\r\n تتعامل إدارة الرئيس بوش مع الموقف العراقي بشكل لا يختلف كثيرا عما كان في فيتنام ولا يختلف ما تواجهه تلك الإدارة عن ما كانت تواجهه الحكومة الأميركية إبان حرب فيتنام. وعند حدوث أي نقطة تحول في العراق مثل سقوط صدام أو تشكيل الحكومة المؤقتة أو مسودة الدستور التي تم التصويت عليها مؤخرا, نجد الإدارة الأميركية تؤكد أن هذا التطور السياسي العسكري سيؤدي إلى تقليص العنف والتقدم أكثر نحو الديموقراطية إضافة إلى تحرك أسرع نحو تقليل القوات الأميركية المتواجدة بالعراق.\r\n وعند وضع مقارنة بما نحمله من خبرات سابقة حرب فيتنام مثلا وما يقال عن العراق نجد الواقع عكس ما يتردد من عبارات, فالعنف في ازدياد والتوتر وعدم الأمان هو نتاج كل الأحداث في العراق, فلا يوجد ضوء في نهاية النفق فحسب بل لا يوجد النفق من الأساس. \r\n وبعد مرور وقت ليس بالكثير من وقت التصويت على مسودة الدستور العراقي يتضح أن القوات الأميركية منذ دخولها للعراق خسرت نحو 2000 قتيل. فأعداد القتلى الأميركيين في تزايد فقد وصلوا إلى 2.050 قتيلا أميركيا حتى منتصف نوفمبر 2005 أما الجرحى فهم 15.568 جريحا وعلى الجانب الآخر هناك تقديرات تقول بأن أعداد القتلى العراقيين المدنيين يتراوح بين 26.000 و30.000 قتيل وذلك منذ بداية الحرب, ومن ثم لا يمكن الاتفاق مع الرئيس بوش في تفاؤله بخصوص الصراع في العراق. \r\n وإضافة إلى ذلك فإن الاستفتاء على الدستور لم يجلب الالتحام السياسي بين الأطراف الثلاثة الأساسية الموجودة في العراق, السنة والشيعة والأكراد. والملاحظ أن التمرد السني في أغلبه تتسارع وتيرته في العراق. \r\n وفي غضون ذلك بدأت الأحزاب الكردية في حث آلاف الأكراد على الانتقال تجاه الثروة النفطية الكامنة في شمال المنطقة بالقرب من مدينة كركوك, وذلك في خطوة تهدف إلى تحقيق ما يأملون فيه عندما يتم الاستفتاء على مستقبل المنطقة عام 2007. \r\n وكما ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في الثلاثين من شهر أكتوبر الماضي, فان هذه الخطوة تتم خارج إطار الدستور العراقي الجديد الذي تم التصديق عليه مؤخرا بين الأكراد والأقلية العرب. \r\n ومن جانب آخر فكلفة الحرب على العراق في تزايد حيث ذكر في تقرير شهر أكتوبر الصادر من خدمة الأبحاث التابعة للكونغرس الأميركي أن كلفة تلك الحرب وصلت إلى 255 مليار دولار وتستمر في التزايد بمعدل 6 مليارات دولار شهريا. \r\n ومن البداية تم توزيع عبء الحرب بشكل غير متساو فهناك دراسة جديدة من مؤسسة (مشروع الأولويات الوطني) تقول بأن الجهود التي يبذلها الجيش بزيادة حجم القوات لمواجهة الإخفاق المتنامي في العراق تسبب بالأساس في إحداث عجز في احتياجات بعض المقاطعات الأميركية التي هي أفقر من غيرها. وملخص تقرير تلك المؤسسة يقول باستمرار الحرب في العراق مع ازدياد أعداد القتلى والجرحى يظهر واضحا أن الأسر البسيطة ذات الدخل الضعيف والمتوسط هي من يدفع الثمن الأكبر, فالجنود الشبان ذوي الفرص المحدودة هم من يضعون حياتهم على خط الجبهة. \r\n والأسوأ هو أن الجرحى العائدين من العراق ما زالوا يواجهون مشكلة عدم دفع رواتبهم. وحسب مشروع شتراوس للإصلاح العسكري التابع لمركز المعلومات بوزارة الدفاع الأميركية فان نظام الانفاق في البنتاغون يعاني من قصور شديد لدرجة أنه أعتبر بعض الجرحى انقطعوا بإجازة غير رسمية ومن ثم تم قطع رواتبهم, وآخرون حصلوا على مخصصات إعادة انتشار عسكري لم يكونوا يستحقونها بما دفعهم لاستدانة أموال يتعرضون لضغوط كبيرة لإعادتها. \r\n والأفضل لجنودنا إذا أردنا دعمهم ومساعدة العراق أن يقف على قدمه هو أن نخرج الآن, ونجعل الدعم الاقتصادي والتعاون مع العراق يحل محل الاحتلال العسكري هناك. وإلا سنظل من الآن والى عشر سنوات قادمة نسمع كيف غيرت أميركا الوضع في العراق؟ \r\n وليام هارتونغ \r\n باحث أميركي بارز في معهد السياسة الدولية بنيويورك