وجاء في الخبر الذي أوردته الصحيفة أنه يحق لوكالة الأمن القومي، بموجب قانون ،1978 مراقبة أي شخص تشتبه في علاقته بالتجسس أو الإرهاب، ولكنها مطالبة في كل مرة تريد القيام فيها بذلك بالتوجه إلى محكمة خاصة والحصول على موافقة القاضي. وتتابع الصحيفة قائلة إنه منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وافق الرئيس بوش على مراقبة الأميركيين لأكثر من ثلاثين مرة من دون الحصول على إذن من تلك المحكمة. \r\n وضمن تداعيات نشر الخبر، سارع عدد من الزعماء في الحزب الديمقراطي المعارض، ومنتقدو الرئيس بوش، إلى اتهامه بخرق القانون لأنه انتهك حق الخصوصية المنصوص عليه في الدستور الأميركي. واعتبر منتقدو الرئيس قراره بالتنصت على مراسلات المواطنين الأميركيين بدون إذن قضائي شططاً في استعمال السلطة، وخرقا للدستور الذي يضمن ''حق الشعب في أن يكون آمنا... من التفتيش والحجز من دون مسوغ قانوني''، متهمينه بالوقوف فوق القانون وبعدم احترام قوانين الديمقراطية، بل إن منهم من ذهب إلى حد اعتبار ما فعله سبباً كافيا لمقاضاته وعزله من منصب الرئيس. \r\n في البداية رفض الرئيس بوش رفضاً قاطعا التعليق على هذا الموضوع، على اعتبار أنه سري وحساس، مكتفيا بالقول إنه غير سعيد لنشر صحيفة ''نيويورك تايمز'' الخبر، لأنها بقيامها بذلك قد تسببت في إضعاف الحرب على الإرهاب، ومنحت العدو معلومات كان يجب ألا يحصل عليها. وفي ردهم على هذه الاتهامات، أوضح مسؤولو صحيفة ''نيويورك تايمز'' أنهم حصلوا في واقع الأمر على المعلومات التي وردت في الخبر منذ سنة، لكنهم اختاروا ألا ينشروها حينها نزولا عند طلب الحكومة ولأسباب أمنية، وهو الأمر الذي جعل بعض الجهات توجه سهام انتقاداتها إلى الصحيفة لأنها تأخرت في نشر الخبر، الذي ساهم في تضرر صورة الرئيس بوش كثيراً لدى الرأي العام الأميركي. واعتبرت أنه لو تم نشر الخبر السنة الماضية، لكان الشعب الأميركي عبر عن سخطه وغضبه مما فعله الرئيس، ولربما لم يكون ليصوت عليه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر .2004 والواقع أن العديد من الناس متفقون مع الديمقراطيين في الكونغرس والذين يرون أنه على الرئيس أن يقدم تفسيرا مقنعا للموضوع. \r\n وتحت ضغط الانتقادات المتزايدة لما قام به الرئيس، التقى وزير العدل ألبيرتو غونزاليس، الذي يشغل أعلى رتبة في السلطة القضائية في الفرع التنفيذي من الحكومة الأميركية، بوسائل الإعلام، وصرح بأن جميع المراسلات التي تمت مراقبتها سراً جرت بين مواطنين أميركيين وأشخاص خارج الولاياتالمتحدة، وبأن أحد الأطراف يشتبه في انتمائه ل''القاعدة''. وإذا كان غونزاليس قد أقر بوجود حالات لم يكن الرئيس يحصل فيها على إذن قضائي، فإنه زعم بالمقابل أن هذه الحالات كانت تقتضي اتخاذ القرارات بسرعة فائقة لم تكن تسمح بمراجعة المحكمة أولا. وعلاوة على ذلك، اعتبر غونزاليس أن اتخاذ قرار ما بدون مراجعة المحكمة أمر ينسجم مع القانون، لأنه منصوص عليه في القانون الذي صادق عليه الكونغرس غداة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهو القانون الذي يسمح للرئيس باستعمال ''كافة الوسائل الضرورية'' لمحاربة الإرهاب. \r\n وردا على سؤال كيف يمكن الاستناد إلى القانون الذي سنه الكونغرس، والذي ينص على استعمال ''كافة الوسائل الضرورية''، في هذه الحالة في حين أنه لم ينص على المراقبة السرية صراحة، أجاب غونزاليس بأن القانون المذكور منح الرئيس بوش سلطات واسعة وبأنه (القانون) ليس في حاجة إلى التفصيل والإشارة الحرفية إلى المراقبة السرية. وللتدليل على كلامه، ساق مثال المواطن الأميركي حمدي الذي تم القبض عليه في أفغانستان بصفته ''مقاتلا عدوا''، والذي حكمت المحكمة العليا الأميركية باعتقاله استنادا إلى تفسيرها للقانون نفسه، بالرغم من أن القانون المذكور لم يشر حرفياً إلى كلمة ''اعتقال''، ولأن الاعتقال يندرج في إطار الصلاحيات المخولة للرئيس في أوقات الحرب. وأضاف غونزاليس أن المحكمة العليا ستتبع نفس المنطق لتصل في نهاية المطاف إلى استنتاج أن الرئيس يتمتع بصلاحية التنصت على المكالمات الهاتفية للأميركيين في إطار ما هو مخول له من صلاحيات. \r\n بيد أن معارضي الرئيس لم يقتنعوا بالحجج التي قدمها غونزاليس واعتبروها واهية، ورأوا أن الرئيس بوش استعمل سلطات لم تمنح له، وبأنه انتهك الحريات المدنية. وطالب أعضاء الكونغرس بوش بالعدول عن سياسة المراقبة السرية، أو على الأقل تقديم تفسيرات مقنعة. ولكن سرعان ما تناقلت وسائل الإعلام تفاصيل أكثر عن عمليات المراقبة السرية، ما حدا بالكونغرس إلى التعهد بتكثيف تحقيقاته في الموضوع. \r\n إن الحدة التي تميز النقاش السياسي الدائر حالياً بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه حول هذا الموضوع تعزى إلى كون الرأي العام الأميركي أضحى منقسما بشأن الطريقة التي يدير بها بوش الموضوع العراقي وموضوعات أخرى. وفي هذا السياق، تعكس استطلاعات الرأي عدم رضا الأميركيين عن بوش بخصوص جميع القضايا تقريبا، باستثناء حربه على الإرهاب. \r\n وكان من نتائج ذلك أن أعلن المدافعون عن الرئيس في الأسابيع الأخيرة أن خوض تلك ''الحرب'' يقتضي أن يتخذ الرئيس إجراءات استثنائية كاعتقال المتهمين من دون توجيه تهم إليهم، ومعاملة المعتقلين بطرق يعتبرها البعض تعذيبا. كل هذه الإجراءات أثارت جدلاً حاداً في أميركا، أسفر عن خسارة بوش جولة أمام الكونغرس بخصوص موضوع التعذيب. \r\n أما الخبر الجديد حول التنصت على مكالمات الأميركيين والتجسس على مراسلاتهم، فقد أدى إلى ارتفاع حدة النقاش والجدل بشأن صلاحيات الرئيس، والأيام القليلة القادمة وحدها كفيلة بالكشف عما إن كان سيخسر هذه الجولة أيضا. \r\n