ولكن الان وبعد ان ارتدت نيران آلة العلاقات العامة للبيت الابيض الجبارة عليها، واصبحت استطلاعات الرأي تظهر انخفاضا في التاييد الشعبي لبوش الى ادنى مستوياتها، وارتفع عدد القتلى بين الجنود الاميركيين في ساحات القتال الخارجية، تعالت اصوات العديد من المعلقين والصحافيين. \r\n وفي الوقت الذي يتبادل فيه البيت الابيض وخصومه الديموقراطيون الذين دبت فيهم روح الشجاعة فجأة، الاتهامات المريرة حول العراق، طالبت الكاتبة الصحافية المرموقة كريستينا بورجيسون مساءلة وسائل الاعلام على اخطائها قبل الحرب .\r\n وفي الكتاب الذي يحمل عنوان \"في قفص الاتهام، الاعلام بعد 11/9\" يتحدث 21 صحافيا عن المبررات التي ساقتها ادارة بوش لشن الحرب الاستباقية على العراق في عام 2003 والتي قالت فيها ان نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يوفر اسلحة الدمار الشامل للارهابيين .\r\n وكان معظم هؤلاء الصحافيين قد كتبوا مقالات مشككة في الحرب قبل شنها، الا ان احدا لم يسمعها مع ارتفاع صوت طبول الحرب التي كانت محطات التلفزيون والصحف تقرعها . \r\n وكتبت بورجيسون تقول \"خلاصة القول انه في هذا الزمن الذي يبث فيه التلفزيون برامجه على مدى الساعة، انخفض الى ادنى معدل له عدد الاخبار الحقيقية والمعلومات الصحيحة التي تبثها محطات التلفزيون حول ما يحدث في ساحة السلطة في هذا البلد وما يحدث حول العالم \".\r\n وكتبت تقول حول المؤسسة الاعلامية التي بدا الكثير منها متحمسا لشن الحرب اكثر حتى من البيت الابيض \"هناك اعلام دعائي واخبار مزيفة تقدم تحت قناع الاخبار الحقيقية تقدمها لنا الحكومة الاميركية \".\r\n ويضم الكتاب اراء العديد من الصحافيين الذين يغطون اخبار واشنطن اضافة الى مراسلي الحرب ومن بينهم صحافيون مخضرمون مثل بيتر ارنت وولتر بينكوس ومراسل شبكة \"ايه.بي.سي\" الاخبارية تيد كوبيل . \r\n ويثير الكتاب تساؤلات حول ما اذا كان البيت الابيض قد خدع الاعلام الاميركي ام انه لم يكن مسؤولا او انه ساهم في الحملة لشن الحرب على العراق ام ان كبار الصحافيين كانوا مقربين كثيرا الى المصادر الحكومية . \r\n وقال جيمس بامفورد خبير الاستخبارات والصحافي المستقل في الكتاب انه \"مع القليل من الاستثناءات، فان الصحافة المطبوعة والمرئية لم تقدم سوى تغطية ضعيفة\" الا انه استثنى بينكوس الذي يعمل في صحيفة \"واشنطن بوست\" وشركة \"نايت ريدر\" لنشر الصحف والمطبوعات الاميركية . \r\n واضاف \"كانت المشكلة ان هؤلاء الاشخاص كانوا يقاتلون تفكيرا متصلبا كان يقبل بمنطق ادارة بوش لشن الحرب على العراق في الوقت الذي كان عليهم ان يشككوا في ذلك المنطق\". اما هيلين توماس، مخضرمة صحافيي البيت الابيض، فتقول في الكتاب ان الاعلام شعر بالجبن بسبب انعكاسات هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدة . \r\n وقالت \"بعد 11/9 اصبح على الصحافة الاميركية ان تصبح فجأة اكثر الجهات وطنية ... وغرقت الصحافة في حالة من الغيبوبة \". \r\n وعندما بدأت الادارة الاميركية تدعو الى شن الحرب على العراق، كانت البلاد لا تزال تتعافى من وطنيتها الجريحة . \r\n غير ان جون ماك ارثر ناشر ورئيس تحرير مجلة \"هاربر\" لا يرى في ذلك مبررا يمنع الصحافيين من طرح الاسئلة حول توسيع \"الحرب على الارهاب\" لتشمل العراق . \r\n وقال \"الامر يرثى له، وهو أسوأ ما كان عليه حتى قبل فيتنام \". \r\n وقد تاججت النقاشات حول اسباب الحرب على العراق بعد الاتهامات التي صدرت الشهر الماضي بحق لويس ليبي كبير موظفي مكتب نائب الرئيس ديك تشيني في تسريب اسم عميلة سرية في وكالة الاستخبارات الاميركية (سي.اي.ايه) للصحافة . \r\n ويتهم عدد من كبار الصحافيين ومن بينهم الصحافية السابقة في صحيفة نيويورك تايمز جوديث ميلر، بالسماح لانفسهم بان يكونوا اداة في يد مسؤولين بارزين يواجهون الان حقيقة ان المعلومات الاستخباراتية التي استندت اليها الحرب على العراق كاذبة . \r\n وكانت صحيفة نيويورك تايمز وعدد من الصحف الاخرى قد نشرت مقالات وتوضيحات لتغطياتها التي سبقت الحرب على الارهاب بعدم عدم العثور على اي اسلحة دمار شامل في العراق . \r\n ويعتقد بعض المحللين ان الصحافة الاميركية الذي تستند حرياتها الى الدستور الاميركي، اقل استعدادا لمواجهة السلطة من الصحافة غير الاميركية . \r\n وقال ماك ارثر \"لا احد يرغب في ان يكون معزولا اجتماعيا \".\r\n واضاف \"الكل يرغب في ان يكون في واشنطن ... الكل يرغب في ان يكون جزءا من هيكل السلطة، واذا كان اخذ تسريب من مصدر مسؤول يمنحك مكانة داخل المؤسسة الاخبارية التي تعمل فيها ... فان الاقتراب من تشيني ورامسفلد يعد امرا رائعا، اذا كان ذلك سيعزز مركزك ويجعلك تحصل على مزيد من الترقيات \". \r\n وقالت بورجيسون أن الدروس التي تعلمناها من السنوات القليلة الماضية تظهر حاجة الاعلام الى التغيير . \r\n واضافت \"يجب تخفيف التركيز على تقديم التقارير التي تستند الى مصادر رسمية، والطريقة الافضل هي تقديم التقارير التي تستند الى المصادر التي تقل عن المصادر الرسمية \".