\r\n ويعد هذا التدخل آخر حلقة في سلسلة عمليات التدخل التي قامت بها أستراليا في عدد من الدول الفاشلة بالمنطقة. وإذا كانت بعض الدول الآسيوية المجاورة تنظر إلى ذلك بغير قليل من الريبة والتوجس، فإن الدول المضطربة والصغيرة في جنوب المحيط الهادي كثيراً ما ترحب بالتدخل العسكري لبلد أصبحت تنظر إليه على أنه الأخ الأكبر المنقِذ. غير أن استعداد أستراليا للاضطلاع بهذا الدور، إضافة إلى التزاماتها المتزايدة في إطار الحرب على الإرهاب، ينهكان جيشها. \r\n وفي هذا الإطار، يقول \"نيل جيمس\"، رئيس جمعية الدفاع الأسترالية، وهي مؤسسة بحثية: \"الأمور جد متوترة في الوقت الراهن، وأسوأ سيناريو يمكن أن يحدث هو انهيار خطير للنظام والقانون في \"بابوا- غينيا الجديدة\". فالجيش الأسترالي ليس كبيراً إلى درجة تسمح له بترحيل جميع الأجانب بسلامة من هناك. كما أنه ليس قوياً إلى درجة تسمح له بإخماد اقتتال خطير\". \r\n والواقع أن الضغوط التي يتعرض لها الجيش الأسترالي –الذي يضم 52000 جندي دائم و20000 من الجنود الاحتياطيين- مافتئت تتعاظم وتتكاثر، ذلك أن أستراليا كانت من بين الدول الأولى التي التزمت بإرسال جنود للمشاركة في الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة على العراق، حيث يبلغ عدد قواتها هناك نحو 1400 جندي –وهو رقم صغير بالمعايير الأميركية أو البريطانية، ولكنه مهم سياسياً بالنسبة لكانبيرا. كما أرسلت أستراليا أيضاً 550 جندياً إلى أفغانستان. \r\n إضافة إلى ذلك، يوجد بجزر سليمان 400 جندي أسترالي أرسلوا إلى هناك إثر أعمال العنف التي أعقبت انتخابات الشهر الماضي، والتي وصف البعض نتائجها بالمزورة. حيث دفعت سنوات من الحرب الأهلية والصراعات العرقية جزر سليمان إلى طلب تدخل قوة لحفظ السلام بقيادة القوات الأسترالية في 2003. ويوم الأربعاء الماضي، أعلنت الحكومة الأسترالية أن أغلبية القوات المنتشرة هناك سيتم سحبها بعد انتهاء مهمتها، غير أن ثمة بؤراً ساخنة أخرى قد تتطلب المساعدة أيضاً. \r\n إذ تنظر كانبيرا بقلق متزايد إلى إقليم \"بوغنفيل\" الذي يتمتع بالاستقلال الذاتي في \"بابوا\"- غينيا الجديدة، حيث يخيم شبح عصيان مسلح. يذكر أن \"بابوا\"- غينيا الجديدة قبلت –وإن كانت تراجعت عن ذلك لاحقاً- المئات من أفراد الشرطة الأسترالية قصد محاربة الجريمة والفساد. كما تم إرسال قوات من البحرية الأسترالية الملكية إلى المياه الشمالية لمنع اللاجئين من إقليم \"بابوا\" الإندونيسي من الوصول إلى الأراضي الأسترالية بعد أن تسبب الموضوع مؤخراً في تدهور العلاقات مع جاكارتا. علاوة على ذلك، فقد تعهدت الحكومة بإرسال 240 جندياً آخرين إلى أفغانستان في يوليو المقبل كجزء من فريق إقليمي لإعادة الإعمار. \r\n وتأتي هذه الالتزامات في وقت يواجه فيه الجيش الأسترالي مشاكل تتعلق بالتجنيد. فإذا كان الحزبان الرئيسيان في أستراليا يتفقان على أن الجيش في حاجة إلى تجنيد 1500 جندي إضافي، فإن عشر سنوات من النمو الاقتصادي القوي وسلسلة من الفضائح التي عصفت بالمؤسسة العسكرية دفعا الشباب الأسترالي إلى العزوف عن الانضمام إلى صفوف الجيش. ومن جهة أخرى، يمكن القول إن تدخلات أستراليا العسكرية في الخارج إلى غاية اليوم كانت موفقة، حيث كانت تقوم بخفض قواتها في جزر سليمان قبل أن تندلع اضطرابات الشهر المنصرم. وفي العراق كان التزامها صغيراً إلى درجة أنها لم تتكبد حتى الآن أية خسائر في الأرواح. \r\n غير أن \"حزب العمال\" الأسترالي المعارض يتهم الحكومة بإدارة ظهرها لمنطقة جنوب المحيط الهادي مقابل مساهمة كبيرة في الحرب التي تتزعمها الولاياتالمتحدة على الإرهاب. وفي هذا الإطار، كتب المحلل \"غلين ميلن\" في صحيفة \"ذا أستراليان\" مؤخراً يقول \"يرى حزب العمل أن مصالحنا الوطنية الحقيقية في الحرب على الإرهاب توجد في ساحتنا الخلفية، في أماكن مثل تيمور الشرقية وجزر سليمان وفيجي وبابوا- غينيا الجديدة\"، مضيفاً \"ولكن إمكاناتنا الدفاعية تعاني من الإنهاك على نحو خطير\". \r\n غير أن الحكومة ترفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، وتشير في هذا السياق إلى سرعة رد فعلها تجاه أعمال الشغب التي اندلعت في \"هونيارا\" عاصمة جزر سليمان، والتي أثارتها الشكوك في أن يكون رئيس وزراء البلاد المنتخب حديثاً قد تلقى الدعم المالي من تايوان. \r\n وخلال الزيارة التي قام بها إلى الولاياتالمتحدة الأسبوع المنصرم، أخبر رئيس الوزراء الأسترالي جون هاورد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد عن \"قوس انعدام الاستقرار\" شمال أستراليا قائلاً \"إن منطقة المحيط الهادي هي ساحتنا الخلفية، ونحن بالتالي البلد الذي تقع على عاتقه المسؤولية الأولى في ما يخص السهر على الأوضاع الأمنية\". \r\n \r\n نيك سكوايرز \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في سيدني \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n \r\n