وهو ما يجعل العنف احتمالاً قائماً في حال لم تسفر انتخابات الأحد عن فائز واضح. غير أن آخرين مثل \"غابرييل غيرا كاستيانوس\"، المحلل السياسي بصحيفة \"ديلي ريفورما\"، يرى أن التشهير هو في الواقع مؤشرٌ على ديمقراطية صحية إذ يقول \"لقد نضجنا أخيراً وتحولنا إلى ديمقراطية راشدة\"، مضيفاً \"أصبحنا أخيراً عاديين. لقد كانت الحملة قذرة، وهو ما يحدث بالضبط في بلدان ديمقراطية أخرى\". \r\n \r\n دانا هارمان \r\n \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في العاصمة المكسيكية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n