غير أن تقريرين صدرا حديثا يعتمدان على وثائق وزارة الدفاع نفسها قد توصلا إلى نتائج تختلف اختلافا دراماتيكيا عن نتائج رامسفيلد. ووسط ملايين الكلمات التي كتبها صحفيون عن خليج جوانتانامو خلال السنوات القليلة الماضية، أغفلت الصحافة السائدة هذين التقريرين إلى حد بعيد. \r\n \r\n وقد توصل أحد هذين التقريرين –والذي أعده فريق بقيادة مارك دينبو أستاذ القانون بجامعة سيتون هول بولاية نيوجيرسي والمحامي عن اثنين من المحتجزين بجوانتانامو– توصل إلى أن أكثر من نصف المشتبه بكونهم إرهابيين لم يتم اتهامهم بارتكاب أعمال عدائية ضد الولاياتالمتحدة أو ضد حلفائها. \r\n \r\n حيث يقول التقرير الذي تم تجميعه من تقييمات وزارة الدفاع التي رُفعت عنها السرية إن ثمانية بالمائة فقط من المحتجزين تم تسجيلهم باعتبارهم مقاتلين تابعين لجماعة إرهابية، بينما اعتُبر 30 بالمائة منهم أعضاء في جماعة إرهابية، أما ال60 بالمائة المتبقون فهم \"مرتبطين\" فقط بإرهابيين. \r\n \r\n وقد تم استكمال هذه التقييمات كجزء من لجنة إعادة النظر بحالة المقاتلين التي أجريت خلال عام 2004 لتحديد ما إذا كان المسجونون محتجزين باعتبارهم مقاتلين أعداء بشكل صحيح أم لا. وحتى الآن لم يتم توجيه تهم الجرائم رسميا إلا ضد عشرة فقط من بين المحتجزين، حيث سيتوجهون إلى المحاكم العسكرية. \r\n \r\n ووفقا للتقرير فإن 55 بالمائة من المحتجزين متهمون بشكل غير رسمي بارتكاب عمل عدائي، لكن وصف وزارة الدفاع لجرائمهم يتراوح بين عضو بارز في حركة طالبان عذب وقتل مواطنين أفغان، إلى أشخاص امتلكوا بنادق أو استخدموا منزلا للضيوف، أو ارتدوا ملابس عسكرية. \r\n \r\n وقد كشف التقرير أيضا أن حوالي ثلث المعتقلين كانوا مرتبطين بالقاعدة، وأن 22 بالمائة كانوا مرتبطين بحركة طالبان، و28 بالمائة ارتبطوا بالاثنين، و7 بالمائة بأحدهما دون تحديد. \r\n \r\n وقد قدمت لوليتا بالدور، من وكالة أسوشيتد برس، مقالا حول التقرير في 7 فبراير، لكن عددا قليلا من الصحف الأمريكية هي التي قامت بنشر المقال. \r\n \r\n وقد كانت وثائق وزارة الدفاع الأمريكية، والمتاحة للجمهور، نسخا مرفوع عنها السرية للتقييمات التي تحتوي على معلومات إضافية حول كل معتقل. ولم يكن يتم الإعلان عن هذه التفاصيل الإضافية. ولم يكن لدى البنتاجون أي تعليق بشأن التقرير لوكالة أسوشيتد برس، والتي قامت بتقديم دعوى قضائية تسعى إلى الإذن بنشر النسخ السرية من الوثائق. \r\n \r\n وأضاف دينابوكس في التقرير: \"لقد قامت الحكومة باحتجاز هؤلاء الأفراد لأكثر من أربع سنوات، دون محاكمة أو جلسات، كما قامت بتقييد حرية الوصول إلى كل معتقل خلال هذا الوقت\". \r\n \r\n وكان الجيش قد أطلق سراح 180 شخصا من بين حوالي 760 سجين تم جلبهم إلى جوانتانامو منذ عام 2002، كما قام بنقل 76 إلى السجن في بلاد أخرى. \r\n \r\n وقد كان التقرير الثاني، والذي كتبه كورين هيجلاند لمجلة ناشيونال جورنال، مبنيا على نظرة عامة قامت بإجرائها المجلة على ملفات خاصة ب132 سجينا طلبوا المساعدة من المحاكم، إضافة إلى قراءة شاملة لنسخ من لجنة إعادة النظر بحالة المقاتلين التي تمت في جوانتانامو مع 314 سجين. \r\n \r\n وكان الحكم النهائي للّجْنة هو أن: معظم \"المقاتلين الأعداء\" المعتقلين في جوانتانامو –لمدة أربع سنوات حتى الآن– هم ببساطة ليسوا \"الأسوأ على الإطلاق\" في عالم الإرهاب. \r\n \r\n وأضافت اللجنة: \"إن بعض الأشخاص، وربما معظمهم، مذنبون فقط بسبب وجودهم كأجانب في أفغانستان أو باكستان في الوقت الخطأ. ومعظم الأدلة –حتى الأدلة السرية– التي جمعتها وزارة الدفاع ضد هؤلاء الرجال هي أدلة واهية، تم نقلها عبر مصادر غير أصلية، ومن خلال وسيطين أو ثلاثة أو أربعة أو اثني عشر وسيطا. إنها مبنية بشكل كبير على اعترافات للمعتقلين أنفسهم أو بناء على استجوابات قسرية أو ما أسوأ من ذلك، أو على استجوابات جرت مع زملائهم المعتقلين، والذين ثبت كذب بعضهم\". \r\n \r\n وقد أفادت ناشيونال جورنال أنه: \"على الرغم من الوصف الذي قدمه رامسفيلد إلا أن أغلب هؤلاء لم يتم اعتقالهم على يد الجنود الأمريكيين في ساحة المعركة؛ فقد جاءوا إلى مقر الحجز الأمريكي عن طريق طرف ثالث، وغالبا من باكستان، حيث تم القبض على بعضهم بعد غارات مستهدفة هناك، بينما تم إلقاء القبض على معظمهم بعد نشر شبكة لاصطياد العرب بعد الحادي عشر من سبتمبر\". \r\n \r\n وأضاف: \"إن معظم الأدلة ضد المعتقلين ضعيفة؛ فقد وجه أحد المعتقلين، على سبيل المثال، اتهامات إلى 60 من زملائه في جوانتانامو، وهو ما يبلغ أكثر من 10 بالمائة من إجمالي نزلاء معتقل جوانتانامو\". \r\n \r\n وعلى الجانب الآخر قال الرئيس جورج بوش إن هؤلاء الذين يرتدون الزي البرتقالي إرهابيون، لكن وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، حسب المجلة، لم تر الأمر بهذه الطريقة. \r\n \r\n حيث قالت المجلة: \"بحلول خريف عام 2002 كان من المعروف في دوائر سي آي إيه أن أقل من 10 بالمائة من معتقلي جوانتانامو كانوا إرهابيين مؤثرين وذوي قيمة عالية، وذلك بحسب مايكل شوير الذي رأس وحدة بن لادن خلال عام 1999 واستقال في 2004\". \r\n \r\n وحتى عندما كانت سي آي إيه تقرر أن معظم السجناء في جوانتانامو ليس لديهم الكثير كي يقولوه كان المسئولون في البنتاجون يشعرون بالإحباط بسبب قلة ما كان المعتقون يقولونه؛ ولهذا فقد زادوا، حسب المجلة، من الضغوط، وأعطوا المحققين المزيد من الحرية. \r\n \r\n وبحسب تقرير لوزارة الدفاع تم تسريبه إلى صحيفة نيويورك تايمز فإن الظروف داخل جوانتانامو كانت سيئة للغاية بحلول يونيو 2004، حتى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي المنظمة المدنية الوحيدة التي سُمح لها بمقابلة المعتقلين، قد أرسلت تقريرا سريا غاضبا إلى البيت الأبيض تتهم فيه النظام بأكمله في خليج جوانتانامو بكوبا بأنه \"عازم على تحطيم إرادة المعتقلين في جوانتانامو\"، وذلك بجعلهم \"معتمدين بشكل كامل على المحققين معهم\"، من خلال \"أفعال مهينة، وحبس انفرادي، وتعريضهم لدرجات قصوى من الحرارة والبرودة، واستخدام وضعيات إجبارية\". \r\n \r\n وقد قال التقرير إن العمليات \"مساوية للتعذيب\". وفي غضون هذا كان مسئولو البنتاجون يشيدون ب\"بعملية الاعتقال الآمنة والإنسانية والاحترافية في جوانتانامو التي تقدم معلومات قيمة في الحرب على الإرهاب\". وفي نفس الوقت كان أعضاء من الكونجرس يبالغون في الثناء على أسلوب الطبخ الممتاز في السجن. \r\n \r\n وفي حوار مع آي بي إس قال جابور رونا، المدير القانوني الدولي لمنظمة هيومان رايتس فرست: \"إذا كان معظم هؤلاء الأشخاص ليسوا من القاعدة، أي أنهم مدنيون بنكهة الفانيلا أو مجرد جنود مشاة تابعون لحركة طالبان، فإن هذا يكذب ما تردد كثيرا من أن الإدارة قد قالت عند محاولتها الدفاع عن نفسها ضد الادعاءات بالإساءة في جوانتانامو بأن الإرهابيين مدربين على تقديم مزاعم زائفة بالإساءة\". \r\n \r\n وقال رونا إن هذا يذكره بقصة يراها رمزية للعملية القانونية في جوانتانامو، \"والقصة تدور حول شخص أقر بعد الاستجواب القاسي بأنه يعرف أسامة، 'نعم، أعرفه، لقد رأيته على الجزيرة‘؛ وعلى هذا الأساس تم إبلاغ لجنة إعادة النظر بحالة المقاتلين بأن 'الشخص يقر بمعرفة بن لادن‘؛ وحسب هذه المعلومة صدر القرار بأنه أحد 'المقاتلين الأعداء‘.\" \r\n \r\n وقد لقيت بعض التقارير المشككة في روايات إدارة بوش الخاصة بالظروف في جوانتانامو تغطية واسعة في الصحافة الأمريكية. \r\n \r\n وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشيونال) قد تسببت في عاصفة إعلامية بسبب تقرير شبهت فيه معتقل جوانتانامو بمعسكرات الاعتقال الروسية. كما لقي التقرير الأخير الصادر عن محققين من مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان تغطية واسعة، حيث أوصى التقرير بإغلاق معتقل جوانتانامو.