\r\n \r\n فحسب بعض المسؤولين الاوروبيين, وبعض الاعضاء الحاليين والسابقين في الادارة, تبين للرئيس بوش انه لا يستطيع ان يأمل في تحقيق تماسك ائتلاف دول متباينة لفرض عقوبات - او التفكير في توجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية الايرانية - الا اذا ابدى الرغبة اولاً, للتفاوض المباشر مع القيادة الايرانية, حول برنامجها النووي, واستنفاد جميع الخيارات غير العسكرية. \r\n \r\n على ان عدداً قليلاً من معاونيه يتوقعون قبول الزعماء الايرانيين للشرط الرئيسي الذي يضعه الرئيس بوش, وهو ان تعيد ايران تعليق انشطتها النووية, بما فيها اغلاق جميع الطاردات المركزية التي قد تضيف الى مخزونها القليل من اليورانيوم المخصب. ووصف مسؤولون في الادارة عرضهم هذا, بأنه اختبار للايرانيين ان كانوا يريدون التباحث مع الغرب اكثر مما يريدون خيار انتاج قنبلة نووية في يوم ما. \r\n \r\n وفي حين عبر الاوروبيون واليابانيون عن بهجتهم من هذا التحول في موقف الرئيس بوش, تساءل بعض المشاركين في الدراما النووية الطويلة, ان كان هذا العرض يقصد له الفشل, وجرى تصميمه بغاية تبيان مدى العناد الايراني. \r\n \r\n وايا كانت الحال, وبعد خمس سنوات من العراك وراء الكواليس داخل الادارة, وجد الرئيس بوش نفسه امام تقاطع طرق, رأى فيه طرفا الحوار حول ايران - سواء اكانوا منخرطين فيه ام منعزلين عنه, بل وللبعض قدم في كل جانب - »جانباً ايجابياً من حيث التبيّن ان كان الايرانيون جادين«, كما قال احد كبار معاونيه. \r\n \r\n وحسب احد المشاركين في الحوار, ابلغ الرئيس بوش وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس, قبل عدة شهور, بأنه يريد »خياراً ثالثاً«, اي طريقاً اخر غير ايران نووية او عمل عسكري امريكي. \r\n \r\n وقد عكفت رايس على وضع اقتراح تضمن جدولاً زمنياً للنغم الدبلوماسي في الصيف, واستغرقها هذا العمل عطلة نهاية اسبوع طويلة في ايار. \r\n \r\n وقال هذا المشارك في الحوار, »لا احد يريد الوصول الى ذاك النوع من وضع الازمة, سواء اكان بالنسبة لنا ام بالنسبة للادارة القادمة, والمتمثل في ما يلي: اما القبول بالسلاح الايراني, واما ان تضطر الى القيام بعمل قاس عنيف« ونفى ان يكون هذا المشارك يتحدث رسمياً عن المداولات الداخلية للبيت الابيض. \r\n \r\n بالكاد يمكن اعتبار فكرة الحوار بالفكرة الجديدة. فلما كان كولن باول وزيراً للخارجية, حاول العديد من كبار موظفيه ان يثبتوا بقوة, بأن الولاياتالمتحدة بحاجة الى اختبار ان كانت ايران تريد فعلاً التعامل مع الولاياتالمتحدة, خاصة في اعقاب احداث 11 ايلول. ووفقاً لعدد من المسؤولين السابقين, كان نائب الرئيس ديك تشيني, احد المعارضين بشكل خاص لذلك في البيت الابيض. فقال احدهم, »كان تشيني عنيداً تماما في معارضته. وكانت النقطة المركزية في الحوار تتمحور حول فيما اذا كنّا نستطيع بذلك عزل ايران على نحو كاف, ويفرض نوعا من انواع التغيير في النظام«. لكن ثلاثة من المسؤولين, الذين شاركوا في آخر تأكيد على ذلك الحوار, قالوا ان تشيني وغيره قد تنحّوا جانبا, ولعلهم في ذلك قرأوا متن لغة الرئيس بوش, او لانهم يعتقدون بأن ايران ستجهض هذه المحاولة بتمسّكها بنصوص معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية, التي تعطيها الحق في انتاج الوقود النووي. اما الولاياتالمتحدة, فتصرّ على ان ايران تخّلت عن ذلك الحق بخداعها المفتشين على مدى 18 عاما. \r\n \r\n وفي النهاية, »تمّ التوصّل الى اقناع تشيني وغيره«, كما قال احد المسؤولين السابقين المتابعين للحوار عن كثب, »بأنه ان كان علينا مواجهة ايران, فينبغي اولا ان نفتح الصندوق« بتجريب المباحثات. \r\n \r\n وقدّم الرئيس بوش طرحاً اكثر مغزى ايجابيا حين قال: »اعتقد ان من الاهمية بمكان, بالنسبة للولايات المتحدة, بأن تتولى القيادة, الى جانب شركائنا, وهذا هو ما نراه امامنا. اننا نشهد نشاطا دبلوماسيا قويا«. \r\n \r\n كجزء من الجدول الزمني للجهد الدبلوماسي, ستذهب رايس الى فيينا للمصادقة على العرض الدولي لايران, الذي يتضمن عددا من المكافآت, منها عقد حوار مع واشنطن سعت اليه ايران بانتظام, ورفع العديد من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ زمن طويل, وحتى تقديم مفاعلات المياه الخفيفة اللازمة لانتاج الطاقة النووية, مع اشراف روسيا والغرب على الوصول الى الوقود المحقق. \r\n \r\n ومع كل هذا, يتراكم التشاؤم والتشكك, اذ يقول ريتشارد هاس, الذي كان احد المؤيدين الرئيسيين للتباحث مع ايران, عندما كان على رأس قسم عملية تخطيط السياسة في وزارة الخارجية خلال الولاية الاولى للرئيس بوش, »صحيح ان الظروف الآن مختلفة تماما عنها قبل اربع او خمس سنوات, لكنها بصراحة ليست مواتية كما يجب بالنسبة للولايات المتحدة«. \r\n \r\n فأولا, »تعهّد الرئيس الايراني الجديد, محمود احمدي نجاد, بألا تتراجع بلاده ابدا عن تخصيب اليورانيوم. وسعر برميل النفط الآن يساوي 70 دولارا بدلا من 20 دولارا. ونحن غارقون في المستنقع في العراق«, حيث تتعرض الولاياتالمتحدة لمحاولات ايران الرامية الى مفاقمة الوضع, واعمال العنف, وتسلّح رجال المقاومة. ويذكر هنا ان هاس يرأس حاليا »مجلس العلاقات الخارجية«. \r\n \r\n غير ان الحوار الداخلي في البيت الابيض اشتمل ايضا على نقاش قوي حول المخاطرالمترتبة على اي جهد تفاوضي مع اعداء يشكّ في انهم يسعون الى الحصول على سلاح نووي. وفي هذا بالذات, لدى الرئيس بوش تجربة مُرّة. \r\n \r\n ففي تعامل ادارة بوش مع كوريا الشمالية, التي وصفها بأنها احد اعضاء »محور الشرّ«, الى جانب ايران والعراق, قررّت الادارة كذلك محاولة التباحث المحدود معها قبل بضع سنوات, وبالتعاون الوثيق مع الدول المجاورة. غير ان كوريا الشمالية واصلت انتاج وقود الاسلحة, ولم يبقَ الحلفاء متحدين, اذ استمرت الصين وكوريا الجنوبية في مساعدة الشمال, وممّا لا شكّ فيه ان ايران لاحظت ذلك. \r\n \r\n والسؤال الآن هو فيما اذا كان يتوافر الان اي اساس وسط بين مطالبة الرئيس بوش بأن تتخلّى ايران عن كلّ شيء, وبين اصرار ايران على عدم التخلّي عن اي شيء. فمن دون اختراق هذا المأزق, ربّما لن يبدأ الحوار الأمريكي - الايراني ابدا. \r\n