\r\n ويختلف الزعيم الجديد عن الوجه السابق للمحاكم الإسلامية شريف أحمد الذي كان يمثل تياراً أكثر اعتدالاً بعد إبدائه أكثر من مرة رغبته في التعاون مع الغرب. ويشكل ظهور الشيخ عويس كزعيم جديد للمحاكم الإسلامية نكسة أخرى لسياسة إدارة بوش في الصومال، لاسيما وأن الشخص المذكور، وهو عقيد سابق في الجيش شغل منصب نائب زعيم التنظيم الإسلامي المعروف بالاتحاد الذي أدرجته واشنطن ضمن قائمة الجماعات الإرهابية بعد أسبوعين على أحداث 11 سبتمبر. \r\n \r\n وقد ورد اسم الشيخ عويس، البالغ من العمر 71 سنة، وذي اللحية الحمراء المخضبة بالحناء على عادة الصوماليين، مرتبطاً بأنشطة إرهابية، ما حدا بالولاياتالمتحدة إلى منعه من دخول أراضيها. ورغم عدم ظهوره كثيراً أمام وسائل الإعلام، فإنه في حديث أدلى به إلى مجموعة من الصحافيين في الشهور الأخيرة، نفى وجود أي علاقة له مع الإرهاب، متهماً الغرب بالتسرع في كيل تهم التشدد لكل مسلم في العالم الإسلامي. ومع ذلك لم يخفِ الشيخ عويس الذي ينتمي إلى قبيلة قوية تشدده عندما قال لأتباعه على الملأ بأن الله سيغفر لكل من سفك دماء أفراد قوات حفظ السلام الأجنبية الذين تطأ أقدامهم أرض الصومال. وأضاف أيضاً أن الصوماليين الذين يسلمون مواطنيهم إلى العملاء الأميركيين مقابل الحصول على المال يتحملون وزر \"بيعنا إلى اليهود\". \r\n \r\n وقد عُين الشيخ عويس على رأس مجلس المحاكم الإسلامية الذي يضم 88 عضواً في اجتماع ضم مئات القادة الإسلاميين في مقديشو يوم السبت الماضي. ويأتي هذا التطور بعدما وافق الإسلاميون في الصومال على الاعتراف بالحكومة الصومالية التي شكلت عام 2004 إثر مفاوضات السلام بين القبائل الصومالية المختلفة. ومن جهتها تحاول الحكومة الصومالية التي فضلت الاستقرار في مدينة \"بيداوا\" بدلاً من العاصمة بسبب عدم أمانها، إعادة سيطرتها على الأوضاع في البلاد وفرض سلطتها. \r\n \r\n وقد أكد الشيخ عويس أكثر من مرة أن الحل الوحيد في الصومال هو إقامة دولة إسلامية تنهي حالة الفوضى والتسيب التي غرقت فيها البلاد منذ سقوط الحكومة عام 1991. وهنا يشار إلى أن الشيخ عويس هو أحد أشد المعارضين للحكومة العلمانية، فضلاً عن كونه من ألد أعداء رئيسها عبدالله يوسف أحمد. ففي التسعينيات خاض الطرفان حروباً طاحنة ضد بعضهما بعضاً، ويؤكد من يعرفهما أن العداوة مازالت قائمة بين الرجلين رغم انتهاء الحرب. وفي حديث أدلى به إلى وسائل الإعلام قال الشيخ عويس: \"على العالم الغربي أن يحترم آراءنا في اختيار أسلوب الحكم الذي نبتغيه، والطريقة التي نريد أن ندير بها أمورنا. وأعتقد أن هذا من حقنا\". الولاياتالمتحدة من ناحيتها اعتمدت في السنوات الأخيرة برنامجاً سرياً يقوم على دفع أموال لأمراء الحرب الصوماليين مقابل تأمين مساعدتهم في ملاحقة الإرهابيين والقبض عليهم. غير أن تلك السياسة ارتدت على واشنطن عندما تحالفت الفصائل الإسلامية المختلفة فيما بينها خلال السنة الجارية وشنت حملة عسكرية على أمراء الحرب المدعومين أميركياً، حيث تمكنوا أخيراً من إخراجهم من العاصمة والسيطرة عليها. \r\n \r\n ولتدارك الأمر سارع المسؤولون الأميركيون في الأسابيع الأخيرة إلى تقديم الدعم للحكومة الصومالية الانتقالية التي لم تكن تحظى، في السابق، سوى بدعم فاتر من واشنطن. وبالنسبة لإدارة الرئيس بوش، تبقى الأولوية الأكثر إلحاحاً اجتثاث عناصر \"القاعدة\"، والتي تعتقد أنهم يختبئون في مقديشو. وفي هذا السياق قالت جيندايي فرايزر، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الإفريقية: \"واضح أن هناك إرهابيين أجانب في الصومال\"، مطالبة تنظيم \"المحاكم الإسلامية\" بالإسراع في تسليمهم للولايات المتحدة، خصوصاً المتورطين في العمليات الإرهابية التي شهدتها منطقة شرق أفريقيا. ولحد الآن مازال الترقب سيد الموقف في أوساط المراقبين حيال الأسلوب الذي ستنتهجه \"المحاكم الإسلامية\" في تعاملها مع الغرب بعد صعود الشيخ عويس إلى الزعامة. وفي هذا الصدد يقول ماريو رافائيلي، المبعوث الخاص الإيطالي إلى الصومال إن \"الوقت ما يزال مبكراً للخروج بأي تقييم، علينا الانتظار لنرى ما إذا كانوا سيتخلون عن الحوار، أم أنهم سيشركون مزيداً من الأصوات في إدارة النقاش مع الغرب\". وفي الواقع هناك بعض المحللين ممن يعتبرون أن تزعم الشيخ عويس للمحاكم الإسلامية يعد أمراً إيجابياً من حيث إنه سيساهم في كشف النقاب عن الأصوات المتشددة وبروزها إلى العلن. ويؤكد المسؤولون الغربيون أن شريف أحمد، الزعيم السابق للتنظيم ذو الآراء المعتدلة إزاء الحكومة العلمانية، سيظل مسؤولاً عن اللجنة التنفيذية المشكلة من قبل \"المحاكم الإسلامية\" والمكلفة بإدارة الشؤون اليومية في الصومال. \r\n \r\n يذكر أن تولي الشيخ عويس قيادة \"المحاكم الإسلامية\"، مرتبط بالصراع الإقليمي الدائر في القرن الإفريقي. ففي تقرير أصدرته هيئة خبراء تابعين للأمم المتحدة، تبحث في خروقات الحظر المفروض على بيع الأسلحة إلى الصومال، إشارة إلى أن ميليشيا الشيخ عويس تلقت أسلحة من إريتريا التي يعتقد أنها تحاول زعزعة استقرار إثيوبيا عدوتها القديمة. \r\n \r\n مارك لايسي \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في كينيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n