\r\n \r\n فالاقتصاد في سنغافورة يواجه خطرا ديموغرافيا يتمثل في تقلص عدد السكان البالغ 4 ملايين نسمة وذلك بسبب الانخفاض الشديد في معدلات الخصوبة. فالمعروف أن الزوجين السنغافوريين يعملان بجد وكد وليس لديهما سوى عدد محدود للغاية من الأطفال كما انهما مشغولان في الوقت نفسه بالعناية بالوالدين الكبيرين في السن. وبحلول عام 2050 من المتوقع ان يزيد المتوسط العمري في سنغافورة على 52 عاما ، وهو واحد من أكبر المعدلات في العالم. \r\n \r\n وفي إطار المحاولات التي تبذلها سنغافورة لحل مشكلتها في استيراد الأيدي العاملة من الخارج أصبح هؤلاء العاملون الوافدون يمثلون ثلث إجمالي الأيدي العاملة. وهناك واحد من كل سبعة منازل تعمل به خادمات يحصلن على رواتب منخفضة ومعظمهن من إندونيسيا أو الفلبين المجاورتين. \r\n \r\n وتجتهد سنغافورة في تقديم المغريات للأشخاص من ذوي المهارات المتميزة من المهاجرين كي يقيموا بشكل دائم هناك فيما يقع العمال الذين يقومون بالأشغال العادية وعاملات غسل الملابس في تصنيف مستقل للعامل الضيف المؤقت حيث تكون الفرصة المتاحة امامهم للاستمرار في العمل لفترة طويلة محدودة للغاية. فإذا ما وجد ان إحدى العاملات قد اصبحت حاملا تجري إعادتها إلى بلدها خلال سبعة ايام ، كما ان أصحاب الأعمال يلتزمون بتسديد تأمين لضمان عدم مخالفة الخادمين للوائح الإقامة وتجاوز الفترة المسموح لهم بقضائها وهو ما يجعل أصحاب الأعمال يقومون بدور شرطة الهجرة. \r\n \r\n وقد بلغت حدة المشاكل والانتهاكات التي تتعرض لها الخادمات في المنازل إلى الحد الذي أثارت فيه تقارير لجنة حقوق الإنسان في ديسمبر الماضي . \r\n وربما يمثل اعتماد سنغافورة على استقدام ايد عاملة من الخارج أقصى درجاته مقارنة بدول العالم الأخرى ، فالسوق العالمي يتأثر في المقام الأول بعامل الأيدي العاملة مثله مثل رأس المال والمنتجات. \r\n \r\n والملاحظ أن حركة الأشخاص عبر حدود الدول بحثا عن فرص أفضل للعمل خلال السنوات الأخيرة - وغالبها من الدول النامية إلى الدول المتقدمة - تأخذ منحنى تصاعديا قياسيا. فقد تزايدت أعداد العاملين ووصل إلى حد انه ما بين عامي 1980 إلى 2000 قفز العدد من 48 مليونا إلى 110 ملايين ما يعني اكثر من الضعف. وأصبح العاملون المهاجرون يمثلون نسبة 12% من القوى العاملة في البلدان ذات الدخل المرتفع. وهناك 4 ملايين مهاجر ينتقلون عبر حدود الدول كل عام بطرق غير شرعية. \r\n \r\n ومن العوامل التي تحمل أكبر الأثر على حركة تنقل الأيدي العاملة الكوارث الديموغرافية ومعدلات النمو السكاني في الدول المتقدمة ، فجميع هذه الدول تقريبا تنخفض معدلات الخصوبة بها دون 2.1% وهذه النسبة المنخفضة تعني تقلص أعداد الايدي العاملة وزيادة نسبة كبار السن. وبدون الهجرة - كما تشير الدراسات - لانخفض أعداد السكان في دول أوروبا ب 4.4 مليون من 1995 إلى 2000 . وخلال هذه الفترة كان أعداد المهاجرين يمثلون 75 % من الزيادة في اعداد السكان في الولاياتالمتحدة. \r\n والواقع أنه لا يمكن وقف حركة تنقل الأشخاص سواء عن طريق الحواجز أو قوات حراسة الحدود ، فهي مسألة تتطلب تعاونا دوليا لمجابهتها . \r\n وكانت لجنة عالمية خاصة بالهجرة الدولية قد تشكلت عام 2003 بقرار من أمين عام الأممالمتحدة واتخذت خطوات اولية حيال القضية. وقد دعا تقريرها الذي نشر في الشتاء الماضي الى دعم برامج العامل الضيف. \r\n \r\n \r\n وإحدى المشاكل التي تواجه هذه البرامج ان العامل الضيف لا يغادر البلد المضيف ، وأهم ما يثير القلق لدي أنا شخصيا هو ان تلك البرامج تفرز طبقة دنيا من المهاجرين لا يندمجون مطلقا في المجتمع كما هو الحال في ألمانيا ، وهو ما قد يكون مشجعا على نهج الاساليب التي تطبقها سنغافورة وآليات تعاملها مع المهاجرين. \r\n \r\n وفي الولاياتالمتحدة تأتي مثل تلك البرامج كدعوة إلى اصحاب الاعمال لتقليص أجور العمال الاميركيين ولا يقتصر ذلك على الوظائف الدنيا التي يفترض أنه من الصعب الوفاء بمتطلباتها من الأيدي العاملة. \r\n وتفخر الولاياتالمتحدة - وهي محقة في ذلك - بتقاليدها التي دأبت على معاملة جميع المهاجرين على أنهم مواطنون ولكن أليس الأفضل من برنامج العامل الضيف وبما يتماشى مع النهج الأميركي أن يتم وضع نسب هجرة على أسس واقعية وأن يتم تطبيقها بطريقة حاسمة وعادلة ؟ \r\n \r\n * كاتب عمود في الشئون الخارجية لصحيفة سان خوس ميركري نيوز \r\n خدمة كيه ار تي خاص ب(الوطن) \r\n