\r\n العديد من المنظمات اليهودية المستقلة، والجماعات المناصرة لليهود تحذو حذو الأحزاب السياسية وتفاخر بنجاحاتها، ويبقى غائباً أي طرح يتضمن أن يكون هؤلاء كاذبون، والسؤال الدقيق الباقي هو: ما التأثير الذي يملكونه على سياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية الخارجية؟ وإلى أي مدى كانوا مسئولين عن جرّ قدم الولاياتالمتحدة إلى مستنقع العراق؟ \r\n \r\n ليس لدينا أدنى فكرة عن الأجوبة، لأن صناعة السياسة الأميركية تبقى أمراً معقداً، وأهمها يبقى سري، فإلى أي حد يعمل حراس اللوبي اليهودي على دفع صناع القرار في أميركا إلى طريق أراد هؤلاء أن يسلكونه مسبقاً؟ \r\n \r\n إن ما يهم بالفعل هو إمكانية أن يكون الدعم لإسرائيل نافعاً للمصالح الأميركية، ولنفرض أنه كذلك، فبأي عرف –نحن الأميركيين- نهتم لأمر اللوبي الداعم لإسرائيل؟ وإذا لم يكن نافعاً، فإن اللوبي هو طرف سيء بعض النظر عن دوره في الحرب على العراق . \r\n \r\n لاشك أن همّ الولاياتالمتحدة في المنطقة هو نفطها، إذاً كيف بإمكاننا أن نخدم هذه المصلحة عبر التقرب من الدولة الوحيدة في المنطقة كلها، والمتميزة بموضع الرفض والكراهية من قبل الدول المصدرة للنفط؟ \r\n \r\n يقول بعض النقاد الصحفيين أن إسرائيل تلعب دوراً مهما في السيطرة على نفط المنطقة، ويقترحون أن مصلحة شركات النفط الكبرى تكمن في إجراء هذه التدابير، ولكن السؤال هو كيف يمكن لإسرائيل أن تسيطر على النفط؟؟ \r\n \r\n يتوجب على إسرائيل أن تقتحم سوريا أو لبنان أو حتى الأردن كي تصل إلى منطقة قريبة من النفط ، وهذا الأمر سيسبب معضلة حارقة عبر تدمير كميات كبيرة من المناطق الهامة لاستخراج النفط، بالإضافة إلى أن الولاياتالمتحدة ليست بحاجة إسرائيل حتى تسيطر على النفط، إذ بإمكانها احتلال أي حقل في الشرق الأوسط والاستيلاء عليه كلياً من دون مساعدة إسرائيل. \r\n \r\n أما عن سبب الدعم الأميركي لإسرائيل فإنني أختلف مع (والت و ميرشيمر)، قد يكون تأثير اللوبي الصهيوني هو السبب المنطقي، ولكن ليس بالضرورة أن يكون السبب الصحيح، إذ انه ليس من عادة الأمم أن تحتكم إلى المنطق. \r\n \r\n إن التحالف الإسرائيلي الأميركي هو نتيجة لسياسة الحرب الباردة في الخمسينيات. لقد وقفت الولاياتالمتحدة مع مصر ضد فرنسا وبريطانيا وإسرائيل في عام 1956 ولكن عندما بدأ عبد الناصر بشراء الأسلحة من الجبهة السوفييتية انقلبت كل الموازين. نتيجةً لرعب الولاياتالمتحدة من فكرة شرق أوسطٍ شيوعي شعرت بالحاجة إلى حليف يشكل منصة عملياتٍ لتخويف الدول المتوقع انقلابها إلى المعسكر السوفييتي: سوريا ومصر، فكلما ازدادت القوة العسكرية لإسرائيل كلما ازدادت قيمتها وفعاليتها كحليف للولايات المتحدة. \r\n \r\n مع نهاية الحرب الباردة انتهى سبب هذا التحالف ولكن التحالف نفسه ظل باقياً. لدى معظم الأمم كمٌ كبيرٌ من التقصير تجاه التخلص من المعتقدات، ولا يمكن استثناء الولاياتالمتحدة من هذا المفهوم. تماماً كما العقود التي مرت على الأوروبيين قبل أن يتجاوزوا ارتباطهم العاطفي مع الولاياتالمتحدة التي خلصتهم من هتلر، عقودٌ أخرى ستحتاجها الولاياتالمتحدة قبل أن تتجاوز ارتباطها العاطفي مع إسرائيل ، حليفها الصادق في الصراع ضد الشيوعية . \r\n \r\n قد يكون (والت و ميرشيمر) مصيبين وأكون أنا مخطئاً، ولكن الأمر المهم الوحيد الباقي، وهو انعدام السبب الداعي للولايات المتحدة كي تكون داعماً أساسياً لإسرائيل، لا بل توافر السبب المعاكس. تخيل لو أن الولاياتالمتحدة توقف دعمها لإسرائيل وتستهل دعماً معتدلاً للفلسطينيين، ما الذي يمكن أن يحصل؟ \r\n \r\n سيقف المسلمون إلى جانب الولاياتالمتحدة، وستصبح الحرب على الإرهاب قطعةً من الماضي و سترتفع مصداقية الولاياتالمتحدة في السماء الشرق أوسطية كما أنها ستوفر على نفسها مخصصات حرب باهظة. إن هذه الأسباب تبدو أكثر أهمية من الأوهام التي يدعيها يهود المحافظين الجدد. \r\n \r\n البروفسور جوزيف مسعد في (\"ملامة اللوبي\"،23-29 آذار 2006) يبرز قضية هامة ألا وهي أن تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأميركية أصبح أمرا مبالغ به ، من جهة أخرى إن تفسيره لسبب دعم الولاياتالمتحدة للوبي اليهودي يبدو أقل نجاحاً كما أنه يروج تفسيراً قد يكون مؤذي من الناحية الفلسطينية. \r\n \r\n يقول البروفسور مسعد:\"إن سبب معادة العالم العربي للولايات المتحدة هو مماثل لأسباب بقية الدول، ومتمثل في انتهاج الولاياتالمتحدة سياسات معادية لمصالح معظم الشعوب في هذه المناطق وملاقية لمصالحها الخاصة ولمصالح الأنظمة القليلة التي تعمل على خدمتها ومن ضمن هذه الأنظمة: إسرائيل\". \r\n \r\n ما قد يقوله المرء عن هكذا تفسيرات يأتي مطابقاً لما يقوله السيد مسعد في لوم اللوبي الإسرائيلي \"...إن مشكلة معظمهم تكمن في ما لا يقولونه \". ما هي تلك السياسات ولماذا تقوم الولاياتالمتحدة باتباعها، يقترب مسعد من ملاحظة أخرى له ليقول: \" لقد حافظت الولاياتالمتحدة على سياسة ثابتة منذ الحرب العالمية الثانية، وتقضي هذه السياسة محاربة أنظمة العالم الثالث التي تصر على التحكم بمصادرها الطبيعية، أياً كانت هذه المصادر، أرضاً أو نفطاً أو أية معادن قيمة، امتدت هذه السياسة من إيران عام 1953 إلى غواتيمالا عام 1954 وإلى أميركا اللاتينية كلها وصولاً إلى فنزويلا في الوقت الحاضر.\" \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n (الكاتب: مايكل نيومان أستاذ فلسفة في إحدى جامعات كندا، ومقالته هذه مأخوذة من كتابه الجديد: القضية ضد إسرائيل.) \r\n