\r\n ويعتبر القرار الذي أجازته الوكالة ضعيفاً للغاية، حيث انه لا يحدد تاريخاً يحال فيه ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي، ولا يذكر أيضاً احتمال فرض عقوبات على إيران، وعلاوة على ذلك يشير القرار الى أن إيران حققت "تقدماً جيداً في تصحيح خروقاتها" التي يعود تاريخها إلى ما قبل أكتوبر/تشرين الأول 2003. ووصفت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" القرار بأنه "صفعة ناعمة" ولكن القرار يمثل ضربة هائلة.\r\n وقد أشرنا من قبل إلى أن السبب المحتمل وراء إصرار الولاياتالمتحدة على إجازة مثل ذلك القرار الضعيف (في وجه معارضة روسيا والصين لإصدار قرارات أكثر تشدداً) هو الوصول إلى طريق مسدود في مجلس الأمن يتيح مبرراً لعمل عسكري أمريكي وسيتضمن بالضرورة استخدام الأسلحة النووية ضد إيران. \r\n ولكن هناك سبباً آخر أقوى يدفع الولاياتالمتحدة لتشجيع إجازة هذا القرار بهذا الحماس وهو سبب ساري المفعول حتى وان لم تتم إحالة ملف إيران الى مجلس الأمن الدولي خلال الاجتماع الذي عقد في الرابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أو بعد ذلك، وذلك يؤيد السيناريو المتوقع. \r\n وقد سعت الدول غير النووية على مدى سنوات كثيرة إلى أن تصدر الدول النووية "تطمينات أمنية" ومعنى ذلك إعلان التزام من جانب الدول النووية بعدم استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير النووية، وبصرف النظر عن مدى منطقية هذه الرغبة بالنسبة للمراقب، فإن الدول النووية ظلت تمانع بشكل شائن في تقديم مثل ذلك التعهد، وعلى رأس تلك الدول الولاياتالمتحدة. \r\n ويعود تاريخ آخر تطمينات كهذه من الدول النووية الخمس إلى عام 1995 وهي تخضع لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 984 الذي أجيز بالإجماع. والوضع القانوني لهذه التطمينات ليس واضحاً تماماً، وقد استمرت الدول غير النووية في المطالبة بتطمينات "ملزمة قانوناً" الأمر الذي يوحي أن التطمينات الحالية ليست ملزمة قانوناً. وفي الحقيقة أنكر جون بولتون- الذي كان آنذاك وكيلاً لوزارة الخارجية لشؤون التحكم في الأسلحة والأمن الدولي- خلال مقابلة مع "آرمز كونترول توداي" في عام 2002 أي التزام أمريكي بقرار عام 1995. وعلى الرغم من ذلك يمكن إقامة الحجة بأن هذه التطمينات في حدها الأدنى "ملزمة سياسياً" وربما تكون "ملزمة قانوناً" أيضاً. والسبب هو أن هذه التطمينات صدرت من أجل غرض واضح هو أن تمدد الدول غير النووية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في عام 1995. وأن حقيقة كون الدول غير النووية قد مددت بالفعل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية استناداً إلى هذه التطمينات يعطيها صفة ملزمة قانوناً حتى وإن لم يكن المقصود منها في الأصل أن تكون ملزمة قانوناً وفقاً لما قاله جي. بان (1997). \r\n ويقول نص التطمينات الأمنية الأمريكية للعام 1995 (اس/1995/263): \r\n "تعيد الولاياتالمتحدة تأكيد أنها لن تستخدم الأسلحة النووية ضد الدول التي لا تملك الأسلحة النووية وهي دول أطراف في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ماعدا في حال غزو أو أي هجوم آخر على الولاياتالمتحدة أو المناطق التابعة لها أو قواتها المسلحة أو قواتها الأخرى وحلفائها أو على دولة يوجد للولايات المتحدة التزام أمني تجاهها، تنفذه أو تسانده دولة غير مالكة للأسلحة النووية بالتعاون أو التحالف مع دولة مالكة للأسلحة النووية". \r\n هذا أمر جيد، فالولاياتالمتحدة لا تستطيع شن هجوم بالأسلحة النووية على إيران التي تعتبرها طرفاً في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. ولكن فكروا جيداً، فالفقرة السابقة مباشرة في إعلان الولاياتالمتحدة تقول: \r\n "من المهم أن تفي جميع الأطراف في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التزاماتها المقررة بموجب المعاهدة. وفي ذلك الصدد وتماشياً مع مبادئ القانون الدولي المعترف بها عموماً، فإن أطراف معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يجب أن تلتزم بهذه التعهدات من أجل أن تكون مؤهلة للاستفادة من أي مزايا يحققها التمسك بالمعاهدة". \r\n وقد كانت إيران "ملتزمة" حتى 24 سبتمبر/أيلول 2005 وبعد ذلك لا تسري "ميزة" عدم تعرضها لهجوم بالأسلحة النووية. وقد أجرى جان دوبريز في عام 2003 تحليلاً لهذا الإعلان الأمريكي بشأن التطمينات الأمنية وآثارها بالنسبة للدول غير النووية، ويتسق التحليل مع الاستنتاج الذي توصلنا إليه. \r\n وكان بولتون أدلى بتصريحاته في وقت كانت الولاياتالمتحدة فيه تشجب منذ سنوات ما أسمته ببرنامج إيران السري للأسلحة النووية الذي تعتبره انتهاكاً لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. ولكن تحليل جوردون براثر التفصيلي يوضح أن "انتهاكات" إيران لا ترقى عندئذ أو الآن إلى "عدم التزام". \r\n وعلى الرغم من ذلك، ومن الناحية السياسية بالنسبة للولايات المتحدة لا يكون تطمين عام 1995 الأمني سارياً على إيران، وسيؤكد بولتون (الذي أصبح الآن مندوب الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة) هذا الأمر في المنظمة الدولية عندما يحين الوقت لتبرير الإجراء الأمريكي. \r\n ومهما كان درع إيران الواقي من الأسلحة النووية الأمريكية ضعيفاً في الماضي إلا أنه لم يعد موجوداً الآن، وسيتم تصميم أي "اقتراح تفاوض" من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة تجاه إيران بعناية بحيث لا تقبل به إيران على الأرجح. وبصرف النظر عما حدث خلال اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني ستستمر الخطة الأمريكية لضرب إيران بالأسلحة النووية في التحرك إلى الأمام بتركيز كامل ومن دون كلل. \r\n \r\n * الكاتب استاذ الفيزياء بجامعة كاليفورنيا \r\n في سان دييجو والنص منشور في موقع "انفورميشن كليرنج هاوس" \r\n