في مقال له بصحيفة التايمز البريطانية، يذهب مارتن فلاتشر الذي عايش نظام المحاكم الإسلامية لدى زيارته الصومال أواخر عام 2006 إلى أن الولاياتالمتحدة الأميركية والغرب رسما وجها قبيحا للمحاكم ووفرا أرضا خصبة لنشأة القاعدة في هذه البلاد. ويقول فلاتشر إن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش خاضت حربا على الصومال باسم ما يسمى محاربة الإرهاب، لكن هذه الحرب غير المباشرة أودت بحياة نحو مليون صومالي بسبب المجاعة أو التشرد، لتخرج بذلك عن هدفها الرئيسي. الفوضى والإرهاب في أوائل سنة 2006 ومنذ 15 عاما بعد سقوط نظام الدكتاتور محمد سياد بري، جعلت الصراعات بين أمراء الحرب من الصومال اسما مرادفا للفوضى والإرهاب تسبب في مقتل عُشر الشعب الصومالي -البالغ عدده نحو 10 ملايين- وفرار نحو مليون إلى الخارج حسب الكاتب. وساهم هذا الوضع في إزاحة أمراء الحرب -رغم دعم وكالة المخابرات الأميركية (سي آي أي) لهم سريا- عبر ثورة شعبية آزرت المحاكم الإسلامية التي وعدت بإحلال الأمن ووضع حد للفوضى.
ويوضح فلاتشر الذي زار مقديشو في ديسمبر2006 أنه لاحظ إسلاما معتدلا هناك، غير أن المحاكم الإسلامية تعرضت سمعتها لتشويه من قبل الغرب وكانت توصف بأنها "طالبان جديدة" تلتزم بتطبيق الشريعة على شعب مروع. ويستشهد الكاتب بالطبيب محمد أحمد الذي عاود مزاولة عمله في أحد مستشفيات مقديشو عندما قال "كأنما نحن في جنة مقارنة بما كنا عليه قبل عام"، في إشادة واضحة بعهد المحاكم الذي استقرت خلاله الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية. إيواء "إرهابيين" ومقابل هذه الانتعاشة التي عاشها الصوماليون واصل الغرب –حسب فلاتشر- ضغوطه على الصومال باعتباره رمزا "للتشدد الأصولي والجهادي" الذي تمارسه المحاكم. واتهمت هذه الأخيرة بإيواء "إرهابيين من القاعدة" مطلوبين من قبل واشنطن متهمين بتفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا سنة 1998. وحتى بعد سقوط المحاكم الإسلامية من قبل القوات الحكومية المدعومة بقوات إثيوبية في 2007، غاصت البلاد في فوضى أكبر أدت إلى تشريد نحو ثلاثة ملايين صومالي يقبعون في مخيمات وهم في أشد الحاجة حاليا للمساعدات الإنسانية. ويشير الكاتب في ختام تقريره إلى أن الصومال سيكون إرثا رهيبا ينتظر الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما. لكن في مكان ما بين الحدود الأفغانية الباكستانية سيكون هناك شخص في غاية السعادة في إشارة إلى زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي يختبئ هناك. وتمثل حركة شباب المجاهدين امتداد القاعدة في الصومال من خلال أساليب القتال التي تنتهجها والتي تشبه ما تعتمده قاعدة العراق وأفغانستان. وكان كبير قياديي الحركة مختار روبو قال لصحيفة لوس أنجلوس تايمز إن "القاعدة هي أم الحرب المقدسة في الصومال". وأضاف "نتلقى الأوامر من الشيخ أسامة". ومن ناحية أخرى فقد أكد الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أن العاصمة الصومالية على وشك السقوط في أ يدي المقاومة ، مشيرا إلى أن المقاتلين الإسلاميين باتوا يسيطرون الآن على معظم أنحاء البلاد. وأرجع الرئيس الصومالي ذلك إلى ضعف الحكومة الانتقالية خلال السنوات الماضية. وكان عبد الله يوسف يتحدث أمام مجموعة من النواب الصوماليين في نيروبي في الوقت الذي تتعثر فيه مساعي تشكيل حكومة جديدة بسبب الخلاف المتفاقم بين يوسف ورئيس وزراؤه.