فبعد سنوات من التردد والتأخير بشأن هذا الانضمام، فإن أكثر التقديرات تفاؤلا هي تلك التي تقدر أن تركيا يمكن أن تنضم إلى الاتحاد خلال 10 سنوات، بينما الحقيقة هي أن فرصها في الانضمام تتقلص يوما بعد يوم نتيجة للتغيرات السريعة التي تحدث في المشهد السياسي الأوروبي. فلنأخذ مثلا حالة فرنساوألمانيا. فبعد أن رفض الفرنسيون الدستور الأوروبي في وقت سابق من هذا العام، فإن باريس غدت أكثر انتقادا لتركيا. ففي هذا السياق نجد مثلا أن رئيس الوزراء الفرنسي ''دومينيك دوفيلبان'' يتحدث الآن علناً عن إيقاف مفاوضات العضوية مع تركيا. ويمكن لآمال تركيا في الانضمام للاتحاد أن تتدهور أكثر فأكثر، إذا ما فاز ''نيكولا ساركوزي'' النجم الصاعد في الفضاء السياسي الفرنسي في الانتخابات الرئاسية في بلاده، والتي ستعقد عام 2007 وذلك بعد أن أعلن بشكل صريح أن: '' تركيا ليس لها مكان في الاتحاد الأوروبي''. وعلى نفس المنوال، إذا ما انتهى الحال في ألمانيا بترؤس ''أنجيلا ميركيل'' لحكومة ائتلافية، فإن ذلك يمكن أن يحول هذا البلد من داعم رئيسي لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي إلى واحد من ألد المعارضين لهذا الانضمام. فحزب السيدة ميركيل، كان يعلن بشكل مستمر أنه بدلا من منح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد، فإنه يفضل الدخول معها في ''علاقة شراكة متميزة''. والإنهاك الذي تشعر به تركيا الآن، غدا واضحا للغاية في أعين الصفوة الأوروبية في بروكسل التي لم تعد قادرة على تجاهله أكثر من ذلك. ولكن المشكلة أن المفوضية الأوروبية المنقسمة على نفسها بشكل ميئوس من علاجه حول مسألة انضمام تركيا، لم تقدم نموذجا للقيادة في هذا الصدد بل كان كل ما قدمته عبارة عن مسودة وثيقة توافق علي انضمام تركيا وترفضه في آن معاً. ومن المحتم في هذا السياق، أن يقوم الاتحاد الأوروبي بعمل عدة بدائل سياسية حقيقية لموقفه الحالي بشأن انضمام تركيا إليه والذي يقوم إما على السماح لها بالانضمام أو رفض ذلك الانضمام تماما. فالاتحاد الأوروبي يجب أن يطور بديلا سياسيا، يمكنه اللجوء إليه في حالة رفض انضمام تركيا. وهذا البديل يجب أن يشمل ضمن ما يشمل تكوين علاقات شراكة مميزة بالمعنى الحقيقي للكلمة، أي عمل أجندة واضحة وعملية لترقية العلاقات في المجالات ذات الاهتمام المشترك تتضمن تقديم مكافآت فورية لأنقرة، لأن هناك حقيقة ثابتة تعلو فوق اعتبارات الشك السياسي الذي يشعر به الغرب تجاه تركيا وهي: موقعها الجيو- استراتيجي، وهويتها العلمانية، وطبيعة نظامها السياسي الديمقراطي، بشكل يجعل من تجاهلها أمرا غير ممكن. وإذا ما أراد الاتحاد الأوروبي أن يحافظ على التوجه التركي نحو الغرب فإنه يجب أن يعمل على تقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع أنقرة وذلك على ضوء المعطيات التالية: \r\n - أن الاتحاد الأوروبي يمثل سوق التصدير الرئيسية لتركيا، وبالتالي فإن إجراء المزيد من عمليات التحديث في ذلك الاقتصاد سيؤدي إلى تحديثه وزيادة معدلات نموه. \r\n - أن ترقية التعاون السياسي بين تركيا ودول الاتحاد غدت مسألة غاية في الأهمية، وخصوصا أن تركيا يمكن أن تقدم مساهمات ذات قيمة فيما يتعلق بسياسات منطقة البحر الأسود. \r\n - أهمية التعاون مع تركيا في المجالات العسكرية والأمنية، خصوصا وأن تركيا تعتبر من الدول الأعضاء في حلف الناتو، التي تمتلك إمكانيات عسكرية ضخمة يمكنها أن تساهم -بالتعاون مع قوات الاتحاد الأوروبي- في القيام بمهام عسكرية في منطقة البلقان ذات الأهمية للطرفين. \r\n أما فيما يتعلق بالولاياتالمتحدة وباعتبارها صديقا تقليديا لأنقرة، فإنها يجب أن يكون لها طريقها الخاص بعيداً عن وجهات النظر الرافضة لانضمام تركيا والموافقة عليه، وأن تعمل على تذكير جميع المنخرطين في هذا السجال سواء من الجانب التركي أو من الجانب الأوروبي بالأشياء المعرضة للخطر. فأسوأ سيناريو يمكن أن يحدث هو استمرار تلك المفاوضات الشاقة لانضمام تركيا لفترة قد تتجاوز عقداً كاملاً من الزمن، يعقبها بعد ذلك الرفض. \r\n وأوروبا والولاياتالمتحدة لا تستطيعان أن تقفا ساكنتين في انتظار حدوث شيء ما، وإنما يجب بدلا من ذلك أن تعمل الولاياتالمتحدة بشكل وثيق مع أصدقائها الأوروبيين لتحويل سيناريو الشراكة الممتازة إلى بديل قابل للحياة يمكن اللجوء إليه في حالة ما إذا فشلت محاولات انضمام أنقرة إلى الاتحاد. فتركيا كما قلنا هي دولة مهمة بدرجة لا تسمح لنا بتركها خارج الاتحاد تماماً. \r\n جون سي. هلسمان \r\n زميل أول متخصص في الشؤون الأوروبية بمؤسسة التراث- واشنطن \r\n اليكسندرا سكيبا \r\n باحثة بمركز ''اليسون سنتر'' للعلاقات الدولية التابع لمؤسسة التراث- واشنطن \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''