يقول أحد الدبلوماسيين من جنوب شرق آسيا، والذي يراقب عن كثب السياسة في المنطقة: \"إن الأسباب واضحة؛ فمثلما تقوم الولاياتالمتحدة وغيرها من القوى الغربية بحماية مصالحها السياسة والعسكرية على مستوى العالم، كذلك تقوم الصين بنفس الشيء\". \r\n \r\n وقد عبرت الصين عن تحفظها القوي، مع التهديد باستخدام سلطة الفيتو، بشأن المحاولات الأمريكيةوالغربية إما بمعاقبة السودان وبورما وإيران أو بفرض عقوبات على الدول الثلاث، وذلك لأسباب سياسية مختلفة. \r\n \r\n لكن الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن لا تستطيع اتخاذ أي إجراء ضد أي من الدول الثلاث بسبب معارضة الصين أو روسيا أو كليهما. \r\n \r\n وبحسب تقرير جديد صدر عن منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشيونال) في لندن فإن الصين تُعتبر موردا رئيسيا للأسلحة لدول مثل السودان وبورما ونيبال، وهي دول توصف بأنها تنتهك حقوق الإنسان. \r\n \r\n وتُعتبر إيران أيضا متلقيا للأسلحة الصينية منذ وقت طويل، ومن بينها طائرات شينيانج المقاتلة، ودبابات المعارك تي–59، وصواريخ أرض–أرض من طراز سيلكوورم، وقاذفات الصواريخ. ومن المعروف أن الصين لديها مصالح اقتصادية قوية في كل من السودان وإيران، وهما بدورهما من الدول التي تقوم بتزويدها بالنفط. \r\n \r\n وتقول الدراسة التي أعدتها منظمة العفو: \"إن صادرات الأسلحة الصينية، والتي تقدر بما يزيد عن واحد بليون دولار سنويا، تتضمن تبادل الأسلحة في مقابل المواد الخام من أجل تزويد النمو الاقتصادي المتسارع في البلاد\". \r\n \r\n لكن الدراسة توضح أنها تجارة تحيط بها السرية؛ لأن بكين لا تقوم بنشر أية معلومات بشأن عمليات نقل الأسلحة إلى الخارج، كما أنها لم تقم بتقديم أية بيانات لسجل الأسلحة التقليدية في الأممالمتحدة خلال السنوات الثماني الماضية. \r\n \r\n من جانبها تقول هيلين هيوز، الباحثة المتخصصة في شئون الحد من الأسلحة بمنظمة العفو الدولية: \"إن الصين، باعتبارها مصدرا رئيسيا للأسلحة وعضوا دائما في مجلس الأمن، ينبغي عليها الوفاء بتعهداتها في ظل القانون الدولي\". \r\n \r\n وأضافت هيوز في بيان صدر هنا في نيويورك: \"إن الصين هي القوة الوحيدة المصدرة للأسلحة التي لم تقم بالتوقيع على الاتفاقيات متعددة الأطراف التي تتضمن المعايير الخاصة بمنع صادرات الأسلحة المحتمل استخدامها في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان\". \r\n \r\n وتقول فريدة بريجان، وهي من بين كبار الباحثين في مركز مصادر تجارة الأسلحة التابع لمعهد السياسة العالمية، إنه من الواضح أن الصين هي أكبر وأكثر الدول انتهاكا للمبادئ الدولية الخاصة بعمليات نقل الأسلحة، لكنها ليست مشكلة تستطيع دولة واحدة أن تقوم حلها بنفسها. \r\n \r\n \r\n وأضافت بريجان في حوار لها مع آي بي إس: \"في هذا العالم المعولَم، والذي يتم فيه تزويد الشاحنات العسكرية الصينية بمحركات أمريكية، وحيث يمكن أن تحتوي طائرات أمريكية مقاتلة على مكونات مصنوعة في إسرائيل أو كوريا الجنوبية، فإن عمليات نقل الأسلحة إلى دول مشاركة في نزاع أو لها سجلات من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، لا يمكن إلقاء مسئوليتها على دولة واحدة\". \r\n \r\n وقد أوضحت بريجان أن الحل الوحيد هو تصنيع كميات أقل من الأسلحة وبيع الأسلحة لعدد أقل من الدول؛ مضيفة أنه \"مما يؤسف له أن جميع الإشارات تتجه نحو التوجه الذي يسير في الاتجاه العكسي، أي نحو انتشار أكبر للأسلحة، والمزيد من الأدوات المتطورة لإشعال الحروب وقمع الحقوق\". \r\n \r\n وتقول الدراسة التي أعدتها منظمة أمنستي إنترناشيونال إن أكثر من 200 شاحنة عسكرية صينية –عادة ما تتوافق مع محركات كومينز ديزل الأمريكية– قد تم شحنها إلى الصومال في أغسطس الماضي، رغم وجود حظر أمريكي لبيع الأسلحة على كلا الدولتين، إضافة إلى تورط مركبات مشابهة في قتل واختطاف مدنيين في إقليم دارفور المضطرب سياسيا\". \r\n \r\n وتشير الدراسة، والتي صدرت بعنوان \"الصين: مساندة الصراع والإساءات لحقوق الإنسان\"، إلى الشحنات العسكرية المنتظمة التي تقدمها الصين إلى ميانمار، والتي كان من بينها تقديم 400 شاحنة عسكرية إلى الجيش البورمي في أغسطس 2005 رغم تورطه في التعذيب والقتل والترحيل القسري لمئات الآلاف من المدنيين. \r\n \r\n ويؤكد تقرير منظمة العفو أن صادرات الجيش الصيني إلى نيبال في 2005 وأوائل 2006، والتي كان من بينها صفقة لتقديم حوالي 25 ألف من البنادق صينية الصنع و18 ألفا من القنابل اليدوية إلى قوات الأمن النيبالية، جاءت أيضا في توقيت سيء، حيث تم تسليمها في وقت كانت \"نيبال متورطة فيه في عمليات القمح الوحشية لآلاف المتظاهرين المدنيين\". \r\n \r\n وتُعتبر الصين متورطة أيضا في تجارة محرمة في مسدسات نورينكو صينية الصنع في أستراليا وماليزيا وتايلاند، وبشكل خاص في جنوب إفريقيا؛ حيث تُستخدم هناك بشكل شائع في السرقة والاغتصاب وجرائم أخرى. \r\n \r\n ويشير التقرير أيضا إلى كيف أن الأسلحة الصينية قد ساعدت في مساندة الصراعات الوحشية والعنف الإجرامي والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في دول مثل السودان ونيبال وميانمار وجنوب إفريقيا. لكن التقرير يكشف أيضا احتمال تورط شركات أجنبية في تصنيع بعض هذه الأسلحة. \r\n \r\n \r\n وقالت هيوز، من منظمة العفو الدولية: \"إن الصين تصف طريقة تعاملها مع عملية ترخيص صادرات الأسلحة بأنها 'حذرة ومسئولة‘، رغم أن الواقع أبعد ما يكون عن الحقيقة\". \r\n \r\n وأضافت هيوز: \"يجب عليهم أن يقدموا قوانين وضوابط فعالو تحظر جميع عمليات نقل الأسلحة التي يمكن أن تُستخدم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو في خرق للقانون الإنساني الدولي\". \r\n \r\n وقالت هيوز إن منظمة العفو تطالب أيضا الصين بتقديم تقرير سنوي وإعلان جميع تراخيص صادرات الأسلحة وعمليات التسليم، وأن تساند وجود اتفاقية دولية خاصة بتجارة الأسلحة؛ بحيث تكون اتفاقية صارمة وشاملة وقابلة للتنفيذ. \r\n \r\n ومن جانبها تقول آن–لويس كولجان، مديرة تحليل السياسات والاتصالات في منظمة أفريكا أكشن في واشنطن، إن كلا من الصين وروسيا لازالتا تعارضان فرض عقوبات، وذلك بسبب مصالحهما الاقتصادية والسياسية. \r\n \r\n وأضافت: \"إن الصين هي المستثمر الأكبر والوحيد في صناعة النفط في السودان، كما أن روسيا لديها مصالح في الاستمرار في بيع الأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية لنظام الحكم في الخرطوم\". \r\n \r\n وقالت كولجان في حوارها مع آي بي إس إن الصين وروسيا لا ترغبان في معاداة حكومة السودان، كما لا ترغب أي منهما في تأسيس سابقة للتدخل الدولي (أو حتى لتحرك عقابي) بناء على بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان؛ وذلك بسبب قيام الدولتين بقمع الجماعات الإثنية لديهما. (آي بي إس / 2006)