\" ولكن خليفة باول كوندوليزا رايس التي استطاعت أن تتجاوز بولتون إلى منصبها بالرغم من الدعم القوي الذي كان يجده من نائب الرئيس ديك تشيني، وقفت تشيد به أثناء الإعلان عن تعيينه كسفير لدى الأممالمتحدة. وقد أكدت أيضاً على التزام الإدارة الأميركية بإصلاح الأممالمتحدة وطفقت تكيل المديح لبولتون كأحد أصدقاء الأممالمتحدة الذي ساعد في إلغاء وإبطال قرار الجمعية العامة سيئ السمعة الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية. ولكن يتعين على رايس أن تعلم أن إبعاد بولتون من عضوية فريقها في وزارة الخارجية قد يبرهن على أنه انتصار هش إذا ما حمل معه أسلوبه المتشدد إلى أروقة الأممالمتحدة في نيويورك. \r\n \r\n إن مهمة السفير لدى الأممالمتحدة ظلت دائماً تتسم بالأهمية والحساسية ولكنها لم تكن بهذه الأهمية في أي وقت مضى. فالأممالمتحدة تواجه انتقادات مبررة وبشكل غير مسبوق فيما يتعلق بدورها في فضيحة النفط مقابل الغذاء وفشلها في منع قوات حفظ السلام من اغتصاب المدنيين في الكونغو. وفي الوقت الذي أصبح فيه العديد من النواب الجمهوريين في الكونجرس يطالبون بالإطاحة بالأمين العام كوفي عنان شرع هذا الأخير في إجراء تعديلات في فريقه الإداري وراح يذكر الولاياتالمتحدة بحاجتها الماسة إلى منظمة الأممالمتحدة. \r\n \r\n بالطبع فإن الولاياتالمتحدة تعتمد كثيراً على الأممالمتحدة من أجل تنفيذ جهود الإعمار الهائلة في المناطق التي اجتاحها طوفان \"تسونامي\" وفي أكثر من 17 مهمة لحفظ السلام في مناطق عديدة من أنحاء العالم وكذلك في دعم عملية إرساء الديمقراطية في أفغانستان والعراق بالإضافة إلى ضرورة ممارسة المنظمة ضغوطاً على إيران من أجل إيقاف برنامجها النووي. لذا فإن الأممالمتحدة وهي مقبلة على الذكرى الستين على تأسيسها لم تكن في حاجة للعديد من الإصلاحات كما هي عليه الآن. ويبدو أن الرئيس بوش يتفهم هذا الأمر جيداً. ففي ديسمبر الماضي كان قد تعهد بتحقيق ثلاثة أهداف دولية في فترته الثانية حين قال: أهم هذه الالتزامات هو الدفاع عن أمننا القومي ونشر الديمقراطية عبر بناء مؤسسات دولية فعالة ومتعددة بالإضافة إلى دعم العمل الجماعي المشترك. \r\n \r\n ولكن هل جون بولتون هو الرجل المناسب للاضطلاع بهذه الجهود؟ لقد عمل كمساعد لوزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية في الفترة من 1989 إلى 1993 وهو بذلك ربما يعتبر مؤهلاً، إلا أن سجله في مجال العمل الجماعي المشترك ما زال يثير الشكوك. وكان قد صرح لصحيفة \"وول ستريت جورنال\" قائلاً: إن أسعد لحظة طوال خدمتي الإدارية هي التي رفضت فيها إدارة بوش اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية. وكذلك فإن بولتون هو الذي قاد عملية الانسحاب من الاتفاقية المضادة للصواريخ الباليستية وأفشل الجهود الخاصة بتوقيع بروتوكول الأسلحة البيولوجية بالإضافة إلى العمل على إضعاف إمكانية التوصل إلى اتفاقية دولية تهدف للحد من الاتجار في الأسلحة الصغيرة. وكان موقف بولتون إزاء جميع هذه المبادرات يعكس سياسة الإدارة الأميركية على الأقل. غير أن بولتون كان يحمل الكثير من الآراء المتشددة التي تتناقض مع السياسة الأميركية الحالية، فقد وصف ذات مرة منظمة الأممالمتحدة بأنها \"عبارة عن سفينة عتيقة متهالكة تحتشد بالهياكل البيروقراطية\". ولكن الأخطر من ذلك أنه أشار إلى أن الولاياتالمتحدة ليست ملزمة من الناحية القانونية بدفع مستحقات الأممالمتحدة. \r\n \r\n وقد عمل بولتون أيضاً كمستشار للحكومة التايوانية وعرف عنه أنه يؤيد استقلال تايوان بالإضافة إلى ضرورة حصولها على عضوية كاملة في منظمة الأممالمتحدة، فيما يشكل موقفاً خطيراً بالنسبة إلى جهودنا الهادفة لإقناع الصين بممارسة ضغوطها على كوريا الشمالية. فهل سيعمد بولتون للتخلي عن دعمه لتايوان من أجل أن تجد لها مقعداً في الأممالمتحدة، بينما يجلس على المقعد الأميركي في مجلس الأمن؟ لقد درج بولتون على معارضة استخدام قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في النزاعات الأهلية لأنه لا يعتبر أن هذه الصراعات \"تمثل تهديداً للأمن والسلام الدوليين\". وحسب رأيه فإن الأممالمتحدة لا يجب أن تتدخل بقوات لحفظ السلام في المناطق التي ترغب فيها إدارة بوش في نشر قواتها. وكان بولتون قد أدلى بشهادته ضد تدخل الأممالمتحدة في الكونغو إبان الصراعات الداخلية التي أزهقت أرواح ثلاثة ملايين شخص. بل إنه شجب مبدأ تدخل الأممالمتحدة في النزاع الأثيوبي- الأريتري ورفض أيضاً مهمة اللجنة الإدارية للأمم المتحدة في كوسوفو وتيمور الشرقية. فهل سيتحمل بولتون كلفة هذا التحول ويعمد إلى دعم عمليات السلام التي تضطلع بها الأممالمتحدة؟. \r\n \r\n وأخيراً فإن بولتون وجه انتقاداته أيضاً لأي \"تدخل إنساني يمنع العمليات العسكرية الهادفة لتجنب حدوث تطهير عرقي أو إبادة جماعية محتملة\". لذا فإن ما يثير الدهشة هو الكيفية التي سيعمل بها بولتون لإيقاف ما تعتبره الإدارة الأميركية أعمال إبادة جماعية في دارفور. \r\n \r\n لقد أشارت كوندوليزا رايس إلى أن بولتون سيصبح سفيراً قوياً وفعالاً لدى الأممالمتحدة على طريقة جين كيركباتريك ودانييل باتريك موينهان. وإذا ما نجح هذا التعيين في تخفيف حدة انتقادات الكونجرس الشرسة للأمم المتحدة فإن هذا الأمر سيبدو حسناً. إن بإمكان بولتون أن يفاجئ العديد من المتشككين في تعيينه عبر التعامل بطريقة جديدة تنطوي على \"الاعتدال الصارم\". ومن أجل أن يفعل ذلك يتعين عليه أن يتعامل مع الأممالمتحدة بنفس الطريقة التي تعامل بها ريتشارد نيسكون مع الصين. أي التشدد الذي يؤدي إلى إحداث التغيير المطلوب. أما نحن الذين ما زلنا نعتقد أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى أمم متحدة فعالة وإيجابية فلا نملك إلا أن نتمنى له النجاح. \r\n \r\n \r\n سوزان ئي. رايس \r\n \r\n زميلة دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكلينز، عملت كمساعد \r\n لوزير الخارجية في الفترة ما بين 1997-2001 \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n