يقف المرء عند هذا الأمر ويتساءل عن دوافع وأسباب هذا الدعم الكبير حيث يجد الجواب عن تساؤله في البحث الذي تقدم به كل من مير شماير ووالت الذي يقول إن هناك ضغطاً كبيراً من اللوبي الصهيوني على الكونغرس بهدف عدم عرض ومناقشة سياسات أميركا في هذا المجال وإلى أن اللوبي الصهيوني يوجه من قبل الشؤون العامة الاسرائيلية الأميركية المسماة «آيباك» وجماعات الولاء اليهودي وشخصيات كبيرة في الواقع رئيسية في الإدارة الأميركية معظمهم من المحافظين الجدد في إدارة بوش وبعض الجهات الإعلامية وشخصيات انجيلية لها تأثيرها الكبير في السياسة الأميركية والتي تعتقد أن وجود اسرائيل كان بأمر من الله. \r\n \r\n أثارت هذه الدراسة جدلاً كبيراً وضجيجاً قوياً مما دفع اليوت كوهين «وهو استاذ الدراسات الدولية في جامعة هوبكيز المعروف بتأييده للسياسة الأميركية الداعمة لاسرائيل» للتصريح في صحيفة الواشنطن بوست بأن هذا البحث معاد للسامية ويضم أفكاراً عدوانية لا عقلانية عن اليهود. إلا أن هذا التهجم اللاذع الذي يناهض ويسفه أفكار ميرشماير ووالت لم يقدم لنا الأسباب الداعية للدعم اللا محدود الذي تقدمه الولاياتالمتحدة «لاسرائيل» والذي يثير العديد من التساؤلات في أوروبا والعالم. \r\n \r\n من الثابت والمؤكد وجود لوبي صهيوني في الولاياتالمتحدة يملي عليها ما يرغبه من سياسات تتعلق بالشرق الأوسط وتحقق المصالح الاسرائيلية فضلاَ عن وجود لوبيات أخرى ذات تأثير فعال في مجالات متعددة مثل لوبي بيع وحمل السلاح ولوبي المزارعين ولوبي تحرير كوبا من الشيوعية الذي يظهر جلياً في العداء المستحكم بين الإدارة الأميركية والحكومة الكوبية. \r\n \r\n إن لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية الأميركية والمجموعات المؤيدة لاسرائيل تعمل بكل نشاط وبإسلوب احترافي لتحقيق مصالحها والمصالح الاسرائيلية ويلاحظ أن الإدارات والقيادات الأميركية المتعاقبة تنحاز إلى اسرائيل وتؤيد سياساتها بشكل واضح وناجز خلافاً للتعاطي مع القضية الفلسطينية الذي يكتنفه الغموض والتردد. \r\n \r\n إن التعاطف الأميركي والتأييد اللامحدود للسياسات الاسرائيلية، والتأثير القوي للوبي اليهودي على الكونغرس أدى إلى تعرض الولاياتالمتحدة إلى خطرين كبيرين أولهما الكره والعداء الذي تكنه شعوب «الشرق الأوسط» للولايات المتحدة والناجم عن انحيازها «لاسرائيل »ورفضها ممارسة ضغوط حقيقية عليها لإيقاف توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وغيرها.لقد أصبح أي نقد يوجه إلى اسرائيل «في نظر تلك المجموعة» عداء للسامية يستوجب القصاص من أي مفكر يناهض التصرفات اللاأخلاقية التي تقوم بها اسرائيل، ومثال على ذلك قضية تشارلز بيرس عضو مجلس الشيوخ الذي مني بهزيمة في الانتخابات التي جرت عام 1984 حيث تجمع الآراء على أن تلك الهزيمة تم التخطيط لها من قبل اللوبي الصهيوني للثأر من مواقفه من اسرائيل والتي اعتبرت في نظرهم مناهضة للسامية، وآخرون اتهموا بالمعاداة إما لأنهم أشاروا للاحتلال الاسرائيلي أو لتوسيع المستوطنات، وذلك أصبح من المتعارف عليه في الكابيتول هيل إن أي تحد للسياسة الأميركية الاسرائيلية يضع المتحدي في خطر كبير. \r\n \r\n اما الأمر الآخر الذي يعرض الولاياتالمتحدة للخطر فهو محاكاة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي للحرب الأميركية على الإرهاب حيث جرى تشبيه ما تعرضت له الولاياتالمتحدة من هجمات في الحادي عشر من سبتمبر بالهجمات التي يتعرض لها الاسرائيليون. \r\n \r\n إن نظريه الإرهاب التي تبناها المحافظون الجدد والتي سوقها أرييل شارون «قبل وقت طويل من غزو العراق» تقوم على أن العالم ينقسم إلى قسمين الخير والشر فإما أن تكون معنا أو ضدنا «ذلك ما ردده بوش في خطاباته» لقد توحدت الاستراتيجية الاسرائيلية الأميركية فيما يخص «الشرق الأوسط» وقادت إلى نتائج كارثية حسب رأي ميرشماير ووالت، ومن غير المتوقع حدوث أي تغيير في تلك السياسة طالماً أنه يوجد لوبي صهيوني يسيطر على الوضع في الولاياتالمتحدة فضلاً عن المجموعات اليهودية التي تهيمن على الاقتصاد في أوروبا والسياسة الخارجية في أميركا والعالم، وقد بات معروفاً هذا الدور الصهيوني على مستوى العالم والذي سبق وأن عبر عنه إدوارد تيفنان بكتابه المعنون «اللوبي القوة السياسية الاسرائيلية والسياسة الخارجية الأميركية» وأشار به إلى أن الجماعات المؤيدة «لاسرائيل» قد أقفلت النقاش في مقر الكونغرس حول السياسة الأميركية تجاه اسرائيل ووضعت شتى العوائق أمام عملية السلام في الشرق الأوسط، وبذلك لم يلق هذا الكتاب الذي تم نشره عام 1987 أي آذن صاغية من قبل الجهات المسؤولة في الولاياتالمتحدة وعليه لن يكون مصير البحث المعد من قبل جون ميرشماير وسيفن والت أفضل حالاً مما جاء بكتاب تيفنان في ظل النفوذ الكبير اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة. \r\n