ويحسب بوش، المريض بالارتياب، أن الجدار قادر على ردع المهاجرين السريين المتدفقين على بلاده، واصطياد الارهابيين المحتملين. والحق أن رد رئيسنا على الموضوع جيد. فهو قام، أخيراً، بالابتعاد من نظيره الأميركي. وكان فوكس يمتدحه منذ وصوله الى سدة الرئاسة عام 2000، أو هذا ما أراد حملنا على فهمه وقبوله. \r\n وتعامل فوكس مع المسألة يظهر ان «حكومة التغيير» (شعار حملة الرئيس في الانتخابات الرئاسية) تكتفي برد فعل على الأمر الواقع، ولا تتجاوزه الى تبني سياسة فعالة للدولة، أو رسم استراتيجيات واضحة في العلاقات الدولية والدفاع عن المكسيكيين المقيمين والعاملين في الولاياتالمتحدة. وعلى رغم الموقف الجيد، نعجب لماذا انتظر فوكس تصديق مجلس النواب على قانون حماية الحدود ومكافحة الإرهاب ومراقبة الهجرة السرية، ليعلن معارضته. فمشروع بوش معروف منذ أسابيع. وبوش نفسه مشهور بخوفه من المهاجرين السريين واحتقاره لهم. وقد يجيب فوكس انه جرى التداول في هذا الموضوع في كواليس الحكم المرموقة. \r\n إلا أن موضوعاً مثل هذا ينتهك كرامة الانسان، ويبعث المهاجرين على اللجوء الى الحلول الأشد عسراً (كي ينتقلوا الى الضفة الأخرى)، وينذرهم للموت، لا يتصور المرء أن يُطرح سراً، ومن غير استشارة البلد المعني به، أي المكسيك. فلا يمكن حكومة فوكس الادعاء انها أخذت بالمشروع على غفلة. فهي كانت على دراية بنيات بوش ولم تفعل شيئاً. \r\n وكان ينبغي المبادرة الى الضغط للحؤول دون تطوير المشروع أصلاً. وتعرض التعديل (HR 4437) لانتقادات كثيرة وجهتها اليه الصحف النافذة في الولاياتالمتحدة. وعندما نرى الحكومة المكسيكية وهي تنتظر الاقتراب من حافة الهاوية، نستنتج ان الاستنكار العام لم يكن كافياً. فهل الخوف أو نقص الخبرة (أو كلاهما) حالا دون مبادرة فوكس الى موقف حاسم، وفرض اتفاق منصف، بما هو شريك وليس ممثل مستعمرة خاضعاً لنزوات الامبراطورية ورئيسها المصاب بجنون الارتياب؟ ويعد بوش بتسوية، ولكن حمل أقوال كاذب محنك على محمل الجد، غير مأمون. ولا يمكن الصفح عن حياد حكومتنا عندما يتعلّق الأمر بحياة الآلاف من مواطنينا الذين يشدّون رحالهم كل عام وراء الحلم الأميركي.